لَيْسَ هُنَاكَ مِنْ أَبِ لَايطَمَحْ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَادَهُ أَفْضَلَ مِنْهُ ، لِذَلِكَ نَسْعَى جَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ تَوْفِيرِ أَفْضَلِ اَلْفُرَصِ لِأَبْنَائِنَا فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ مَا نَصَبُوا إِلَيْهِ إِلَّا وَهُوَ تَأْمِينُ مُسْتَقْبَلِهِمْ ، وَأَوَّل مَا يُفَكِّرُ بِهِ اَلْوَالِدَيْنِ لِضَمَانِ هَذَا اَلْمُسْتَقْبَلِ هُوَ اَلتَّعْلِيمُ اَلْجَيِّدُ وَاَلَّذِي يُعْتَبَرُ اَلرَّكِيزَةَ اَلْأَسَاسَ لِمُسْتَقْبَلِهِمْ وَصِمَامِ أَمَانِ حَيَاتِهِمْ ، وَمِنْ وَاجِبَاتِ اَلدَّوْلَةِ اَلرَّئِيسَةُ تَوْفِيرُ فُرَصٍ تَعْلِيمِيَّةٍ مُتَكَافِئَةٍ لِكَافَّةِ شَرَائِحِ اَلْمُجْتَمَعِ مِثْلُهَا مِثْلٌ كَافَّةِ دُوَلِ اَلْعَالَمِ اَلْمُتَقَدِّمَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ، لَكِنَّ وَلِلْأَسَفِ اَلشَّدِيدِ تَتَفَاوَتُ فُرَصَ اَلتَّعْلِيمِ فِي وَطَنِنَا بَيْنَ فِئَةِ وَأُخْرَى وَالْفَيْصَلْ فِي ذَلِكَ هُوَ اَلنُّفُوذُ . وَالنُّفُوذُ نَوْعَانِ : – نُفُوذُ اَلْمَادَّةِ , وَنُفُوذَ اَلسُّلْطَةِ ، وَكِلَاهُمَا يَتَمَتَّعُ أَوْلَادُهُمْ بِحَصَانَةِ اَلتَّعْلِيمِ اَلرَّصِينِ فِي مَدَارِسَ تَتَوَفَّرُ فِيهَا كُلُّ شُرُوطِ اَلْجَوْدَةِ وَتُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهَا مَدَارِسُ ذَا جَوْدَةٍ عَالِيَةٍ حَسَبَ مُؤَشِّرِ دَافُوس لِلتَّصْنِيفِ اَلْعَالَمِيِّ لِلْمَدَارِسِ . أَنَّ أُجُورَ اَلْمَدَارِسِ اَلْأَهْلِيَّةِ اَلتِّجَارِيَّةِ ذَاتِ اَلْمَقَاعِدِ اَلدِّرَاسِيَّةِ اَلْبَاهِضَة اَلثَّمَنُ ، لَايسْتَطِيعْ أَبْنَاءَ اَلْعَوَامِّ مِنْ اَلنَّاسِ اَلدِّرَاسَةِ فِيهَا لِارْتِفَاعِ أَسْعَارِ مَقَاعِدِهَا اَلدِّرَاسِيَّةِ عَلَى عَكْسِ أَوْلَادِ أَصْحَابِ نُفُوذِ اَلْأَمْوَالِ . وَهُنَاكَ اَلنَّوْعُ اَلثَّانِي وَهِيَ اَلْمَدَارِسُ اَلْجَاذِبَةُ اَلطَّارِدَةُ . اَلْجَاذِبَةَ لِأَوْلَادِ اَلْمُتَنَفُذِينْ فِي اَلسُّلْطَةِ ، وَالطَّارِدَةَ لِأَوْلَادِ اَلْعَوَامّ مِنْ اَلنَّاسِ ، وَالْمُلَاحَظَ أَنَّ هَذِهِ اَلْمَدَارِسِ تَتَوَفَّرُ فِيهَا اَلْخِبْرَاتُ اَلْعِلْمِيَّةُ اَلنَّشِطَةُ وَالْمُخْتَبَرَاتُ اَلَّتِي تُوَاكِبُ اَلْعَصْرَ وَسَيَّارَاتِ اَلنَّقْلِ اَلْخَاصَّةِ وَمُكَيِّفَاتُ اَلْهَوَاءِ اَلْبَارِدِ صَيْفًا وَالْحَارَّ شِتَاءٌ . لَكِنَّ اَلْمُسْتَوَى اَلْعِلْمِيَّ اَلَّذِي يَنْتَهِي عِنْدَهُ هَوْلَاءْ اَلطَّلَبَةُ هُوَ مُسْتَوَى ضَحْلٌ لَايْكَادْ يُذْكَر وَلِكُلِّ قَاعِدَةٍ شَوَاذَّ . إِنَّ اَلرَّكِيزَةَ اَلْأَسَاسَ لِكُلِّ مُجْتَمَعٍ هُوَ اَلتَّعْلِيمُ بِكَافَّةِ مُسْتَوَيَاتِهِ وَأَشْكَالِهِ وَالدَّوْلَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ حَرِيصَةً بِحُدُودِ لَامُتَنَاهِيَةٍ عَلَى هَذَا اَلْمَجَالِ اَلْحَسَّاسِ وَالْحَيَوِيِّ وَهُوَ عُنْوَانُ تَقَدُّمِ اَلشُّعُوبِ وَتَطَوُّرِهَا اَلْحَضَارِيِّ ، لَا أَنْ يَتْرُكَ هَذَا اَلْمَجَالِ بِلَا اِهْتِمَامٍ يُذْكَرُ أَوْ يُوَلَّى نَزْرٌ قَلِيلٌ مِنْهُ وَيَتْرُكُ اَلْبَاقِي بِلَا اِهْتِمَامِ فَالْمَدَارِسُ اَلَّتِي تَفْتَقِرُ لِأَبْسَطِ سُبُلِ اَلدِّرَاسَةِ مِنْ اَلْمَعِيبِ أَنْ تُسَمَّى مَدْرَسَةُ وَالْمَدْرَسَةِ اَلَّتِي لَا تَمْلِكُ مَدْرَسِي اِخْتِصَاصِ مِنْ اَلْمُخْجِلِ أَنْ تُسَمَّى مَدْرَسَةٌ . زَمِيلِي اَلتَّرْبَوِيُّ ، أَبْنَائِي اَلطَّلَبَةُ لَقَدْ أَفْنَيْتُ عُمْرِي بِهَذَا اَلْمَجَالِ وَتَيَقَّنَتْ مِنْ أَنَّ تَفَاوُتَ اَلْجَوْدَةِ بَيْنَ مَدْرَسَةٍ وَأُخْرَى لَيْسَ عَائِقًا أَمَامَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يكون خادما لِوَطَنِهِ فَالْعِرَاقُ يَسْتَحِقُّ مِنَّا أَنْ نَخْدِمَهُ وَشَعْبَهُ اَلْكَرِيمَ اَلشَّهْمَ اَلشُّجَاعَ يَسْتَحِقُّ أَنْ نُكَافِحَ كَتَرْبَوِيِّينَ وَطُلَّابِ وَكُلَّ ضِمْنَ اِخْتِصَاصِهِ فِي سَبِيلِ تَطَوُّرِ هَذَا اَلشَّعْبِ اَلْجَبَّارِ اَلْأَبِيِّ . دُمْتُمْ بِخَيْر ظَاهِرٍ حُلْوٍ ظَاهِرٍ