كل الاسباب والتبريرات التي يردها تنظيم داعش ، بما فيها علمانية حكومة اقليم كردستان ، وما يقال عن تحالف الكرد مع الولايات المتحدة والغرب الاوروبي ( الصليبي ) ، لا تقنع الدوائر والاطراف التي تتابع اوضاع منطقتنا . فهي اسباب واعاذير مردودة وغير صحيحة ، يعرف الكرد جميعا ومعهم القوى السياسية العراقية والاطراف الدولية ، ان داعش في اعلانه الحرب على كردستان والكرد اينما وجدوا ، ينطلق من نظرته العروبية الشوفينية المتعصبة الى الشعوب غير العربية ، والى الشعب الكردي بصورة خاصة ، ورغبة هؤلاء العروبيين بالسيطرة والتسلط على حقوق الاخرين واقصائهم عن الحياة السياسية وفرض ارادتهم وثقافتهم المتخلفة عليهم بالقوة والعنف والارهاب والاكراه ، كما كان الحال فيما مضى من الزمن وابتداءا من نهاية الحرب العالمية الاولى .
لقد الحق داعش خسائر جسيمة بالاقليم ، وفضلا عن استهداف كرامة الكرد بسبي نسائهم وفتياتهم وشرعنة قتل رجالهم وصباياهم . سقط المئات من خيرة رجال البيشمركة شهداء في حرب الدفاع عن الوطن والمقدسات . وبات الحديث عن نهاية داعش ، في كردستان على الاقل ، بعد المقاومة البطولية لشباب الكرد وضربات التحالف الدولي ، حديثا جاريا على الالسن . ومع هذه النهاية الداعشية المتوقعة خلال اشهر قليلة ، يخشى الكثيرون من الكرد ، وخاصة من الطبقة المثقفة الواعية ، ان يتبع جهود الولايات المتحدة وبعض القوى العراقية في انشاء جيش خاص بالمناطق السنية ولادة نسخة اخرى من داعش ، تحمل نفس افكارها وتنتهج نفس الممارسات بحق الشعب الكردي .
احسست بهذا القلق لدى المثقفين الكرد من مصادر عديدة ، وكتب لي الزميل( هفال زاخويى )رئيس تحرير جريدة( الاهالي ) البغدادية على الفيسبوك يقول (انه متأكد ان الحرب القريبة القادمة ستكون حرب عربية
سنية – كردية ) ودعا في تغريدة له القيادة الكردية الى عدم التعامل مع عناصر سنية معادية للكرد ومحسوبة على النظام البعثي الزائل .
ولا استطيع الا ان اتفق مع الزميل ، على ان ما يجري حاليا من اصطفاف لبعض القوى السنية بجانب الكرد ، اصطفاف مرحلي ، وحالما يمتلك هؤلاء القوة سيقلبون ظهر المجن للكرد ويشرعون في معاداته والاعتداء عليه وحصر تواجد حكومة الاقليم في حدود المحافظات الثلاث ، ان لم نقل العمل على اسقاطها وفرض الحكم المركزي والغاء المكاسب الحالية للاقليم . ان العديد من زعماء السنة لا يقرون باية حقوق للكرد في كركوك والموصل والمناطق المتنازعة عليها . وهذا لا يعني عدم وجود امثالهم بين طائفة الشيعة ، لكن الخطر الاكيد في تواجد ( جيش سني ) باسم الحرس الوطني او غيره ، تحت تصرف قادة معادين ومبهورين بالحكم البعثي السابق ويعملون على اعادة اساليبه ، خاصة وان هذا الجيش سيضم عناصر قيادية من الجيش الصدامي واجهزته الامنية ، واخطر من كل ذلك انه سيتلقى التدريب والتسليح من الولايات المتحدة ومن الحكومة العراقية الاتحادية بضغط دولي .
واذا كان كل ذلك مفهوما ويجب اعداد العدّة اللازمة للمواجهة المحتملة ، والعمل على منع وصول المواجهات والصراعات الى مرحلة التصادم المسلح ، فما غير مفهوم هو الفسحة الفسيحة من الحرية التي يجدها عناصر معادية في كردستان لاجراء اتصالاتها وترتيب اوضاعها وعقد المؤتمرات واطلاق التصاريح ، وربما حتى الاحتفاء بهم .
من المعلوم انه لا يمكن تعميم الحالة على كل القوى السنية وزعماء السنة، لكن المقصود هم العناصر التي لاتؤمن بالعملية السياسية الجارية في العراق ، وترفض المشاركة في الحكومة القائمة ، ولا تخفي مشاريعها في العودة الى حكم العراق وفرض الحكم المركزي عليه على نمط الحكم السابق او حتى تعتبر نفسها امتدادا له . وقد لا يكون لهذه العناصر ارتباطات مع الموجة الارهابية الداعشية ، وربما تكون على خصام معها . لكن قطعا لن تختلف اساليبها مع اساليب داعش في التصرف والسلوك تجاه الشعب الكردي وحقوقه المشروعة .