23 ديسمبر، 2024 7:21 م

ازلية خذلان المنهج الحركي

ازلية خذلان المنهج الحركي

ان ما يتميز به المنهج الاسلامي هو ان اطروحاته الفكرية والعلمية تتميز بالواقعية والتطبيق الحقيقي خلافا لما يعتقده البعض من انها نظريات ترفّيه لغرض اثراء المكتبات والعقول بمفاهيم واصطلاحات عقيمة وسردا للمفاهيم والقصص ليتبجح بها البعض في المناظرات الفكرية والعلمية لغرض حفظ ماء الوجه .
وهذا غير صحيح مطلقا تصريحا وتلميحا لان البعض وان لم يقلها صريحا الا انه يمتهنها في منهجه وسلوكياته فتجده بعيدا كل البعد عن تحقيق الارادة الالهية التي فرضها على البشر الا وهي عبادة الله الواحد القهار
وفي نفس الوقت هناك من يعتقد ان الفكر الاسلامي هو للتطبيق والمفاهيم الاسلامية للتجسيد والاحكام الاسلامية للعمل بها ويعتقد مؤمنا ان لا خير في فكر لا عمل به وهذا من المسلمات.
وان القائم على ترسيخ هذه الامور في نفوس الامة هو خليفة الله بأرضه وهو يمثل الفكر الواقعي والاسلامي بمعناه الحقيقي من خلال الحركية والنضج والانفتاح والاقدام والتوسع في الواقع المعاش للامة وبهذا يكون الفكر الاسلامي هو المحرك الفاعل الشامل والمستوعب الذي يثري العقل البشري بعلم متدفق متوازن مسؤول هادف جاء للتطبيق والعمل ولن يرضى ان يكون خلاف ذلك وقد جسد هذا الفكر المتأصل والمعاني السامية الانبياء العظام والرسل الالهيون على طول خط البشرية .
وجزء من هذه المسيرة هو الحركية التي انتهجها هؤلاء القادة فقد جسدها بعض المبعوثين من السماء وهم الرسل من خلال حياتهم وعملهم في الدعوة حيث ان الانبياء كانوا كثيرين لكن الرسل واولو العزم كانوا قليلين ويعدون على الاصابع ارسلهم الله تعالى ليكونوا من يبعث في ارواح الناس الحياة من جديد من خلال احياء الضمائر والفطرة الانسانية السليمة ليكونوا المحرك لمسيرة الدعوة الى عبودية الله وحده لا شريك له .
وتلك الاهداف القدسية يسعى اليها المصلحون والمغيّرون، ويجاهد في سبيلها المؤمنون الرساليون، ويكدح من اجل نيلها الالهيون المتفانون، ويعمل بدأب لتحقيقها الساعون لتحقيق سعادة الانسان وخيره على ظهر المعمورة.
قال الامام علي (عليه السلام) اَللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اَلَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ وَ لاَ اِلْتِمَاسَ شَيْ‏ءٍ مِنْ فُضُولِ اَلْحُطَامِ وَ لَكِنْ لِنَرِدَ اَلْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ وَ نُظْهِرَ اَلْإِصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ فَيَأْمَنَ اَلْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَ تُقَامَ اَلْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَنَابَ وَ سَمِعَ وَ أَجَابَ لَمْ يَسْبِقْنِي إِلاَّ رَسُولُ اَللَّهِ ص بِالصَّلاَةِ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اَلْوَالِي عَلَى اَلْفُرُوجِ وَ اَلدِّمَاءِ وَ اَلْمَغَانِمِ وَ اَلْأَحْكَامِ وَ إِمَامَةِ اَلْمُسْلِمِينَ اَلْبَخِيلُ فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ وَ لاَ اَلْجَاهِلُ فَيُضِلَّهُمْ بِجَهْلِهِ وَ لاَ اَلْجَافِي فَيَقْطَعَهُمْ بِجَفَائِهِ وَ لاَ اَلْحَائِفُ لِلدُّوَلِ فَيَتَّخِذَ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ وَ لاَ اَلْمُرْتَشِي فِي اَلْحُكْمِ فَيَذْهَبَ بِالْحُقُوقِ وَ يَقِفَ بِهَا دُونَ اَلْمَقَاطِعِ وَ لاَ اَلْمُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ فَيُهْلِكَ اَلْأُمَّةَ (شرح نهج البلاغة ج8 ص 131).
