19 ديسمبر، 2024 1:50 ص

استراتيجيات  الإصلاح… بين الجوهر و السطحية

استراتيجيات  الإصلاح… بين الجوهر و السطحية

يحاول البعض عمدًا عرقلة الاصلاحات والتغيير الوزاري الذي ينوي رئيس مجلس الوزراء اجرائها بعد ان قدم الاسماء لمجلس النواب لدراستها  وبيان موقفه منها ، هذا الكم القليل يريد ان  يذهب بالبلد والعملية السياسية الى منزلق خطير مع وجود تحديات أمنية وسياسية واقتصادية وحرب ضروس ضد قوى الشر، مما يحتم كشف اصحاب المصالح الخاصة ومن يريد الحفاظ على امتيازاته من اجل أن نسير بالبلد الى بر الامان والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وتحقيق الاصلاحات التي يريدها المواطنون، والتي عبر عنها المتظاهرون في اعتصاماتهم.
اهداف  التغيير الوزاري يعني تنشيط جميع القطاعات و تغيير الوجوه لايعني ان الامور محسومة لتطهير المؤسسات من الفساد بشكل سلس ولايمكن ان تحسم على المدى القريب ولاتعطي ثمارها في زمن قصير، حيث الفساد قد استشرى في الكثير من المؤسسات تعمل بشكل مافيات تقاد من داخل الدوائر والمرافق الحكومية وخارجها وخاصة التي لها تماس مباشر مع المواطن . كما هناك اجراءات يجب اتخاذها في ما يخص محاربة الفساد وهناك اصلاحات في قطاعات الاقتصاد والصناعة والزراعة والاستثمار وغيرها ، وان التحديات التي يمر بها البلد قوية يقتضي الوقت والامكانات الازمة لازالت تلك التحديات وتطهير البؤرمن شخوصها ولكي تكون النتائج الايجابية سليمة يمكن البناء عليها للمستقبل .
  الفساد ظاهرة داخلة في كل قطاعات المجتمع والمؤسسات وعلائقها،لا بد  من إجراء إصلاح شامل يتطلب تغييرات في سلسلة الإجراءات المؤسسية وفي مجالات  عدة ، كالهياكل التنظيمية لمؤسسات الدولة، وإدارة شؤون العاملين ،  والمالية العامة ، ومراجعة قوانين الخدمة المدنية ، كونها من الأهداف  الرئيسة في الحد من الفساد. ابتداءً من الدولة بمؤسساتها الرسميــة التشريعيــــــــة والتنفيذية والقضائية ومؤسسات الثقافة والاعلام، وانتهاءاً بالأفراد في تعاملاتهم اليومية حيث يبرز الفساد الإداري بصورة اكثر وضوحاً ، كما ان هناك تركات من الماضي أثاره أكثر خطورة و في مقدمتها السياسات التي اتبعت ابان العهد البائد اما متعمدة اوخاطئة حيناً اخر في إناطة مسؤوليات كبيرة وصلاحيات واسعة لأشخاص غير كفوئين لا يحملون من مؤهلات غير الطاعة و الولاء الأعمى للطاغية وحاشيته المرتزقة والحزبيين المتزلفين ،
في العراق يبرز الفساد الإداري بصورة اكثر وضوحاً ويرجع ذلك لأسباب عديدة، ، والذين غالباً ما يعفون من اية محاسبة مهما كانت مستوى الأخطاء المرتكبة حتى اذا كانت مصيرية  وفي ظل هشاشة المساءلة والمحاسبة وتراخي قوانين العقوبات الرادعة، فضلاً عن عدم نزاهة القليل من الجهاز القضائي، وفي ظل غياب الشفافية والعلانية والمساءلة مع تغييب كامل لدور السلطة التشريعية في الرقابة والتنفيذية، ان تلجأ هذه الفئة الى تعيين الموظفين في المواقع الإدارية العليا على أساس المحسوبية والمنسوبية وهو اخطر انواع الفساد، الامر الذي ادى الى ضعف في فاعلية الأداء المؤسساتي وتدني مستوى الأداء الاقتصادي وانخفاض مستوى الدخول خاصة في المستويات الدنيا للبيروقراطية ، وهنا يحتاج الى تشكيل مجلس الخدمة للدولة لتقيم الكفاءات العلمية والاشراف على التعيين في دوائرها .
 اي اصلاح في العراق لابد وان يبدأ في وضع معالجات حقيقية وجادة لمكافحة الفساد عبر تفعيل دور مؤسسات الرقابة بعد تشديد القوانين . و ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دال على تدني الرقابة الحكومية، وضعف القانون، وغياب التشريعات، و ينشط الفساد نتيجة لفقدان المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو المجموعات على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي دور العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة، والنزاهة، في شغل الوظائف العامة . الفساد له آلياته التي تؤثر في نسيج المجتمع وسلوكيات افراده مما  يكون له آثارمعكوسة واضحـــة ومباشرة علـــى التنميـــــــة في جميع المجالات  ويمكن ذكر البعض من الطرق الغير النزيهة التي يجري العمل بها وكما يلي ..
1 – استخدام المال للتعجيل في انجاز المعاملات ويسمى بالعمولات وهو المال الذي يدفع لموظفي الحكومة لتعجيل النظرفي أمر خاص للغير…
