في خطوة غير مسبوقة على صعيد العلاقات بين الدول فما بالك بدولة بحجم الولايات المتحدة الاميركية فضلا عن كونها ذات دلالة رمزية بالغة الاهمية حطت طائرة الرئيس الاميركي السابق بوش الان في قاعدة “عين الاسد” الجوية غربي الانبار. اما الخطوة غير المسبوقة فلان بوش اختار ان يحتفل بنهاية تنظيم القاعدة في العراق مع شيوخ تلك المنطقة ممن حاربوا القاعدة بشراسة يتقدمهم الشيخ عبد الستار ابو ريشة. واما الدلالة الرمزية فان بوش “استدعى” كل قادة الخط الاول من قادة العراق الى تلك القاعدة التي لم يرها من قبل أي منهم في حياته.
جلس بوش الى جوار ابو ريشة وقبالته رؤساء الجمهورية “جلال الطالباني” والوزراء “نوري المالكي” ورئيس اقليم كردستان “مسعود البارزاني” ونائبي رئيس الجمهورية انذاك (الله يذكرهم بالخير) عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي. عاد بوش الى البيت الابيض منتشيا بنصر ابو ريشة على القاعدة وعاد “ربعنا” الى المنطقة الخضراء وكل منهم مزهوا بنصره الخاص. وعاد ابو ريشة ليكمل الفصل ما قبل الاخير من صراعه مع القاعدة. بعد بضعة ايام قتلت القاعدة ابو ريشة فكافاته الحكومة بان سمت لواء باسمه “لواء الشهيد ابو ريشة”.
بعد سبع سنوات كافأت الحكومة اخاه الاصغر احمد ابو ريشة باصدار مذكرة اعتقال “ملبلبة” بحقه مع زميله الشيخ علي الحاتم السليمان وهو من محاربي القاعدة ايضا. اما التهمة فهي ذاتها التي تكاد تنطبق على امي رحمها الله التي لم تفرق في حياتها يوما بين قاعدة التنور وقاعدة الحبانية. فالمتهمون جاهزون والضباط ممن يتبارون بانتزاع الاعترافات بـ “العيني والاغاتي” لمن يريد “يتكفى الشر” او بالقوة لمن يعجبه غير ذلك جاهزون هم ايضا. اما القضاة فلهم الله .. التهم جاهزةوالاعترافات مضبوطة “ضبط العقال” طالما ان القاعدة القانونية تقول ان الاعتراف سيد الادلة. بل يبدو انه اصبح عندنا الان “حجي الادلة” بل وحتى معاليها وسعادتها وفخامتها.
بودي الاشارة هنا انني لا اريد اعلان براءة مسبقة لابي ريشة وعلي السليمان من تهمة دعم القاعدة. لكن ما اريد قوله انني لو كنت بمكان الحكومة لاخترت تهمة اخرى لهما حتى لو كانا فعلا من الداعمين الان لتنظيم القاعدة لان الامر صعب تصديقه. فابو ريشة وفي اخر تصريح له لصحيفة “الشرق الاوسط” قال انه فقد 10 من اخوته و17 من الفخذ الذي ينتمي اليه و40 فردا من عشيرته وكلهم تمت تصفيتهم من قبل تنظيم القاعدة.
ربما هناك من يقول ان التحالفات قد تتغير بين هذا الطرف او ذاك نتيجة لظروف معينة. قد يكون هذا صحيحا لكن على صعيد الدول والتنظيمات المعقدة مثل تنظيم عالمي مثل تنظيم القاعدة لكنه لايمكن ان يحصل على مستوى العشائر. انا لا اعرف ان كان علي الحاتم قد فقد افرادا من عائلته من قبل القاعدة لكن ابو ريشة فقد 67 شخصا .. فما عدا مما بدا؟ هل جرت تسوية الامور عشائريا بين القاعدة والبوريشة؟ لم نسمع بذلك .. ثانية اقول لسنا بصدد الدفاع عن احد بقدر ما نريد الدفاع عن الحقيقة حتى لايرتفع منسوب تهم التسقيط السياسي الى مرحلة .. كسر العظم.