23 ديسمبر، 2024 2:51 ص

استفتاء كردستان : التصويت ب “نعم ” لدولة دون كيخوت الميته !

استفتاء كردستان : التصويت ب “نعم ” لدولة دون كيخوت الميته !

قضية الاستفتاء في ظروف غير مستقرة في العراق والوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط لاترسم اي لوحة سياسية مستقلة لأي كيان أنفصالي , على الرغم من أن درجة الميول لدول العالم لهذا الموضوع هو الصفر عدا الكيان الصهيوني لأنه يبحث عن تطور في خارطة العراق اولا بمايخدم تحقيق أمنه الأقتصادي ووجوده في منطقة بلغت فيها مستويات التناحر الى أشدها .
دأب الكيان الصهيوني منذ النكسة على رصد صفحات متتالية اشد ضراوة من الحرب في مجابهة العرب , وهم يصرحون نهارا جهارا بتدمير كل مراكز القوة العربية من دون مواربة , وهكذا بدأت مؤامرة ثورات الربيع العربي والقاعدة وأغصانها الشريرة وداعش وأخواتها السود لتكون رأس الحربة في أقتتال العرب فيما بينهم ليحصدوا التحولات السياسية والجيوسياسية التي تخدم مصالحهم في دعم وجودهم على أرض فلسطين العربية متبعين سياسة ” كن لطيفا مع عدوك ” Be gentle with your enemy.
أن شكل الحكومات العربية وخاصة دول المواجهة وإن كانت صنمية أو بقيادات دون كيخوتيه هي التي يطمح لها الكيان الصهيوني وليس الجماهير المعبرة عن سخطها تجاه كيانها , لأن هذه الحكومات تتغير بسهولة بموجب القوانين الديمقراطية التي رسموها في الشرق الأوسط على وجه الخصوص .
ولكون العرب غير قادرين على شيء يضر الكيان الصهيوني طالما هم ماضون في لعبة الديمقراطية التي استوردوها لهم كنتيجة للحروب التي افتعلوها في المنطقة العربية , لذلك خرج الكيان الصهيوني من فصول السياسة القديمة التي تذكر بهزائمهم ليدخل عهدا جديدا وهو ” عهد أختلاق الخصومات ” بين الشعوب العربية , وقد تكشف هذا العهد في ثورات الربيع العربي التي بدأت في سوريا وليبيا .. الخ .
من هنا لانستبعد نجاح الأستراتيجية التي أتبعتها الصهيونية , إذ بدا ممكنا أن يتحول أي نظام من أنظمة الدول العربية الى قائمة أصدقاء أسرائيل في الخفاء او العلن طالما انقسم سياسو هذه البلدان على انفسهم بسبب الخصومات ذات العنوانات المتعددة وأولها ” الأرهاب ” الذي صنعتة الدول الكبرى كمائدة للعرب ليقتتلوا حولها .
إن مايثير القلق والتسائل والدهشة على حد سواء هو سياسة أقليم كردستان إزاء بغداد وتركيا وأيران , فهي تتبع سياسة ” كن لطيفا مع عدوك ” وكأنها نظرية أثبتت نجاحها , بل وملهمة . وما تعليقات الرئيس المنتهية شرعيته , الغارقه بالعاطفة والحنين وتعليقات من يدعم موقفه من السياسيين والبرلمانيين إلا مثالا على ذلك .
ولكن لاشائبة في ذلك إذا كان الفكر الذي ينتجها يعي حقا مايقول ويستمع الى القول فيتبع أحسنه ولكن لاشيء من هذا القبيل . فالوقائع تدل الى عكس ذلك , إذ تنتقل التعليقات من شكل عنيد الى شكل أكثر عصيانا للدستور والشرعية .
يقول ماركس : ” الحركة الأجتماعية عملية طبيعية تأريخية تسيرها قوانين وتحتاج الى عنصر واعي ليلعب هذا الدور الخاضع ” . من هنا نسأل : اليست كردستان جزء من الأرض العراقية قديما وحديثا وخاضعة لدستوره وقوانينه ؟ إذن لماذا لايعترف السيد مسعود بالقوانين التي تحرك المجتمع ؟
إن تحويل كردستان العراق الى ذات مستقلة هي فكرة مثالية في واقع مادي معوق ينبغي تأهيله , إذ لم تحل مشاكله الداخلية , الجوهرية , وفي مجتمع واجهته الأمامية قائمه على حكم عائلي وواجهته الخلفية برؤوس قادة مليئة بالغرور واللهفة على تأسيس دولة , والحقد والخوف على مصالحها مع العلم أن الربح الصافي ليس لهم بل لأسرائيل عدوة العرب وهم يعرفون ذلك بأمتياز.
هناك أقاليم تشبه أقليم كردستان ولا تقل عمقا في خلافها مع الحكومات الفيدرالية أو الأتحادية مثل كاتلونيا في أسبانيا وأسكتلندا في بريطانيا والبنجاب وكشمير وأقليم أراكان في بورما والقائمة تطول , ولكنها خاضعة لقوانين بلدانهم . الجدير بالذكر ان الحكومة الأسبانية أعتقلت الزعماء الأنفصاليين الكاتلونيين في إجراء لم تتبعه الحكومة العراقية الأتحادية لأنها عليها التزامات أخلاقية ودينية معروفة , فهل يرفض السيد مسعود البرزاني قوانين البلاد ويجرؤ على عدم الأعتراف بها علنا ؟ وإن لم يفعل ذلك فهل يرضى ان يكون صنما بثياب دون كيخوت ليؤسس دولته الميته ؟!