22 ديسمبر، 2024 6:03 م

اختلاس المال العام خيانة عظمى تستحق اقصى العقوبات

اختلاس المال العام خيانة عظمى تستحق اقصى العقوبات

قبل كل شئ نود أن نقول أن مخرجات تطبيق المادة 340 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل ، كانت وراء توسع وتنوع الاختلاس ، بل وتجذر مرتكبيه وامتدادهم عموديا لأعلى درجات الوظيفة الحكومية ، او امتداد هذه الجريمة أفقيا لتشمل ملاكات دنيا ووسطى من عامل المكناسة إلى ديوان الرئاسة ، ولم يعد الخوف من طائلة القانون بقادر على كبح جماح هذه الجريمة البشعة كون مواد الإدانة لا ترقى في أحكامها إلى خطورة الفعل ، أو تغلغل السياسة للتقليل أكثر فأكثر من نجاعة هذه المواد أو الذهاب ابعد بتحرير المحكومين أو إخراجهم من السجون عبر وسائل تعد بحد ذاتها جرائم يعاقب عليها القانون ، وكثيرا ما تم فعله وفق تراض سياسي أو صفقات مشبوهة ، أذ تم بموجبهما إعفاء هذا الوزير أو قبول براءة ذاك المدير العام أو براءة الدبلوماسي السفير ، وتمضي السنون والفساد بتنوعه ومضامينه القاتلة يتغول ويتسرب وينبث بين ثنايا الأجهزة الحكومية التشريعية والتنفيذية والقضائية وبإشراف مبرمج من الأحزاب أو الكتل السياسية المتداولة للسلطة منذ العام 2003، والغريب أن رطوبة هذا الفساد وعفونة رائحته تلاقي تدليسا اجتماعيا أو تغافلا رسميا حتى صار جزءا من منظومة الحكم أو فعلا مستنكرا استنكارا خجولا لا بل مسكوتا عنه قبل أهل الفاسد أو عائلة المفسد أو عشيرة المرتشي وذويه الآخرين ، ويجد المرء أن ما يقابل هذا التهاون إزاء نهب المال العام تشجيعا من الأحزاب الحاكمة ، أو حماية من قبل العشيرة ، أو تفعيل قوانين حماية مزدوجي الجنسية ، أو اللجؤ إلى الإقليم وغيرها من عوامل تشجيع الإقبال عليه وممارسته دون أدنى ريبة أو خشية من عقاب ، وقد كان للأحكام القضائية أوزارها على طرق الحد من هذا الفساد ، فهي احكام خجولة تدور حول تطبيق المادة 340 من قانون العقوبات النافذ والمشار إليه أعلاه وهي احكام مخففة لا تتجاوز 7 سنوات في أقصاها وهي مادة معتمدة ضمن قانونها الصادر عام 1969حيث لم تكن جريمة الإخلال بالمال العام كما هي عليه الآن ولم تكن بهذا الحجم الهائل من الأموال الحكومية المسروقة كما هو حاصل مؤخرا من عملية مبوبة للاستحواذ على ما يقارب 3،7 تريليون دينار من أمانات الهيئة العامة للضرائب ومن قبل شركات وهمية أسست ب(عيون صلفة ) لأغراض سحب هذه الأموال التي صارت بحكم السائبة والمودعة لدى مصرف حكومي تأسس عام 1941 له تقاليده المصرفية وأمانته المعهود حتى العام 2003 ،
أن من يتابع الأحكام القضائية الصادرة بحق الآف المختلسين يجدها احكاما مستهينة بالمال العام وبالرأي العام ، وان المنطق لا بل الواجب يفرض على مجلس القضاء الأعلى دراسة تشديد العقوبة بحق المرتشي والراشي ، بما يتناسب والضرر الذي يلحق بالصالح العام ويقدم لمجلس النواب مشروعا لقانون تعديل المادة 307,,إلى المادة 314 من قانون العقوبات النافذ ، كما ولمجلس الفضاء ايضا اقتراح تشديد العقوبة على كل من اختلس المال العام أو ساعد في الاختلاس وذلك بالسجن مدى الحياة أن لم يكن الاعدام ، ولا يجوز إخلاء السبيل بعد انتهاء، المحكومية إلا بعد إعادة كامل الأموال المسروقة . كما وان اللجنة القانونية في مجلس النواب معنية باقتراح بتشديد العقوبة وفقا لما تراه مناسبا وحجم التحديات المالية ، ليكون السارق لأموال المرضى والفقراء وطلبة المدارس الجالسين على الأرض أو تلاميذ المدارس الطينية مسؤولا أمام نفسه وهو في السجن المؤبد قبل أن يكون مسؤولا أمام الله والمجتمع والتاريخ ، كما وان مجلس القضاء ومجلس النواب ووزارة العدل ونقابة المحامين مطالب كل منهم بإعادة النظر في مجمل قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969المعدل ، وجعله قانونا يتماشى مع جسامة الجرائم المرتكبة بحق العراق وشعبه المظلوم كجرائم تبادل إطلاق النار بين العشائر أو جرائم تهريب المخدرات أو جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية أو حتى جرائم الاتجار. بالبشر التي لم تكن معروفة قبل هذا التدهور القييمي الذي جاءنا بعد الاحتلال المقيت ، مع الأخذ بنظر الاعتبار التشهير بكافة الوسائل المتاحة (اعلاميا ورسميا) بالذوات والاشخاص المعنوية التي تطال بكل وقاحة من أموال الدولة التي تمثل حقوق شعب لم يكن لينصفه أحد منذ تأسيس دولته عام 1921 ، او لمجتمع صارت في العشائر تفصل القانون وفق مقاسات وأصبحت مضاييفها معسكرات وشيوخها حملة شارة الأركان يقودون تلك العشائر في الحروب البينية ، وصرنا وسط كل هذه المتاهات لا نستطيع أن نحافظ على الأموال والأرواح بل حتى صار يحكمنا الجن والاشباح …