23 ديسمبر، 2024 4:48 ص

استراتيجية “الغزوات الداعشية” في الحروب التمويهية‎

استراتيجية “الغزوات الداعشية” في الحروب التمويهية‎

هزيمة تنظيم داعش في العراق وتراجعاته المتتالية في الجبهات وعدم قدرتهعلى خوض المواجهات المباشرة بل عجزه حتى عن شن هجمات الاستنزاف كما كانيفعل طوال الأشهر الماضية وتفتته وتمزق قطاعاته وتناثر وجوده وهلاكالكثير من قياداته العليا والوسطى وانحسار انتشاره في أطراف الانباروفقدانه للكثير من المواقع ومراكز القيادة والسيطرة كل ذلك دفعه لتغييراستراتيجيته لضرب عمق المدن واستهداف الامن الداخلي ما يعني ان المرحلةالقادمة ستكون مرحلة “الغزوات الداعشية”.
مشكلة الامن في العراق يتحملها بالأساس الاحتلال الأميركي الذي شكلالمنظومة الأمنية والعسكرية الجديدة والمخترقة على حساب مصالحه ومقاساتهبما يحقق أهدافه بعد ان بدأ بحل منظومة الجيش العراقي السابق بدلا منمعالجة وضعه وتصحيح مساره واوجد فراغ قوة ملأته القوى البعثية الداخليةوالحركات التكفيرية القادمة من وراء الحدود بعد ان فتح هذه الحدود علىمصراعيها تنفيذا لاستراتيجيته التي اعلن عنها الرئيس الأميركي آنذاك بوشالابن بصراحة قائلا ان العراق سيكون الميدان الأول للولايات المتحدة بوجهالإرهاب فبات البلد ساحة لتصفية الحساب وإدارة المعركة مع جماعات صنعتهاوما تزال تديرها واشنطن! وهذا يعني ان مشكلة المنظومة الأمنية والعسكريةالعراقية لن تحل الا بإبعادها عن الإرادة والسياقات الأميركية التي تعداصل المشكلة.
يعتمد الامن الحديث في زمن الحروب الجديدة اللامتماثلة والمركبة والدافئةعلى الجهود الاستخبارية والوسائل الوقائية والتكنولوجيا الحديثة والبناءالمؤسساتي المهني أساسا في عمله وكلها عناصر مفقودة في الامن العراقيالذي نشر ما يقرب من 1300 سيطرة ونقطة تفتيش في بغداد دون ان ينجح فيايقاف استهداف الأبرياء رغم تكرار الأساليب الاجرامية التي تمارسهاالجماعات التكفيرية المسلحة.
الفساد والمحسوبية والتضخم وانعدام المهنية وشراء المناصب والاختراق منقبل البعثيين والتكفيريين وعملاء الاميركيين وغيرهم وغياب الخطط والرؤىالمستقبلية وعدم الاستفادة من الدروس الهائلة وخضوع المنظومة الأمنيةللابتزاز والضغوطات السياسية إضافة الى الاستهداف الاقليمي الطائفيوالدولي الخارجي هي اهم مشاكل الامن العراقي.
متلازمة الامن والسياسية حاضرة بقوة في المشهد العراقي فما دام تنظيمداعش مرتبط سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة بقوى محلية وإقليمية ودوليةفحتما سيكون لتوقيت هجماته اهداف سياسية لاسيما انها تتزامن مع ازمةسياسية خانقة واوضاع متأزمة يسعى البعض من خلالها الى فرض خيارات سياسيةمعينة لصالح جهات سياسية محددة.
الغرض الأول من استهداف مدينة الصدر بما تمثله من عمق شيعي ومدينةالكاظمية المقدسة بما لها من مكانة وغيرهما من مناطق الشيعة هو دعوةلردات فعل غير محسوبة من قبل الشيعة تعيد تأزيم الأجواء الطائفية من جديدلاسيما مع وجود معلومات شبه مؤكدة عن تصاعد التفجيرات خلال الأيامالقادمة اما الغرض الثاني من هذه التفجيرات فهو تعميق الازمة السياسيةالشيعية – الشيعية بين بعض الأطراف التي تتبادل الاتهامات وتلقي علىبعضها البعض باللوم منذ حادثة اقتحام البرلمان الأخيرة وقع البعض في فخها- التفجيرات – لتصفية حسابات سياسية دون ان يلتفتوا الى ان كل ما يجرييأتي في سياق ما يسمى بـ “الحروب التمويهية” التي تحرف الأنظار عن ميدانالصراع الحقيقي الذي تعمل فيه اميركا خلف الستار لا لترسيخ خرائط التقسيمالكونفدرالي بين الأقاليم الثلاث المنتظرة فقط بل لرسم كانتونات جديدةداخل بغداد أيضا تجلى من خلال دعوة البعض لتوفير حماية ذاتية للمناطقالمستهدفة!.