المتعارف عليه ان الشخصيات العادية والاعتبارية (المؤسسات الخاصة والعامة) وأيضا الدول , تسعى على فترات الى تقييم عملها ومدى تحقيقها لأهدافها ومدى قبول الاخرين لها ومن ثم العمل على تجنب الاخطاء وتعديل الخطط وقد يستلزم الامر تغيير المسار ولكن بالتأكيد (ليس 180 درجة) لتحقيق الاهداف المشتركة للجميع ولو بالحد الادنى.
بعيدا عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتاريخهم المليء بالمآسي لشعوبنا العربية والإسلامية, فإخوان ليبيا مارسوا الخداع والتدليس بان ترشح بعض الاعضاء بصفة فردية في انتخابات العام 2012 البرلمانية ومن ثم شكلوا حزبا لهم حمل نفس اسم حزب اردوغان ما يدل على مدى الترابط بينهم ان لم نقل مدى تبعيتهم له التي تجلت في زياراتهم المتكررة ,ولكنهم رغم ذلك لم ينالوا الاغلبية المطلقة لحكم البلد, بل أصبحوا حجر عثرة في وجه قيام المؤسسات بدورها.
راءوا في تولي مرسي حكم مصر حلما لهم بإقامة الخلافة الاسلامية,قدموا له منحة الملياري دولار,لكن حلمهم اصبح كابوسا مع سقوط مرسي بالضربة القاضية على يد ابناء مصر وجيشها المغوار,وفي سبيل الابقاء على الوضع القائم في ليبيا تحالفوا مع انصار الشريعة وغيرها من التنظيمات الارهابية وخاصة في بنغازي حيث عمدت تلك التنظيمات الى تكفير كل مخالف لهم في الفكر,اعتبروا كافة ابناء القوات المسلحة والأجهزة الامنية بمختلف رتبها اهدافا حيوية وجب التخلص منها بكافة الطرق,لأنهم لا يؤمنون بجيش موحد وقوة امنية ولاؤها للوطن, بل حرس وطني يأتمر بأوامرهم.
انتخابات العام 2014 اظهرت الى حد ما حجمهم الحقيقي,فعمدوا الى احراق مطار طرابلس واجلاء سكان بعض الاحياء ومن ثم الاستيلاء على العاصمة وما تمثله من ثقل شعبي وسياسي, تم التحكم في كل مقدرات الدولة, قفل القنوات الاعلامية التي تخالفهم الرأي,اعتقال بعض النشطاء وأصحاب الراي المخالف.
لقد شاهدنا عبر قنواتهم, تباكيهم, ودموع التماسيح التي لم تنفك يذرفونها لكي يستجلبوا بها عطف الآخرين و(اصمت)آذاننا اصواتهم النشاز عندما كانت قوات الجيش تتقدم في كل المحاور في بنغازي وخاصة محور قنفوذة الذي بسقوطه ادركوا ان مشروعهم قد تم وأده والى الابد.
قطر الداعم الرسمي للإخوان تتعرض لحصار من اشقائها بفعل القلاقل التي احدثتها بتلك الدول, ربما يطول الحصار وذلك رهنا بمدى استجابتها لتحقيق المطالب وفي جميع الاحوال ان الغرب وأمريكا على وجه الخصوص يسعون في الاستحواذ على مدخرات شعوب المنطقة ومحاولة بث الفرقة بينها لتعيش حالة عدم الاستقرار وإهدار الاموال في شراء الاسلحة والاقتتال فيما بينها, عندما تعصف الاجواء بتنظيم الاخوان العالمي يسارع اخواننا في الوطن الى الحديث عن المراجعة,نتمنى ان تكون المراجعة هذه المرة ليست بسبب الضغوط التي يبدو انها كبيرة جدا (على قطر ومحاولة شيطنة الاخوان عالميا) والتي قد تحوّل الاجسام الى اشلاء متناثرة عديمة الاهمية تكون طعاما في متناول القوى المفترسة التي تتربص بالبلد,بل نتمناها مراجعة حقيقة تعيد اللحمة الوطنية الى ابناء البلد الذي اصبح يفتقر الى ابسط مقومات الحياة,حيث الطوابير المختلفة بما فيها الطوابير على “دار الموتى” والمقابر,اصبحت معلما رئيسيا بالدولة الليبية!.
ليبيا اليوم دوله بلا سياج خارجي يحميها و لا يوجد بها نظام استخباراتي او امني وطني ,بل نجد ان مخابرات العالم تنتعش بها وكل الدول تتطاول عليها وأصبحت ساحة للصراع الاقليمي والدولي,ليبيا اليوم بحاجة الى تكاثف جهود كل ابنائها بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية وأعراقهم لأجل بناء الدولة العصرية التي يحظى فيها الجميع بنفس القدر من الاحترام وتحمل المسؤولية وفق الديمقراطية الغربية من خلال صناديق الاقتراع .