اسبوعان والدراسة معطلة بكلية الهندسة في الجامعة المستنصرية , والسبب ان الطلبة نظموا اعتصاما يقولون انه ردا على اجراءات اتخذتها عمادة الكلية , تتعلق بغلق احد المداخل المهمة لدخولهم وخروجهم ونقل احتفالات التخرج الى خارج بناية الكلية والنقص في وجود الخدمات الطلابية ومنع ادخال اجهزة الموبايل , وسواء كانت تلك المطالب مشروعة او غير مشروعة فالمفروض الاستماع اليها والرد عليها سلبا او ايجاب وعدم اطالة الاعتصام , وتلك من مسؤولية عميد الكلية او من يخوله وفي حالة تعذر المعالجات فإن رئاسة الجامعة من حقها التدخل لحل الموضوع , لان الاصوات التي يطلقها الطلبة رغم طابعها السلمي باتت تعطل الدوام وتتسبب بحرمان الجميع من المواظبة عليه , وهم بمستوى علمي مرموق وكل ساعة من المحاضرات او التطبيقات لها وزنها في اعدادهم العلمي ليكونوا مهندسين عند تخرجهم , والمهندس يفترض ان يكون معد بشكل كفء لتكون له ادوار ايجابية في الاعمار والبناء في مختلف الاختصاصات .
وكما علمنا فان لقاء الطلبة مع السيد العميد و السيد رئيس الجامعة المستنصرية قد تم بالفعل , وفيه طرح الطلبة مطالبهم وموضوع الاعتداء عليهم من قبل عمال النظافة والذي اعتبروه عملا مدبرا , واعتقدنا ان الموضوع قد انتهى عند هذا الحد , ولكن وسائل التواصل الاجتماعي نشطت مرة اخرى مطالبة بتصعيد الاعتصام باعتبار ان مطالب الطلبة لم تتم الاستجابة لها بعد , وهو ما ادى باستمرار المظاهر المتشنجة فهي لا تزال سائدة في الكلية , مما يتطلب العمل على انهائها بأقرب وقت ممكن لغرض إستثمار الوقت وعدم اضاعته , سيما وان ( الخصومة ) محصورة بين الطلبة والعمادة , والجميع يعلم ان العميد هو الاب والأخ للطلبة كما ان الطلبة يجب ان يتعاملوا مع العمادة والأقسام على اساس الاحترام , فهذه التسلسلات الادارية وجدت لخدمتهم وانجاز مهامهم العلمية والإدارية في الأساس , بمعنى انها ليست سلطات فوقية وإنما وجدت لغرض التسهيل وليس من باب التعسف والاضطهاد .
المهم في الموضوع , ان هذه المظاهر الديمقراطية التي لم يألفها الكثير في ظل الانظمة الشمولية السابقة , يتوجب ان توظف وتوجه لأغراضها المحددة بموجب الدستور الذي كفل حق التعبير عن الرأي , بمعنى ان يتم التعامل معها بروح تربوية وبدون تشنجات لأن الطلبة وعمادتهم هم جزء من نظام تعليمي داخل مؤسسة التعليم العالي , كما ان النتيجة النهائية يجب ان لا تصل الى حد التعارض المطلق , لان القضية ادارية بامتياز ويمكن حلها من خلال التفاهم وعرض المواقف بشفافية ومرونة تسهم بحلول عاجلة برحابة الصدر , وفي ظل مثل هذه الحالات التي اوصلت تفاصيلها إلى الفضائيات ووسائل الاعلام , نستغرب غياب دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , وهي المسؤولة عن التعليم الحكومي في العراق , فقد كان من الاجدر ان يصدر تصريحا من الناطق الرسمي بإسم الوزارة لتوضيح حقيقة ما يجري وما سيتم اتخاذه من اجراءات , او ان تقوم احدى دوائر الوزارة بزيارة ميدانية لمعاينة ما يجري والتدخل لحسم الموضوع .
نتمنى مخلصين ان تتم معالجة مثل هذه الحالات , من خلال فهم الممارسات الديمقراطية لشبابنا والاستجابة لها على انها حالة ايجابية ولا تستوجب العداء , كما ان الطلبة يجب ان يدركوا خطورة تعطيل الدوام من حيث نتائجه على اكمال المناهج والإيفاء بمتطلبات النجاح والتخرج , فهؤلاء هم ابنائنا وشركائنا في الوطن وهناك متسع من المرونة لفهمهم واستيعابهم والاستجابة لطلباتهم العادلة وتصحيح اخطائهم ( ان وجدت ) , والتربويون قد تقبلوا وقبلوا هذه المسؤولية الجسيمة بعد ادراك جميع ما يترتب عليها من اعباء , كما نأمل من ابنائنا الطلبة سلوك الطرق الصحيحة في التعبير عن الرأي من دون احداث أية اضرار بالمصالح العليا والمال العام والحرص للعودة السريعة للدوام , وتلك أوصاف اطلقها السيد رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي عند تحديده لمعايير التظاهر الصحيح , وفي كل الاحوال فان من الواجب المهني الاستماع الى مطالب المتظاهرين من خلال اللقاء مع ممثليهم , ومن ثم الاتفاق على الممكن وغير الممكن في ضوء التعليمات , وهي قضية تدخل في الاطار الديمقراطي ولكن مدى استمرارها يجب ان يكون لوقت معقول .