كانت تطير في أرجاء الغرفة وتدور في كل زواياها تناولت مضربة الذبان و ركضت وراءها … كانت تهرب من مضربة الذبان التي لاحقتها في كل أرجاء المكان … كنت انتظر أن تستقر ولو للحظة واحدة لكي اصطادها بتلك المضربة لكنها كانت تحارب ولم تستسلم وكأنها تحاول الهرب من مدينة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية ….
مضت ساعة ثم جلست وشبحت بعينيها نحوي وكأنها تنظر نظرة عتب لتقول ارحمني فما عمري سوى 72 ساعة …
تركتها تستمتع في نهاية دورتها في الحياة …و جلست أرى دورة حياتي التي لم تكمل عامها الأول حتى جاءت حرب الثمانينات التي أكلت الاخضر واليابس وما أن انتهت الحرب مع جمهورية إيران الإسلامية ولم نستكمل عامين من السلام لتختار الديكتاتورية العسكرية التي فرضت قراراتها على القيادات العسكرية الأدنى حربها ضد دولة الكويت الشقيقة …
وجاءت حقبة التسعينات المريرة التي لا تستطيع هذه السطور أن تدرج حجم معاناة شعب كامل عانى فيه الاطفال الرضع من نقص الحليب وعانى الشياب الركع من نقص الدواء وعانى الشباب من ملاحقة الانضباط تلك الملاحقات التي انستهم جوعهم وان يستمتعوا بشبابهم… ام تستطيع تلك السطور أن تدرج ماعانت أرحام الأمهات من آلام ومحن كانت تنثرها فجراً على نار التنور و تواسيها مع حرارة الظهيرة وانقطاع الكهرباء وتلوليلها ليلاً لتسهر على ذكريات شهيدها …
وما أن انتهت حقبة التسعينات وجاء القرن الواحد والعشرين ومع إطلالة السنة الثالثة من الألفية الثالثة أشرق أمل جديد لشعب عانى ماعانى وانتهت حقبة الديكتاتورية العسكرية وجاءت حقبة الانتخابات والحرية والتي لم تر النور حتى بدأت ايام الذبح على الهوية والتفجيرات العشوائية وكأنها توصل الرسالة لهذا الشعب المسكين أن لا فرحة لك في أيام الديمقراطية …
التمت شراذمة الآفاق وعصابات الظلام من كل الأقطار لتجتمع تحت اسم داعش وكالعادة لن تجد غير شعب العراق لتحط على أرضه وتحرق خيراته ….
على مدى أربع حقب من السنوات الطويلة المظلمة كنت أعيش كفرد من شعب في بلد نقدم فيه التضحيات على أمل أن نرى عراقا سيد نفسه … ومع إطلالة كل صباح كان يشرق فينا نحن الشباب أمل جديد تقتله مع حر الظهيرة عصابات النفاق وتجار الحروب…. وهكذا نحن اليوم نستغيث بشبابنا الضعيف كاستغاثة تلك الذبابة في بداية المقالة لننادي .. يامن بيده القرار ويا أصحاب الكلمة أن ما بقى من حياتنا ليس بقدر ما مضى فدعوا لنا سنتين نعيشها بسلام …
فكفى الشعب ما عاناه …