23 ديسمبر، 2024 10:05 ص

استشهاد الامام جعفر الصادق لا الخرساني رجله ولا الزمان زمانه

استشهاد الامام جعفر الصادق لا الخرساني رجله ولا الزمان زمانه

شكل الامام جعفر الصادق، علامة توطد وحدة صف المسلمين، من المذاهب كافة.. فقهيا واجرائيا؛ فبعد سنتين، قضاهما الامام ابو حنيفة النعمان، طالبا على يد الصادق، صرح بقولته الشهيرة: “لولا السنتان لهلك النعمان” وهو شيخ ائمة المذاهب الخمسة في الاسلام الحنيف، تطبيقا للحديث النبوي الشريف: “الاختلاف في أمتي رحمة” اي السعي في الارض نشرا للاسلام، ومعانيه وأخلاقه ومقوماته، وتنوع فهم مبادئه؛ التي قدم بموجبها الائمة رسائل، تمنح المؤمن حرية اختيار اقربها يسرا لاستعدادته؛ كي ينتهجها في اداء فروض وشعائر ومناسك الاسلام.
في ما بعد انحرفت السياسة بالمذاهب، احترابا، يفرغ الشعب من قوته.. ضعفا، تقوى بموجبه السلطة الحاكمة.
عظماء المذاهب كافة، تلامتذته، مباشرة او بالنقل، فهو الرابط بين الخلفاء الراشدين؛ من حيث والدته ام فروة بنت القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق (رض) وجدته لأمه بنت عبد الرحمن بن ابي بكر؛ لذا يقول (ع): اولدني ابو بكر مرتين.
ظل الامام جعفر الصادق، يدعو الى توحيد الخطاب الاسلامي؛ بما يوحد موقف ابناء الامة، في الوقت الذي تريد به الخلافة مجتمعا تتآكله الاحقاد المتبادلة بغضا؛ يوهنه ويقوي اركان الكرسي؛ فسمه ابو جعفر المنصور.
حكمة رجل بتقوى وورع وعقل واتزان الصادق، لن تروق للمنصور الذي شيد حكمه على جماجم كانت تحوي عقولا راجحة، وابقى خفاف العقول يزدريها كي لا تداهم كرسيه.
ابو سلمة الخلال.. مؤسس الدولة العباسية، بعث رسالة لجعفر الصدق، يخبره فيها انه عازم على تسليم السلطة، للعلويين؛ فلم يجبه، وبعث ابو مسلم الخلال، حائك لعبة الخلافة العباسية، ومدبر شؤونها، ثلاث رسائل اليه، بشأن تسيلم الخلافة للصادق، فلم يرد عليه، الا بجملة واحدة، اختزلت العهد والمرحلة والناس والمجتمع، جاء في نصها: “لا انت برجلي ولا الزمان زماني”.
فهو زاهد بالسلطة والنفوذ، قدر اخلاصه للاسلام والعلم؛ لأن اولاد علي.. خاصة فرع الحسين (ع) اتجهوا للعلم، باستثناء زيد بن علي بن الحسين، الذي اتجه للثورة؛ نتيجة خلاف شديد مع هشام بن عبد الملك، من خلال ثورة شبيهة بطف جده الحسين (ع) من حيث التفاف العراقيين.. بدءاً وانفضاضهم من حوله عند الجد.
حتى قال فيه الصادق: “رحم الله عمي زيدا، كان صواما قواما متبعا لسنة جدي رسول الله”.
استذكار شهادة جعفر الصادق، الفقيه الموسوعي الذي احاط بالعلوم التطبيقية، شمولا لا يقل عن الفقه والتشريع الديني، من دون ان يتكسب من علمه وفقهه؛ انما عمل خضارا، يعتاش من عرق جبينه، منقطعا لله والاسلام وخدمة العلم، بروح الهواة اكثر من محترفي الارتزاق بعلمهم.