وما كان موقف الامة وبعض المنتفعين من هؤلاء الانبياء والرسل (عليهم وعلى نبينا واله افضل الصلاة والسلام) الا الخذلان والعجز عن نصرتهم بل اكتفى البعض الاخر بالتفرج والوقوف على التل وما هذا الا خلاف ما اراد الله ….
واوكلت مسؤوليةالتحرك الى بعض القادة الرساليين الحركيين المخلصين الذين يرتكزون على ما فعله واقره اولئك الانبياء والرسل والاوصياء ومن مفردات هذه المسؤوليات عدة قضايا نذكرها على نحو الاجمال :
1-    العمل المتواصل لإقامة احكام الله وشرعه ونشر العدل والقسط .
2-    الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح الفردي والاجتماعي ومحاربة الفساد والظلم .
3-    الصبر على الاذى وكفالة المجتمع علميا وعمليا .
الا ان المنتفعين واصحاب المصالح والمتخاذلين حالوا دون ذلك منذ عصر الرسل والى يومنا هذا ويعتمد هؤلاء– اصحاب المصالح- على اساس النفاق الذي علته الخوف على المصالح النفسية والدنيوية وبذلك يقدمون المصلحة الذاتية على كل شيء حتى على حساب طمس الدين واثاره .
ان هذا النمط من الاشخاص لهم سماتهم وصفاتهم كما ان تصرفاتهم مهما حاولوا التكتم والتستر عليها، وقد مارسوا هذه الادوار بإتقان وذلك باصطناع السلوك المضلل والتصرفات الموهمة لبعض السذج من ابناء الامة، الا ان ذلك لن يخفي اثارهم وحقيقتهم وزيفهم امام القادة الواعين والامة الواعية لمثل هكذا مؤامرات .
وقد مارسوا هؤلاء دورهم حتى في زمن النبي الاكرم وقتلوا الرسالة المحمدية التي مازالت فتية من خلال إبعاد ممثلها ومفسرها ومجسدها عن قيادة الامة وهو علي ابن ابي طالب (عليه السلام) واعطوا الخلافة لشخص تقمصها زورا وبهتانا .
وكذلك مورست هذه الاساليب والادوار في زمن الامام الحسن عليه السلام وادى ذلك الى قتله وسمّه وكذلك في زمن الامام الحسين وقد قتل في رمضاء كربلاء وبقي المتملقون واصحاب المنافع احياء بلا روح ولا ضمير، وكذلك هذا ما حصل مع بقية اهل بيت العصمة حتى وصل بنا المطاف الى هذه السنين القريبة حيث كان الصدر الاول – محمد باقر الصدر- الانموذج الحركي الاسلامي الصحيح من خلال تجسيد مبادئ الاسلام الصحيحة والمنقحة وطرح مبادئ فلسفية لإثراء العقل الاسلامي ولرد الشبهات المحيطة بالأمة الاسلامية آنذاك وجسد ايضا السيرة الاسلامية التي يقف لها اليوم العرب والغرب اجلالا حتى نصبت له التماثيل تقديرا واحتراما لما قدمه .
لكن ليعلم الناس ان حتى هذا الشخص لم يتركه الخط المتقاعس من خلال خذلانه من اقرب الناس في الحوزة العلمية حيث وقفوا له بالمرصاد واذاعوا عليه بانه عميل للنظام البائد بل وصفه اخرون بانه خارج عن ملة الاسلام.
ثم انتقل دور الحركية والدعوة الصادقة الى قائد الامة ومحررها من العبودية السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) الذي جابه الطغاة واحيا شعائرالله بعد ان ماتت تلك الشعائر ومنها صلاة الجمعة المباركة فقد قام بإحيائها وأحيا ضمائر الامة الاسلامية بما قدمه هذا القائد العظيم في ذلك الحين الذي كانت تعتبر الصلاة في المسجد ومعرفة احكام الدين ذنب لا يغتفر بشرع السلطة الحاكمة التي تعتبر نفسها القائد الشرعي والميداني، فحطم السيد الصدر كل تلك القيود واعاد الى الامة حريتها وشرعيتها ودينها ومع كل ما قدمه للامة ما كان موقف الاخرين تجاهه الا اتهامه بالعمالة ايضا وكأن هذه الكلمة عادة عندهم واتهموه كما اتهموا اسلافه الحركيين وقد وقفوا بوجهه وقفة كادت ان تودي بالأمة الى الهلاك لولا دفع الله ولكنهم استطاعوا ان يكونوا حجر عثرة بطريق الامة وقائدها بل كانوا الذريعة التي قُتِل بها هذا القائد العظيم (قدس سره الشريف)ومارس هؤلاء ادوارهم التي امليت عليهم بدقة ليكونوا البيدق الذي يُقتل به القادة ومن امثال هؤلاءللأسف الشديد هو الشيخ بشير النجفي الذي عُرف بموقف المعارض والتسقيطي للسيد الصدر الثاني (قدس سره) وقد اطلع اصحاب الضمائر الحية على هذه الحقائق وكتبوها للتاريخ لكي تعرف الامم القادمة ما قدمه المصلحون وما فعله المتخاذلون المتقاعسون، فجزا الله الذين دونوا هذ التاريخ خير الجزاء لتعرف الامة من اليد التي شرعت قتل العلماء والقادة المصلحين .
