خلال اسبوع واحد حضرت ثلاث معارض فنية, الاول كان بعنوان “نساء الشواكة” للتشكيلية نسرين الملا, واقيم في المركز الثقافي الفرنسي في شارع ابي نؤاس, وهو معرض تقليدي عن هموم المراة, والثاني كان في بيت تركيب ويمكن ان استوحي عنوان له (صراع الصراصير والسمك), في فلسفة كبيرة عن واقع مجتمعنا مع استخدام تقنيات متنوعة لايصال افكار المقيمين له, وهو بافكار جديدة تجذب المشاهد, وكان المعرض الثالث في يوم الجمعة في شارع المتنبي, حيث اقامت مؤسسة رؤية للثقافة المعاصرة معرض للفنان حيدر جبار بعنوان (رسائل الى امي), وايضا كان بطرق جديدة خارج اطار اللوحة.
· نساء الشواكة
يوم الثلاثاء الماضي السابع من شهر شباط قررت انا وصديقي الكاتب حيدر حسين سويري زيارة معرض الفنانة التشكيلية نسرين الملا, والذي اقامته على قاعة المركز الثقافي الفرنسي بعنوان (نساء الشواكة)، وهو المعرض الاول للفنانة وشاركت ب 34 لوحة, وصلنا للمعرض في الساعة الاخيرة, حيث وصلنا الساعة الثالثة ظهرا وينتهي العرض اليومي عند الرابعة, فكان يجب ان نستوعب اللوحات وما بها من افكار خلال ساعة, وهنالك بدات احاول فهم الافكار والرسائل التي تحاول (نسرين) ايصالها للجمهور عبر الرسم, وواضح انه يختص بالنساء من عنوان المعرض (نساء الشواكة), حيث جعلت نساء الشواكة نقطة انطلاق لرسم الافكار, كانت اللوحات تعبر عن بساطة نساء الشواكة, وعن طيبتها وجمالها, وتعدد النساء في اللوحة الواحدة دليل مشاركة النساء بالهم والفرح, وفي محاولة لزرع فكرة تساوي النساء في ازمة قيود المجتمع والنظرة الدونية, وقد برز الشباك في اكثر من لوحة معبرا عن سجن المراة, او النافذة الصغيرة للتعرف على العالم الخارجي, او رسم ملامح المجتمع الذكوري الذي يجعل من البيت سجن دائم للمراة.
الملاحظ ان الرسم كان اقرب لاشكال هندسية, مع بروز واضح للسمكة في اكثر اللوحات, وعندما سالت الرسامة قالت: السمكة هي انا وتعبر عن الحرية كما تسبح السمكة بحرية تامة,
ويبدو ان الفنانة نسرين الملا تنتمي للمدرسة التعبيرية بحسب ما شاهدناه من لوحات, والتعبيرية مذهب فني يستهدف في المقام الأول التعبير عن المشاعر, أو العواطف, والحالات الذهنية التي تثيرها الأشياء, أو الأحداث في نفس الفنان.
· الصراصير تلتهم الحياة
النحات لؤي الحضاري والفنان التشكيلي مصطفى غنام يلعبان كرة الطاولة ويقدمان المعرض الأول من السلسلة الجديدة, قررنا الذهاب لهذا المعرض لغرابة العنوان, وكان المعرض غير تقليدي بين لوحات وبين مجسمات تعبر عن الافكار, حيث وسط السصالحة ترتفع سمكة معلقة والغريب ان جسدها ممتلى برسوم حشرة الصراصير, ولوحات على الحائط على شكل مستطيل طولي متر × نصف متر عبارة عن صراصير بحركة غريبة نشيطة, وفي ركن الصالة تعلق مجموعة اسماك تعبر عن اكلة المسموطة المعروفة في جنوب العراق, وكذلك في زاوية اخرى من الصالة شكل مجسم لبيتزا السمك كما تصورها الفنان.
وسالنا الفنان عن قصة الصراصير والاسماك, فقال: الاسماك هي الحياة, والصاصير هي اغلبية المجتمع الجاهلة الغارقة بالفساد, والتي لا هم لها الا القضاء على الحياة في سبيل تحقيق رغباتها الخاصة, فالصراع الحقيقي في البلد هو بين الفئة الصرصورية وبين الحياة, انها ليست مجرد لوحات وتشكيل فني بل خلطة من الفلسفة والسياسة بقالب فني, والحاصل اليوم سيطرة الصراصير على الحياة,
· رسائل الى امي
في طريقي للقشلة استوقفني معرض فني غريب بجانب مقهى الشابندر ! لم اعهد مشاهدة شبيه له في الساحة الفنية المحلية, وكان الفنان بالزي البغدادي القديم, ومن خلال دراسته في معهد الفنون الجميلة في بغداد, وحصل على ثقافة فنية كلاسيكية أهلته لبدء حياته الفنية, هجرته الى تركيا واطلاعه على الفن الغربي دفعه للتجديد, بالاضافة لصلابة المنهج الفني الأكاديمي لم يتوافق مع ميوله ورؤيته الفنية مما جعله يغير اسلوب عمله الفني ، وهذا قاده الى الرسم بمنهجه الخاص, فأضحى يرسم لوحاته بأسلوب حميم ومباشر.
وكان المعرض عبارة عن رسائل الى والدته تعبر عن اشتياقه وبوحه لهمومه ومحنته, وبالاضافة الى الرسائل هناك بعض اللوحات عن وجوه قلقة خائفة مرعبة تعبر عن حالى الانسان في وقتنا الحالي, ثم يتوسط الصالة مجسم لرجل ملتحي كانه يطير وسط سبع رسائل, مع اشارة الى حبال متدلية عن جسده كدليل انه اصبح حرا وتخلص من قيوده.
هو معرض غير تقليدي, وهو ما نحتاجه, الحداثة في التعبير عن الحالات الاتسانية بعيدا عن الاطار التقليدي للوحة وحدودها الثابتة, هنا انطلق الفنان لافق اوسع.