قضية سيطرة طالبان على جل افغانستان قد انتهت واقعا وتم تسليم كابول العاصمة سلميا الى طالبان ومن غير قتال وطار الرئيس الافغاني هاربا مع كل حكومته ووزرائه على متن إحدى الطائرات المدنية الاجنبية او العسكرية مغادرا الى منفاه ربما الاخير والى غير رجعة واخذ يغرد على تويتر من مكان ما يمثل مكان لجوئه بما لم يبت به بعد …وبات الحديث والتحليل كله منصبا اليوم على ما بعد ذلك السيناريو كله وسط كم هائل من الاسئلة الحائرة والتساؤلات المؤرقة والمحيرة !!
فهل ستتحالف طالبان مع المارد الصيني الذي يسيل لعابه حاليا لتحقيق حلمه الاعظم والمتمثل بتفعيل طريق الحرير القديم كما كان تأريخيا عبر الاراضي الافغانية تحديدا كل ذلك مقابل ان نتجز الصين عددا لابأس به من المشاريع العمرانية والخدمية والصحية ومشاريع الطاقة الكهربائية التي تحتاجها افغانستان وماشاكل ..وهذه بالنسبة للمارد الصيني بالامكان انجازها بظرف اسابيع او شهور قليلة لا اكثر ؟
هل ستتحالف طالبان مع روسيا من جهة اخرى لفتح باب الاستثمارات والتجارة والاسهام في البناء والاعمار والتعاون الاقتصادي وربما العسكري والامني كذلك وعلى مختلف الصعد وذلك لتؤمن طالبان نفسها من مشاكل اقليمية ودولية جمة لاحصر لها بخلاف هذين التحالفين الصيني والروسي ؟!
هل سيعترف الاتحاد الاوربي كذلك اميركا وبريطانيا بحكم طالبان وحكومتها القادمة سواء اكانت وقتية للانقاذ ام دائمية ..حكومة شراكة وطنية ومحاصصة طائفية ..ام حكومة طالبانية بشتونية 100% ؟
هل ستعترف روسيا والصين وبقية حلفائهما في عموم المنطقة بها ؟
هل ستعترف الدول العربية لاسيما دول الخليج وشمال افريقيا بها ؟
هل ستعترف الامم المتحدة اسوة بإيران والباكستان وتركيا وبقية دول الباذنجان بها ؟
هل ستعترف جامعة الدول العربية – وان كانت لاتحل ولا تربط – اسوة بما يسمى بحركة دول – الكرسي الهزاز والرسم على النوافذ والزجاج – قصدي – دول عدم الانحياز ، ومثلهما منظمة – التهاون – الاسلامي المسماة جزافا بـ – التعاون – الاسلامي !
هل سيبدأ مسلسل الحصار الخانق والضغط الاقتصادي المتواصل والحرب الاعلامية الشرسة كذلك مسلسل الحروب الاهلية الضروس بين القوميات ” البشتون ، الهزار ، الطاجيك ، الاوزبك ، التركمان ” بما تمتد شرارته والسنة لهيبه الى المحيط الاقليمي كله من دون استثناء وذلك بقيادة امراء الحرب السابقين وتجار المخدرات والسلاح المعروفين وقد فر كل واحد منهم حاليا الى بلده القومي الأم ..حيث القادة الازبك يتقدمهم مجرم الحرب الشيوعي الشهير عبد الرشيد دوستم ، قد فروا الى اوزبكستان المجاورة لأنهم من اصول اوزبكية ، القادة الهزار فروا الى ايران المجاورة ، القادة التركمان فروا الى تركمانستان المجاورة ، القادة الطاجيك فروا الى طاجكستان المجاورة …روسيا تجري مناورات وتدريبات عسكرية مكثفة مع اوزبكستان وطاجكستان وقيرغزتان استعدادا لأية مفاجآت غير متوقعة في الجارة افغانستان ..الصين تراقب ..ايران تترقب ..تركيا تتابع …الهند متوجسة ..الباكستان متفائلة …المانيا – لاحس ولانفس حتى الان – .. فرنسا الرعناء تتأهب اعلاميا وسياسيا للانقضاض على مهاجري ومجنسي الداخل من اصول عربية واسلامية ومعاقبتهم على ما يحدث في افغانستان اضافة الى إصدار دفعة جديدة من القوانين الصارمة بحقهم وتسويق مجموعة جديدة من الرسوم المسيئة للاستفزاز المحلي والدولي على سواء لامحالة …بريطانيا العجوز الشمطاء والتي يحلو لي تسميتها بالمملكة الضبابية المظلمة التي لاتشرق عليها الشمس والتي لاتصلح الا لتمثيل أفلام الرعب ومغامرات شرلوك هولمز وقصص جاك السفاح وجرائم يوكشاير وفرسان المائدة – الوهمية – المستديرة ، وقصور الاشباح وفضائح غراميات الامراء والاميرات ، بدلا من ما تسمي به نفسها بالمملكة التي لاتغرب عن اراضيها الشمس ، وستظل تجعجع وقد بدأ اعلامها بالفعل ومن الامس يتخيل ويتوهم ويتوعد ويهدد ويزبد ويرعد ويتحدث عن مخاطر ختان الاناث ولبس البرقع والنقاب ونشر التخلف والرجعية على عادة البي بي سي ، التي تأبى ان تغادر خبثها وتتخلى عن خباثتها يوما منذ عهد ابو ثرب وابو كرش السيجاري – تشرشل – ….بايدن وحزب الحمار الديمقراطي الاميركي لن تقوم لهم قائمة بعد اليوم وقد بدأ غريمه التقليدي حزب الفيل الجمهوري بشن حملة شعواء على بايدن ، وبدأ بنشر فضائح نواب ومرشحي واعضاء الكونغرس من الديمقراطيين وقد استهلت الحملة بأضعفهم مكانة واعني بها عضوة الكونغرس ” الهان عمر ” متهمة اياها بتهم قد تصل عقوبتها الى السجن 5 سنوات بعد احالة زوجها الثاني والذي يروج الجمهوريون حاليا على انه – شقيقها- بالاصل وقد زورا وثيقة زواجهما تلك للهجرة وبنسبة 99% بما يتوجب اخضاعهما الى فحص الدي ان اي للتأكد من حقيقة التهم الموجهة لهما، التزوير وبتهمة الاتجار بالبشر على حد زعمهم !!