وها نحن اليوم نعيش مع سليل ذلك المنهج الحركي الاسلامي الاصيل فمنذ تصديه لتحمل هموم الامة قام بتوجيهها وتوعيتها وتثقيفها على عدة محاور ورد الشبهات وتصحيح الامور في نصابها من خلال الضغط على القادة السياسيين الذين هيمنت عليهم المصلحية والحزبية في تقاسم الكعكة فكان لهم بالمرصاد لأي امر فيه مضرة لهذا الشعب في حاضرها ومستقبلها فتجده يضع الحلول الواقعية للخروج من الازمات وهو سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) والذي يتتبع منهجه الاسلامي والفكري والعلمي يجد انه القائد الوحيد المتحرك بالساحة العراقية خلافا لمن يعتمرون الاسماء الكبيرة ويسمون انفسهم قادة شرعيين فهم التزموا الصمت والمنفعة والمصلحة حتى اصبحوا اثرياء الامة وملاكها .
فها هنا اليوم قائد الامة الحقيقي يساعد الامة للخروج من المشاكل الشرعية وفوضى الزيجات غير الصحيحة ونقل اموال المواريث بشكل صحيح وليس كما يجري الان وذلك من خلال المساعدة في تقديم قانون يحفظ للامة كرامتها ودينها والذي يقرح القلب ان هؤلاءالذين اعترضوا مؤخرا وافقوا عليه في بداية الامر ثم حكموا انانياتهم ومصالحهم الشخصية فتراجعوا خطوة الى الوراء ورفضوا هذا القانون بعدما اقروه وبعدما ثمنّوا عمل القائمين عليه لكنهم ما ان عرفوا ان بنجاح هذا القانون سوف تعرف الناس تقاعسهم وعدم مواكبتهم للامة وعدم صلاحيتهم لقيادة الامة وهذه حقيقة ادركوها من خلال تحكيم انفسهم الامارة بالسوء فقاموا برفض هذا القانون بإشكالات غير موضوعية ولابد لهم بعد هذا الرفض لفقه الامام جعفر الصادق (عليه السلام) الذي كُتب من رسائلهم العملية ان يرموا هذه الرسائل عرض الجدار لأنها حبر على ورق والدليل على ذلك انهم خالفوها صريحا وبكل جرأة ليرموا هذه الرسائل ببحر النجف القريب منهم .
والمشكلة اننا نقف اليوم على التل متفرجين والا بماذا تفسرون سكوت الحوزة العلمية واساتذتها وطلابها ومراجعها عن هذا الموقف المتخاذل من قبل الشيخ بشير النجفي الذي يحاول الان استرجاع مقعده في خانة الخط المتقاعس عبر موقفه السلبي من قانون الامام الصادق (عليه السلام) والدليل على تخاذله انه أيّد هذا القانون وبعد مرور 3 اشهر من تقديمه الى الحكومة اعترض عليه الان وما ذلك الا رجوع على ما كان عليه سابقا من تقاعس عن اداء وظيفة الحاكم والقائد الاسلامي – كما يصف نفسه – الا وهي الامر بالمعروف النهي عن المنكر .
واليوم يعرب صريحا عن وقوفه ضد هذا المنهج الحركي فهنيئا لكم هذه المنزلة والدرجة، اسال الله ان يعيذنا منكم وان لا يجمعنا معكم يوم يلتقي الجمعان بين يدي جبار السماوات والارض انه سميع مجيب .
وما علينا اليوم الا الخروج لنصرة هذا المنهج الحركي لنكون فعلا انصاراً الى الله ورسوله والائمة الطاهرين عليهم السلام
فلنكن نحن تلك الامة التي رددت هذا الشعار الاسلامي القرآني (( نحن انصارك الى الله))