2- استغلال الفساد الحكومي او الإداري من قبل القطاع الخاص ، وشجع هذا النوع  من الفساد تسليم مشاريع اقتصادية لشركات معينة خارج إطار المناقصات، مقابل مادة او نفع مما يؤثر على نزاهة العملية ويضر بالصالح العام او اشتراك بنوك معينة في عمليات مالية مشبوهة مثل تمويه الأرصدة المخالفه  للقوانين واللوائح والقيم والأخلاق ( غسيل الاموال) .
3- السرية التامة في ممارسة الفساد وبطريقة غير مباشرة والاعتماد على التحايل والخديعة في التعامل…
4- وضع العراقيل امام المراجعين بسبب الروتين القاتل  في عمل دوائرالدولة والتي سهلت في التقاعس الاداري و اداء الواجب على حساب معاملات المواطنين
5- انتشار الرشوة في القطاعين العام والخاص والاختلاس بجميع وجوهه وإساءة استغلال الوظيفة  والثراء غير المشروع وعدم التقيد بالقوانين والانظمة ، وعدم تقديم الخدمة بعدالة ومساواة وغياب محاسبات من اين لك هذا …
6- الاستغلال غير المشروع من قبل الموظف للصلاحيات الإدارية او المنصب الحكومي المخول به وفق القانون و لإغراض شخصية او نفعية او لميول او قبلية و كل ما يدخل تحت ظلال المحسوبية والمنسوبية مما يخل بعدالة العمل الحكومي الإداري وهذا النمط يمارس بشكل كبير عند اعضاء مجلس النواب والوزراء والمدراء العامين وشيوخ العشائر وحتى يصل الى الدرجات الادنى…
يمكن معالجة الفساد اولاً في اعداد المناهج التربوية والثقافية عبر وسائل الأعلام المختلفة لإنشاء ثقافة النزاهة وحفظ المال العام عن طريق استراتيجية طويلة المدى لغرض تحقيق الولاء والانتماء بين الفرد والدولة حيث إن القانون ليس هو الرادع الوحيد للفساد وإنما يجب إن تكون هناك ثقافة النزاهة وحفظ المال العام . واعتماد الوسائل الالكترونية في متابعة المراجعات من الوسائل المتطورة في مكافحة الفساد في العالم ، إذ تستخدم  تكنولوجيا الاتصالات ، كالانترنت لتطوير سير أعمال الحكومة وتمكين أكبر عدد  من المواطنين في حيازة المعلومات ، ومثل هذه التكنولوجيا تساعد في  الانطلاق نحو شفافية أكبر وفساد إداري أقل ، لأنها تحد من بعض الفرص  السانحة للأعمال الاجتهادية التي تولد الفساد ، كما تزيد من فرص الكشف عن  الفساد من خلال الاحتفاظ بمعلومات مفصلة بشأن الصفقات المالية مما يمكن من  ملاحقة المفسدين ومتابعتهم والربط بينهم وبين تصرفاتهم وأعمالهم الخاطئة ،  وأنها تمكن المواطنين على كشف الفساد .
 ويمكن تحديد البعض من الاجراءات الكفيلة التي قد تقلل وتساعد من القضاء على ظاهرة الفساد بعد اتخاذ الاجراءات التالية :-
ا- في تبسيط الإجراءات الإدارية والحد من المستندات المطلوبة للحصول علي الخدمة مع وضع مدونة إجراءات إدارية واضحة. والتقليل من القرارات الارتجالية التقديرية بوضع معايير دقيقة يستند إليها في أدائه لعمله وفق تعليمات مشددة ومتابعة مستمرة  .ب – التقليل من الاتصال المباشر بين الموظف وطالب الخدمة ،الحد إلي أكبر قدر من تعامل الموظفين المباشر بالمال فالرسوم والغرامات تدفع الكترونيا . ويتم إنشاء إدارة تتولى  تعليم المواطنين كيفية الدفع الالكتروني.ت – التوسع في تقديم الخدمات بالطريق الالكتروني،.ث – وضع أنظمة شفافة تؤدي إلي التقليل إلي حد كبير من الأسرار التي يملكها الموظف العام بسبب وظيفته.ج- إنشاء هيئة لمراجعة تاريخ الأفراد قبل توظيفهم لضمان عدم تولي أي شخص لمنصب قيادي أو عمل سياسي بسبب شبهات سابقة بالفساد.ج – الحد من نشر ثقافة الفساد و منع نشر إشاعات عن حالات فساد دون وجود أدلة واضحة، واعتبار ذلك جريمة في حد ذاته.خ- حظر استعمال الصفة في الأماكن التي تقدم خدمات بالنسبة للقضاة وأعضاء النيابة العامة والموظفين العامين كافة.د- يجب الاسراع في أن تفصل فيه المحاكم في القضايا المعروضة عليها خاصة الجنائية المهمة منها وعدم التأجيل لتواريخ يتجاوز الحد المعقول.
 النشاطات الجذرية والمدروسة هي من الاركا-ن الاساسي للتغيير ولا يمكن القضاء على الفساد ما  لم تتوافر الإرادة الوقعية وبسياسة متكاملة  تعد منطلقاً حاسماً لتطبيق استراتيجيات  الإصلاح و يعكس النية الصادقة لمواجهة الفساد . ومن هنا لا بد من  التمييز بين الإصلاحات السطحية الهادفة إلى مجرد تحسين صورة المسؤولين ،  وبين الجهود الجوهرية المستندة إلى إحداث تغيير حقيقي يسعى إلى تحجيم  الفساد. في اي بلد او مجتمع

أحدث المقالات

أحدث المقالات