23 ديسمبر، 2024 11:00 ص

اذهبوا فانتم الطلقاء

اذهبوا فانتم الطلقاء

عندما دخل النبي محمد عليه الصلاة والسلام مكة فاتحا عفا عن الذين آذوه وعذبوه وقتالوه وشردوه واهل بيته واصحابه وقال قولته الشهيرة ( اذهبو فانتم الطلقاء ) فأطلق سراحهم ومنع ملاحقتهم ونهى عن متابعتهم وكأن شيئا لم يكن  عسى أن يعودوا الى رشدهم ينتهوا عن غيهم  ويندمواعلى افعالهم  ويذهب السوء والبغضاء من قلوبهم ولكن هل كان ذلك ؟؟؟
ولما انهارت دولة بني امية وفر الأمويين من بلاد الشام ومن صفق لهم ومن هلل والمنتفعون وضاقت بهم الارض بما رحبت استقبله سليل الدوحة المحمدية امام الساجدين علي ابن الحسين عليهما السلام واواهم وحماهم وكفلهم باموالهم وانفسهم واعراضهم وهم الذين شاركوا في قتل أهله واصحاب ابيه وسبوا نسائه وهتكوا عرضه واذاقوهم ذل الحياة وفعلوا ما فعلوا بعد واقعة الطف في بني هاشم  في قولته الخالدة ( هذا التفاوت بيننا ) وهو ابن زمزم والصفا وابن فاطمة الزهراء .
فهل يتعض من تلك الدروس ويستل منها عبرة تنجيه والاخرين من المهالك والفتن أم يعود ويكرر نفس السلوك ويقع في تلك الاخطاء ويكون سببا في حدوث الكوارث بعلم أو بغباء بقصد أو بغفلة .
عندما اجتمعوا وكونوا شلة راحت تصفق وتطبل في التحريض والتشهير والتسقيط لدولة جديدة اقيمت بعد معاناة ومخاض عسير من تشريد وقتل وتجويع ووضع لايحسد عليه البلد بين سندان الجيوش الغازية وجيوش الحقد الطائفية الآتية واذا كانت هذه الشلة مشاركة باليد لكان اهون علينا ولكنها شنت هجمة شرسة مدفوعة الثمن باستخدام اخطر وسيلة اتصال عرفته الانسانية واكثرها تاثيرا وقربا من النفس البشرية الا وهي القنوات الفضائية ليبدعوا في تقديم الصور والخطابات التي تثير المشاعر وتحرك الاحاسيس والبلد يغرق في بحر النار والدمار وكلما سكن لهيبها جاءها سياسي حقير ونفخ فيها بتصريح اصفر فأججها واشعل فتيلها مرة اخرى فكيف بالفنان القدير وهو يصب الزيت ويفخ اتونها لسنوات ليلا ونهار؟؟ وماذا يتوقع ردة الفعل على المتلقي ؟؟؟ فكيف يرتضي لنفسه ان يكون بوقا للسوقة والقتلة والمجرمين وتجار الحروب ؟؟؟ ويصبح جزءا من اسلحة القتل والدمار والتفرقة وهو يقبض الثمن ويبرر بانه انما يريد الاصلاح في توجيه النقد للحرامية واللصوص وانه انما يقاوم الفاسدين والمفسدين وهو لم يبق ولم يذر في التشهير والتشنيع والتحريض والتقريع الذي لابد وان يكون له الاثر بنسبة أو بأخرى على المتلقي الذي في قلبه ضعف ناهيك عن من قلبه مريض وضميره ميت ونحن باحوج الى ان نسمع من هذا القدير الذي ينظر اليه الناس باحترام ومصداقية ان يقول كلمة طيبة ويقدم صورة جميلة تهدأ الانفس وتطيب الخواطر وتوحد الامة وتذكر بتراثهم وماضيهم لتعيد اللحمة من خير ومحبة وجورة وصحبة وان يعطل هذا الذي يدعيه زورا النقد والانتقاد او ان ينتقي منه ليوجه سهامه الى نحور المفسدين دون تعميم اهوج .
واذا كان فعلا حريصا على اقامة دولة الحق والعدالة ويحرص على بلده وابناءه لماذا لم يقدم عملا يدين القتلة والمجرمين الذين هجروا الناس وقتلوهم بالجملة بلا ذنب في سيارات مفخخة واحزمة ناسفة وكواتم للصوت ليكون منصفا وصادقا وامينا ام ان هذه ليس له عملة تغطيها ولا تستحق .
ولم يسلم احد من السب والقذف والشتم بصيغة مباشرة ام غير مباشرة صريحة كانت ام بتورية واسقاطات فيثير حفيظة الملايين ويجرح مشاعرهم ويهين كراماتهم لارضاء اسياد كان يمني النفس ان تطول صحبتهم وتدوم نعمتهم ولكن …
تغير الحال والحال لا يدوم لان دوامه من المحال وتارجح الميزان فروا من المكان وليس لهم ملاذا غيرهم ديارهم واهلوهم فما وجدوا غير الصفح ونسيان كل الذين فعلوه وكأن شيئا لم يكن وكانوا يروجون لبضاعته انهم مطلوبون ولا يستطيعون العودة وذهبو وهم طلقاء يتحركون ويعملون وليس هنالك من وجه لهم السؤال .
والمصيبة اذا وجه لهم احد نقدا اقلبة الدنيا وصار شخصا عدوا وحاسدا وحاقدا ونسي انه كان عبر سنوات يسب ويشتم الناس جهارا نهار فهل يشعر الان بوقع ماكان يفعله على غيره وهو لا يرتضيه على نفسه اذا كان عنده شعور ولكن ( لما ملكتم كان الظلم منكم ولما ملكنا فالعفو شيمتنا ) فاذهبوا فانتم الطلقاء .