جميع وزارات الدولة العراقية عبارة عن يافطات على مبان ليس إلا ، هكذا ينظر المواطن العادي المنتمِ إلى الأغلبية الصامتة المغلوب على أمرها ، لكن أكثرها إثارة للحنق والتبرم بل الكراهية والإستصغار ومثار للنكات اللاذعة هي وزارة الكهرباء ، التي وعدتنا كثيرا بتحسين توزيع الطاقة ، والمواطن يعلم أن كل تلك الوعود ما هي إلا ورقة توت تسقط عن أول هبة هواء ساخنة فتكشف عن عورتها المألوفة جدا لدى المواطنين ! ، حالها حال جميع المرافق الخدمية الأخرى التي تكشف عن عورتها عند ابسط محك ! ، وزارة لم تنقصها التخصيصات المالية الفلكية التي تكفي لتحديث الشبكات ، وإنتاج ما يكفي لتغذية نصف الشرق الأوسط بالطاقة ، لكن المواطن لم يلمس اي تحسن منذ عام 2003 ،بل أن هذا العام أسوأ الأعوام ! .
صلب الموضوع هو الأساليب الخبيثة والمتخلفة والخاطئة التي تنتهجها هذه الوزارة لمواجهة الأزمة ، أي معالجة الخطأ بخطأ أفدح منه بكثير ، ولكوني مهندس كهرباء ، أعرف هذه الأساليب التي لم تنتهجها الدول الأكثر تخلفا في العالم ، منها أنهم كانوا بقطعون التيار عند زيادة الحمل بعد وصوله لمدة دقيقتين فقط ، ويستمرالإنقطاع لربع ساعة ، ثم يواصلوا تجهيزه لدقيقتين أخريين ، وهكذا حتى تنتهي فترة التجهيز البالغة ساعتان ! ، دون أن يشتغل مكيف هواء واحد يمدنا بنسيم هواء ، أو دون أن تواصل الثلاجة عملها ، لأن أجهزة الحماية لها تحتاج إلى 3 إلى 5 دقائق لتعمل ، وبعد الإحتجاجات لجأوا إلى حيلة أحقر من سبقتها ، فقد قام العاملون في المحطات الفرعية (Sub Stations) ، بتقليل الفولتية بحيث أن أجهزة الحماية لا تعمل إطلاقا بعد أن تعطي ضوء التحذير الأحمر الكريه (فولتية قليلة Under Voltage) ، وبهذا يقومون بإخراج المكيفات والثلاجات من العمل بإعتبارها المستهلك الأكبر للطاقة ، فلا تعمل إلا المراوح السقفية والمبرات بنصف سرعتها ، فتزداد الرطوبة الخانقة ويزداد الجو ضيقا ، فنضطر أحيانا إلى إطفاء المبردات ، ولا يقف الأمر إلى هذا الحال ، فأحيانا لاتنهض المبردة بسبب نقص الفولتية ، ويتحول محركها الكهربائي إلى حالة نسميها (حالة السكون Stand Still) مع استهلاكه للتيار الذي يتحول إلى حرارة بدلا من الطاقة الميكانيكية ، فيصحو المواطن المسكين سابحا في عرقة ويكلله دخان إحتراق المحرك ! ، والمواطن لا يميّز بين دخان المحرك المحترق ، أم دخان الأزبال المحترقة في الحي الذي عادة ما تسحبه المبردة .
مسألة أخرى هي أجهزة التكييف الغالية الثمن ، والتي تتحول هي الأخرى إلى التوقف بسبب هبوط الفولتية (المبرمج) ! ، والتي لا يسعفها جهاز الحماية بعد فوات الأوان ، فيحترق الضاغط (Compressor) ، أو في أحسن الأحوال ستشتغل آلية (الحمل العالي Over Load) ، والتي عادة لا تعمل إلا بضع مرات ثم يحترق الضاغط ! ، وسيحتاج إلى فترة لاتقل عن ساعتين لإعادة عمله مرة أخرى بعد تبريد الضاغط وهي فترة إعادة التوصيل (Reset) .
عند وصول التيار الكهربائي (اللاوطني) ، أجد محولة تنفجر هنا ، وسلك يسقط مشتعلا هناك ، وأسلاك (الفيزات Phases) المقطوعة لا يتم تصليحها إلا بعد التوسل ودفع الأتاوات ، وعند سقوط أحد هذه الفيزات ، يضطر المواطن ، وبكثير من المخاطرة إلى التحول إلى فيز آخر ، ويعمل جاره نفس العمل وما هي إلا أيام حتى يسقط الفيز الثاني وهكذا ، وفي منزلي هنالك فيز عاطل منذ ما يقرب السنتين ! ، أما إحتراق المحولات ، فيستغرق تصليحها اسابيعا أو أشهرا ، ولا يتم إعاداتها إلا بعد دفع أتاوات مجزية ، ترى الترقيع في الأسلاك وأساليب الربط المتخلفة ، والبُعد الشديد عن اي معايير .
تمر هذه الأيام ودرجة الحرارة تزيد عن 51 درجة سيليزية ، فمنطقتنا هي الأشد حرا في العالم ، نتحسّر على هبة نسيم بارد ، وتحولت منازلنا إلى أقفاص تشتعل فيها النيران ، نسأل الله أن يحترق بها من كان السبب في إيصالنا إلى هذه الحالة ، كل فاسد وسارق وكذّاب ومتخلف ، ولو كنا دولة محترمة ، لقامت الوزارة بتعويض المواطنين بسبب العذاب وتدمير نفسيته ، وعن هدر المال الهائل الذي يخرج من جيوب الفقراء ، من أجهزة محترقة ، وإضطراره ليضع نفسه تحت رحمة المولدات الأهلية التي لا تعترف بتسعيرة الأمبير الذي أعلنت عنه الدولة لأنها غير محترمة ولا تمتلك الحدود الدنيا من الهيبة وقوة فرض القانون ، وحجة اصحاب المولدات جاهزة ، أن مولداتهم غير حكومية ، عذر أقبح من ذنب