هل تريد اميركا التي تمتلك ما يقرب من 800 قاعدة عسكرية في 70 دولة وإقليم حول العالم العالم،ان تعطي انطباعا ملموسا ، درسا مشاهدا ، واقعا معاشا ، وتقدم انموذجا حيا من خلال افغانستان عن تداعيات ونتائج انسحابها العسكري من اي مكان …حتى لاتطالب شعوب تلك الدول فضلا عن حكوماتها بل ولاتفكر يوما بتقديم طلب بإنسحاب القوات الاميركية من اراضيها ؟!!
هل النية المبيتة والهدف الستراتيجي غير المنظور من هذا الانسحاب الاميركي المفاجئ والذي اعقبه سيطرة طالبان على كل افغانستان بسرعة عجيبة ومريبة هو اغراء للجماعات والاحزاب الاسلامية في العالم كله على اختلاف مكوناتها وقومياتها وخلفياتها ومذاهبها وافكارها ومدارسها لتطل برأسها وتثق بنفسها مطالبة بسيناريو مماثل في بلدانها ليتم حصرها والاجهاز عليها بربطة المعلم في كل مكان ؟!
هل طالبان 2021 هي نفسها طالبان 2001 وهي نفسها طالبان 1994 عندما سيطرت على كابول يومها ؟ تصريحاتها على لسان الناطق بإسمها وخلاصتها بأنها ستسمح للمراة بالتعليم والانخراط في سوق العمل شريطة ارتدائها الحجاب بما يختلف كليا وحذريا عن تحريمها السابق والقطعي بهذا الشأن للمرأة من العمل والتعليم نهائيا ..وهذه اولى المفاجآت غير المحسوبة ، المفاجأة الثانية اعلانها انها على استعداد للتحاور مع الجميع ، وانها على استعداد لتشكيل حكومة تضم ابرز الشخصيات في البلاد بمن فيهم معارضيها ، واعلانها العفو عن كل العسكريين وعناصر الامن السابقين اذا ما القوا سلاحهم ، وانها لن تكون نقطة انطلاق عدوانية واستفزازية لأية دولة مجاورة لها ، وإذا ما واصلت مفاجآتها على هذا النحو فلكل حادث حديث ولكل مقام مقال !
هل تخطط اميركا من انسحابها المفاجئ التمهيد لإقامة جمهورية اسلامية سنية افغانية تقف بالضد من جمهورية اسلامية شيعية ايرانية تقع الى جوارها على حدود مشتركة بينهما تصل إلى 945 كلم ، الامر الذي يقودنا حتما الى تساؤل آخر لايقل اهمية عن سابقه مفاده “وهل طالبان وبعد تجاربها السابقة تخطط اساسا لتأسيس جمهورية اسلامية سنية ؟ بما يفتح بابا لتساؤل ثالث مهم مفاده ” وهل ستأكل كل من الجمهورتين الاسلاميتين في حال تأسيس الافغانية منهما الطعم فيتناحران فيما بينهما ، ام تراهما سيقلبان لأميركا وحلفائها ظهر المجن ويتفقان فيما بينهما وعلى مختلف الصعد بدلا من ان يتقاطعا ويتناحرا ويختلفا ويتصادما لاسيما في خضم الاجواء الشائكة والفوضى العارمة في كل ارجاء العالم ؟! هذا ما ستجيب عليه الايام مستقبلا ولاشك في ذلك وبالصوت والصورة .
هل تخطط اميركا لاثارة صراع من نوع جديد بين المسلمين اذ اليس غريبا وعجيبا ان تتحدث مواقع علمانية حتى النخاع – لاتعرف الجك من البك في قضايا الشريعة والدين – عن ان طالبان “سنية حنفية ماتُريدية صوفية بشتونية = تصنيفها عقديا ومذهبيا وفقهيا واخلاقيا وقوميا ” فمن اين جاؤوا بكل هذه التوصيفات الدقيقة التي لايعلمون شيئأ بشأنها قبل اليوم ان لم يكونوا قد لقنوا اياها تلقينا من خلف الكواليس يمهد لوضع اسس وخطوط شروع -عقدية قومية مذهبية فقهية – تمهيدا لتأجيج الصراع القادم بين المسلمين في ارجاء العالم على هذا الاساس !
ام ان الانسحاب الاميركي المفاجئ وصعود طالبان الصاروخي -اسرع من الصوت والضوء – تكتيكي ومرحلي مدروس وممنهج على وفق سيناريو معد سلفا سبق للعالم ان شهد ما يماثله ويطابقه في اماكن اخرى وراء اكمتها ما وراءها من مصائب وكوارث لتجري الامور قريبا بوتيرة مختلفة تماما وغير متوقعة بالمرة وبطريقة خارج نطاق التحليلات والتخمينات برمتها ..ولكن ومهما يكن من أمر فإن غدا لناظره قريب وعلى قول اشقائنا المصريين “يا خبر النهاردة بفلوس ، بكرة يبقى ببلاش …وياداخل بين البصلة وقشرتها ، ما ينوبك الا ريحتها ” .اودعناكم اغاتي