23 ديسمبر، 2024 4:46 ص

اسئلة الخلاص العراقي …!

اسئلة الخلاص العراقي …!

مايحدث في العراق ليس تحطيم بنى تحتية وتعطيل نمو وتخريب إقتصادي ، أو ترسيخ ثقافة فساد إداري ومالي وأخلاقي وإعلامي ، أو إشاعة مناخ العصابات والفوضى والصراعات الدموية وعسكرة المجتمع تحت عناوين الميليشيات والجماعات المسلحة والخارجين عن القانون ، وحسب …!
 يحدث في العراق إفشال ومصادرة أي مشروع لبناء الدولة العراقية الجديدة التي تأسست بعد 2003، أي الدولة المدنية الديمقراطية ، الأمر أدركه بعض العقلاء المتعمقين بقراءة الآخر، لكن غالبية السياسيين الحاكمين الذين حذفت بهم الصدفة والصفقات الطائفية وجداول حسابات المحتل ومشاريع النصب والإحتيال الدولي ، لم تكن لهم قدرات فاعلة سواء في معرفة المخبوء أم في الإنتماء الوطني ، لذا صاروا ،لقاء منافع شخصية ومناصب وصفقات مليونية ، جزءا ً من لعبة تدمير وطن وإبادة شعب ، وتمزيق وحدته وهدر تاريخه وتكوينه الجغرافي أيضا ً.
 
الخلل بنيوي ويكمن في دستور مشبوه غرس أسباب الفرقة وأعطى موجبات لهذا التشرذم الذي أختصر دولة وشعب بمكونات متجه لثقافتها الفرعية ، تاركا ماهو وطني وأي ثقافة تتجاوز آثار الماضي ومساوئه  نحو مستقبل يكفل المساواة والعدالة والحق للجميع .
 المتصدون للسلطة من الأحزاب الشيعية أصبحوا عناوين مخزيةً للفساد والتابعية والإستفراد ، والتمثيل الفاشل لدكتاتورية لايملك مقوماتها الموضوعية ولاالشخصية ، فأضاع ثلث العراق تحت سيطرة عصابات ” داعش ” بعد أنتشار مستعمرات فساد لامثيل له في التاريخ ، بمشاركة أحزاب سنية أنطوت على محور الصراع من أجل النفوذ والمال والسلطة ومرحت كثيرا ً على مدارج الفساد أسوة بالأحزاب الشيعية ، الى جانب أحزاب كردية أحترفت الخبرة والإندفاع لبناء تجربتها الذاتية القومية على نحو براجماتي ، مدخرّة للقوة بكل عناصرها وتنوعاتها  بعيداً عن مشكلات العراق وفوضاه ، واقع يغيب فيه التمثيل الواسع للقوى الليبرالية والديمقراطية المعتدلة، جراء التخندق الطائفي الذي استغل الغالبية الجاهلة من الشعب .
 
واقع استحكمت به إراداة الدولة الخارجية بوضوح لايحتاج إجتهاد ، إضافة لأمريكا طبعا ً ، واقع له مغذيات وروابط تبدأ من شروط النمو الإقتصادي لدول المنطقة مرورا ً بالتابعية السياسية والطائفية واقطابها المتحكمة بالشرق الأوسط ، وبقايا ثأرالإنتقام من عراق قوي كان يخافه الجميع ، وصولا لأمن اسرائيل وتفوقها في المنطقة ..!؟
 
لحظة تاريخية بغيضة تجمعت فيها كل عناصر تحطيم الدولة العراقية ، دون إدراك  قادتها السياسيين المتحكمين ، وإذ تأتي عملية إسقاط مدينة الرمادي الملاصقة للعاصمة بغداد فهو إنذار أخير لضرورة الإذعان لشروط الآخر ، بعد ان أفلسوا الدولة وأفرغوا مقومات قوتها ، وللخلاص من الإذعان والتنازل أو الضياع التام والتمزق الأخير ، اقترح ان يجتمع ” قادة ” العراق الآن من كافة الأحزاب المتسلطة ، ومواجهة القوى النافذة بالمشروع العراقي بأسئلة صريحة واقعية تختصر الخسارات الكبرى وتخلص هذا الشعب من الإبادة .
 أسئلة مفادها ؛  ماذا تريدون منا، وأين تريدون الوصول ، لنحققه لكم اليوم قبل الغد  ..؟
 
أحملوا اسئلتكم  الى امريكا وايران وتركيا والسعودية وقطر ، ليضعوا لكم خارطة طريق من الآن إختصارا ً لهذا الذبح الممنهج والدمار الشامل للوطن ، والملايين التي تشردت وتهجرت ، النساء التي اغتصبت ، الطفولة التي سحقت ، والمفخخات التي تصطاد مئات الأبرياء ..!؟
كونوا شجعان وشرفاء لمرة واحدة وانقذوا وطن يشارف على الفناء …!؟
 
[email protected]