ليس هناك اتفاق على هذه المخاطر التي تهدد مجتمعاتنا ، ولكن هناك تخوف معقول ومنطقي من الآثار الأخلاقية التي تتركها التكنولوجيا على مستقبل البشرية ، حيث هناك كثير من المشاكل التي يصعب التنبؤ بها ، وفي الحقيقة أننا لانتخيل كيف سيكون العالم بعد خمسين سنة ، لأننا نعيش فعلا بوادر هذه المخاطر على مجتمعاتنا واخلاقياتنا ، حيث نشهد الان الانعزال والانطوائية لأفراد المجتمع نتيجة الاستخدام المفرط للهواتف الذكية .
كما ان فكرة وجود كمبيوتر ذكي لدرجة أنه لن يحتاج إلى البشر لتشغيله ، تجعلنا نتجه إلى عصر تسيطر فيه أجهزة الكومبيوتر على مقدراتنا إلى حد بعيد .
حيث أن الذكاء الفائق للالة يمكنها أن تتجاوز كل الأنشطة الفكرية لأي شخص مهما كانت شدة ذكاءه .
كل هذا يبدو وكأنه خيال علمي ، لكن عندما يكون العلماء مثل ستيفن هوكينغ وأقطاب التكنولوجيا مثل إيلون موسك قلقون بشأنه ، ربما ينبغي أن نأخذ الأمر على محمل الجد .
يقول السيد رشيد دحدوح رئيس قسم الفلسفة في جامعة قسنطينة بضرورة مراقبة مراكز الأبحاث البيوتكنولوجية مثل مراكز الأبحاث النووية .
وجعل التقدم البيوتكنولوجي موجه فقط لخدمة الانسان وضبطه بضوابط أخلاقية. ويحذر من أن غياب الشفافية حول الأبحاث الدقيقة التي تجرى “بعيداً عن الأعين” قد يكون تأثيرها “أكبر من قنبلة نووية” وأن هذه الأبحاث من دون ضوابط قد تقود إلى جنس بشري جديد غير “الإنسان العاقل”.
وقال فيرنور فينج أستاذ الفلسفة في علوم الكمبيوتر بجامعة سان دييغو ، في مقالته “التفرد التكنولوجي القادم” بأن هذه اللحظة من التقدم ستشير إلى نهاية عصر الاختراعات البشرية وميلاد عصر جديد من الحضارة التكنولوجية .
نشهد حاليا مركزية التحكم بالاعمال تحدث في أكبر شركات البرمجيات . مثل Facebook و Amazon لتوسيع نفوذها واعمالها بطرق تخلق احتكارات ضخمة .
ولذلك فان آثارا كارثية قد نشهدها في المستقبل القريب نتيجة الهيمنة التكنولوجية لبعض الدول على حساب الدول النامية ، والتي تؤدي الى الاغتراب الثقافي والاجتماعي والحضاري للدول نتيجة الفجوة بين الابتكارات التكنولوجية للدولة المتقدمة ، ومجرد استخدامها في الدول النامية ، التي اصبحت “مستعمرات تكنولوجية” لها .
كما أن هناك حاجة في الشركات الكبرى لمزيد من المعلومات والبيانات لتكون قاعدة فعالة للعمل والتوسع ، فتم أستبعاد الخصوصية للفرد ، وغيرها من الحقوق الشخصية ، نتيجة الرغبة في معرفة تفاصيل ما يفعله الفرد وحتى ما يفكر فيه كل ساعة وكل يوم .
ان هذه الشركات ترى في الهيمنة على خصوصية الافراد أمرًا ضروريًا لنمو ها وتوسعها .
وهذا يؤدي بالضرورة الى توجيه الاشخاص وتغيير سلوكياتهم بما يخدم الاهداف التجارية وحتى السياسية .
وبذلك أصبحت الأخلاقيات الرقمية مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى .
وبالرغم من وجود جوانب قانونية من الأخلاقيات الرقمية ينبغي الامتثال لها ، الا إن الشركات غالبا ماتتهرب منها بطرق شتى نتيجة انعدام الشفافية ، وبالتالي تكون بعيدة عن المساءلة القانونية والعدالة الاجتماعية .
وهنا يجب أن تلعب المؤسسات الحكومية والجامعات دورًا رائدًا في مواجهة هذه التحديات ، وان هناك حاجة إلى استجابة عالمية أكثر شمولاً . رغم ان بعض الأوساط الأكاديمية تدرك هذا التحدي وتتصرف وفقًا له .
ان الامر يتطلب قيادة أخلاقية واضحة تجاه هذه المسألة وحوارًا أكثر واقعية مع مراكز الابحاث حول الموضوعات الأخلاقية للنظم الرقمية .
يصبح إدخال الأخلاق في العالم الرقمي ضروريًا ، بل ضروريًا جدا ! ويجب التفكير في الأخلاقيات الرقمية القائمة واعادة تطويرها لدمج القيم والمبادئ الأخلاقية العامة في تصميم وتنفيذ واستخدام البيانات في المجالات كافة ، وعلى الاخص في العلوم الطبية ..