18 ديسمبر، 2024 6:05 م

ما الذي جعل الحكومة الكويتيه وقبل سنوات ان تباشر وبصورة محمومة على بناء ميناء مبارك الكبير فوق جزيرة بوبيان وعلى خور عبد الله؟ مع انها ليس بحاجة لهكذا ميناء اذا ما اخذنا في الاعتبار حاجتها التجارية الذاتية فقط؛ في توريد وتصدير البضائع منها واليها، فان فيها مايكفيها وزيادة عن حاجتها سابقة الاشارة. ثم لماذا بناءه في هذا الموقع على وجه التحديد؟ وماهي اسباب اختيار هذا الموقع؟ وهل ان هذا الاختيار؛ الغاية منه هو خنق العراق وسد منافذه على الخليج العربي ومن ثم اطلاته على العالم؟ ثم لماذا تأخر تنفيذ ميناء الفاو الكبير سنوات عديدة، وهو الذي، تم وضع مخطط بناءه قبل ميناء مبارك الكبير بسنوات، فيما الاخير انتهى العمل من بناءه قبل سنوات؟ يبقى السؤالان المهمان؛ ماعلاقة جميع ما تقدم بصفقة القرن او مسيرة التطبيع؟ وماعلاقته بالربط السككي بين العراق والكويت. هذه الاسئلة تحتاج الى اجابات لا تتوفر بصورة واضحة وجلية في الوقت الحاضر من جانب ولكن من الجانب الثاني؛ اذا ما تم فحص معطيات الواقع المتحرك على الارض؛ تظهر لنا الاجابات على تلك الاسئلة ولو انها غامضة وتفتقر الى الوضوح الكافي بفعل الاحاطة السرية لما يجري في الخفاء بين جميع الاطراف الفاعلة في هذا التوجه من انظمة الحكم في دول الخليج العربي والعراق بحكومته الحالية حصرا والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية. ان بناء ميناء الفاو الذي يجري العمل فيه في الوقت الحاضر؛ لايتعدى الحاجة الوطنية وباقل ما خطط له في البداية بكثير؛ وبحسب خبراء هذا الشأن؛ سوف تكون طاقته الاستيعابية محدودة جدا، لايلبي حاجة العراق في التوريد والتصدير. بمعنى اخر سيظل العراق بحاجة مستقبلية الى ميناء مبارك الكبير. (وهذا هو ما يفسر لنا موافقة الحكومة العراقية على ربط العراق مع الكويت بسكك حديد، التي ترتبط بمشروع اكبر سوف نأتي عليه لاحقا في هذه السطور المتواضعة) بينما وبحسب الخبراء؛ لو تم المباشرة في بناءه طبقا لما خطط ه له، اي ان يكون ميناء الفاو الكبير، فعليا كبيرا؛ لكان ميناء دولي لنقل البضائع وما اليها، ولربط الصين واليابان وشرق اسيا عبر العراق بواسطة خط للسكك الحديدة مع اوربا بحسب خبراء هذا الشأن. مما يؤثر او يلغي الغاية او الهدف من بناء ميناء مبارك الكبير. وبحسب هؤلاء الخبراء العراقيين ايضا؛ ان الميناء لو تم المباشرة في بناءه كميناء دولي كبير، وبالطريقة التي قام هؤلاء الخبراء بوضعها قيد التنفيذ امام المسؤولون العراقيين، لتخلص العراق من التأثير البحري الايراني والكويتي على الميناء، وكان ميناء يتمتع باستقلالية، اي يكون للعراق منفذ بحري مستقل. نعتقد ان بناء ميناء الفاو وبهذا الحجم لذي لايفي بحاجة العراق لا الان ولا في المستقبل؛ يرتبط بما يجري التخطيط له في الدوائر المغلقة، في اروقة دول الخليج العربي ومصر والكيان الصهيوني والاردن والولايات المتحدة الامريكية، في تهيئة الارضية الاقتصادية والتجارية وما اليهما لتفعيل صفقة القرن اي عملية التطبيع الشاملة مع الكيان الصهيوني. وهي مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية. ومن ثم وبالنتيجية جعل الكيان الاسرائيلي قوة اقتصادية وصناعية وتجارية ومالية. هناك تسريبات سربتها الصحف الاسرائيلية قبل سنوات عن ربط الكيان الصهيوني مع دول الخليج العربي ومصر والاردن مع ميناء حيفا وجزيرتي تيران وصنافير؛ بسكك حديد لنقل الافراد والبضائع. ان مدينة نيوم هي جزء من هذا الربط ومن ثم فهي جزء مهم من صفقة القرن. عليه؛ فان ما يظهر لنا من عمليات التطبيع سواء التي ظهرت بصورة رسمية واضحة او التي هي في السر والخفاء، جميعها تشكل حلقات مترابطة مع بعضها البعض في مخطط كبير وواسع النطاق، يجري الاعداد له؛ لأعادة هيكلية المنطقة العربية، ورسم خارطتها الجغرافية السياسية والاقتصادية والتجارية، وفي نوعية النظام الاداري والسياسي والاقتصادي اي النظام الكونفدرالي، داخل بعض الدول( العراق وسوريا واليمن واخرى..) بما يكون مصد فاعل لأي تغيير مستقبلي يهدد وجود هذا المخطط حين يكون واقعا على الارض. ان هذا السيناريو لا ينفصل وباي حال من الاحوال عن ما يجري في العراق وسوريا واليمن، من مخاض عسير ومصيري؛ وعن ما يجري من الضغط على الجانب الايراني، لجهة نجاحه؛ سيعزل ايران ويجعلها تنكفي الى الداخل. وهنا نبين ان هذا ليس توقيع صك براءة لأيران فايران لها ما لها وعليها ما عليها وهي اولا واخيرا؛ دولة اقليمية كبيرة، لها طموحها القومي. في السياق؛ ان هذا المخطط هو بالاساس منافذ لسلب الثروات واعادة صياغة الاقتصاد، صياغة كاملة، صياغة رأسمالية؛ تحول دول المنطقة العربية الى مستهلك للبضائع وليس الى منتج لها الا بعض السلع غير ذات اهمية اقتصادية تنموية في الموارد البشرية وفي المواد الاولية..هنا تتجلى لنا اهمية التصدي وبقوة لهذا المشروع وفضحه قبل فوات الأوان، سواء بالقلم او بالادوات الاخرى..وبفعل مؤثر على ارض الواقع بتغيير معطيات هذا الواقع بما يتخلق بها ومنها؛ واقع او معطيات واقعية جديدة تشكل حائط لصد مخرجات المشروع الامريكي الاسرائيلي سابق التنويه. لذا، وفي الصدد عينه؛ ان عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، لاتعني الفلسطينيون فقط او تؤثر على حق الفلسطينيين في الحياة والوجود، بل هي وفي خط شروعها ومآلاتها عند الموانيء النهائية، لرسو سفنها، تعني وتؤثر على حياة الشعوب العربية في الوجود الحر، وفي التنمية المستدامة التي ترتبط بالاستقلال الاقتصادي الفاعل في اقتصاديات عموم المنطقة ونقصد جوار المنطقة العربية وفي العالم. وتؤثر على الخارطة الجغرافية السياسية لدول المنطقة العربية؛ لأعادة هيكلتها ورسمها من جديد بما يتساوق مع مخارج هذا المشروع الامبريالي؛ لضمان استدامته وبقاءه في الوجود والفعل والتأثير، والسلب والنهب لمقدرات وثروات الشعوب العربية، في قراءة استباقية مستقبلية لربابنة هذا المشروع سيء النية والمخطط والصيت والنتائج.