23 ديسمبر، 2024 12:34 ص

ازمة الخريجين تحت المجهر

ازمة الخريجين تحت المجهر

تحت شعار (التعين حق مكفول دستوريا وليس مطلب) شهدت محافظات عدة في وسط وجنوب العراق احتجاجات واسعة النطاق للخريجين من مختلف الكليات والمعاهد والاختصاصات للمطالبة بحق التعين ضمن المؤسسات الحكومية التعليمية، حيث أدت بعض القرارات الصادرة من قبل المؤسسات الحكومية التربوية إلى أضرار جسيمة في جسد العملية التربوية، ما نتج عنها الكثير من المخلفات ، حيث أصدرت الحكومة سنة ٢٠١٨ قرار مجحف بحق الخريجين التربويين والذي ترتب علية اغلاق باب التقديم على التعينات في مديرية التربية تحت ذريعة ( أن ميزانية الدولة عاجزة عن تأمين المبالغ المالية للخريجين ) وذلك بسبب الظروف التي تعرضت لها البلاد من جراء أحداث سنة ٢٠١٨ بعد الخروجهُ من أزمة داعش وانخفاض أسعار النفط وتردي الأوضاع الاقتصادية والديون كل ذلك أدى إلى إنهاك ميزانية الدولة.
وتناست الحكومة انذاك أن مثل هذا القرار سيؤثر سلبا على سير العملية التعليمية وأن عليها أيجاد الحلول البديلة عوضاً عن إصدار قرار غير مدروس، يفتقر للتخطيط السليم والذي نجم عنهُ العديد من الأضرار، أهمها :التراكمات المتزايدة في أعداد الخريجين على مدار الأربعة سنوات الماضية، والذي أدى إلى تدهور ملحوظ في المستوى التعليمي، لما أحدثتهُ من نقص بالكوادر التدريسية حيث أثر ذلك بشكل مباشر على الطلاب و الخريجين على حداً سواء مما فسح المجال أمام المؤسسات التعليمية الأهلية للظهور على الساحة التعليمية، وعلى الرغم من عدم وجود ضمان الصحي والتقاعدي وسوء المعاملة وتقاضي الاجور الزهيدة ، وارتفاع الأجور والاقساط التعليمية وغياب الرقابة والتعينات العشوائية في تلك المؤسسات الأهلية، إلا أن العديد من للخريجين والطلاب لجؤوا إليها مجبرين وذلك بسبب إنتشار البطالة ومتطلبات الحياة وظروف المعيشة، وكذلك نقص الكوادر التدريسية في المؤسسات الحكومية كل هذه الاسباب أدت إلى ارتياد القطاع التعليمي الخاص.
وبعد تردي المستوى التعليمي في المؤسسات الحكومية والشكاوى المتزايدة للنقص بالكوادر التدريسية أصدرت وزارة التربية قراراً آخر هو الاسوأ على الاطلاق والذي لعب دور هو الآخر في تفاقم الأزمة ، حيث قامت وزارة التربية بفتح باب التعينات للمحاضرين بالمجان على أعتبار أن ميزانية الدولة منهكة ويجب على أبناء البلد سد النقص الحاصل عن طريق تقديم الخدمات بالمجان واعطائهم أمل بالتعيين للحين تحسن ظروف البلد.
حيث أن سوء التخطيط هذا وغياب دور الرقابة وهيأة النزاهة أدى إلى فسح المجال أمام العديد من التعينات العشوائية للخريجين غير ذوي الاختصاص ( كخريج الزراعة والصناعة والمعاهد الطبية و المعاهد التقنية وغيرها ) والذين تم تعينهم تحت جنح الظلام عبر “الرشاوى و الوسطات وغيرها من الطرق الملتوية التي يتبعها بعض الموظفين الفاسدين في وزارة التربية”، مما خلق حالة من الفوضى والتدهور في المستوى التعليمي بشكل كبير.
في حين أن الحلول البديلة بمتناول يد الدولة ولكن سوء التخطيط القديم والحديث، للإدارة التربوية جعل الأمر أكثر تعقيداً وهذا يكشف لنا عن عدم اهليتها في إدارة المهام الموكلة إليها.
حيث كان بإمكانها تفادي الأزمة بعدة طرق تتبعها وذلك من خلال تفعيل درجات الحذف والاستحداث للمحاضرين والتي تتمثل بإحالة المحاضرين على التقاعد بعد تجاوز العمر الوظيفي المطالوب بالإضافة إلى عمل احصائية للوفيات التي حدثت خلال الاربعة سنوات الماضية.
وكذلك وضع لجان متابعة وتحقيق لفرز التعينات لغير ذوي الاختصاص وتحويلهم إلى الدوائر أخرى كل حسب اختصاصه، وايضا كشف النقاب عن الأسماء الوهمية المضافة من قبل بعض المدراء و الموظفين الفاسدين في دوائر الدولة التربوية حيث أن كل ما ذكر أعلاه يساهم في توفر العديد من المقاعد الشاغرة أمام الخريجين غير المتعينين إلا أن وزارة التربية وقفت دون حراك ودون طرح أي حلول بديلة لحل هذة الازمة.
وبعد صمت وصبر دام أربعة سنوات انتفض الخريجين إزاء هذا الإهمال والاستخفاف بحقوقهم، بعد ما تعرضوا إليه من إرهاق واستنزاف لطاقاتهم حيث خرجوا بمظاهرات احتجاجية أمام مقر مديريات التربية في عموم المحافظات، يطالبون الحكومة بحق التعيين والكف عن التسويف والمماطلة ووضع الحلول وسماع لاصواتهم، وتحرك الجاد لحل الأزمة من قبل المعنيين ومن خلال التظاهرات والمطالبات.
وقام الخريجون بطرح حل بديل على الدولة لحين توفير المقاعد الوظيفية لهم وذلك من خلال التعاقد معهم حسب المادة ٣١٥ وشمولهم بالعقود الوزارية وبأجور رمزية قدرها ٢٥٠ الف دينار لكل محاضر عن تقديمة للخدمات التعليمية.
وبحسب مصادر موثوق من الممثلين عن الخريجين أكدوا عدم التعاون معهم من قبل المسؤولين للحصول على موافقة باصدار الأمر، ورميهم من مديرية إلى مديرية أخرى تحت حجة عدم صلاحيتهم بذلك.
ولا تزال الأمور تتأرجح ما بين الخريجين المتظاهرين والمسؤولين الاداريين، مما أدى إلى التصعيد وتحويل التظاهرات إلى اعتصام مفتوح ونصب الخيام أمام المباني التربوية وإغلاق البعض منها، لحين تحقيق مطالبهم والحصول على التعاقد الوظيفي مع الدولة أو طرح الحلول الجادة والمباشرة بها فورا.
هذا ما ترتبت عليه قضية الخريجين التربويين ، بعد الفشل الذريع من قبل الدولة في وضع الحلول المنصفة بحقهم ولا تزال القضية تحت المجهر.