23 ديسمبر، 2024 9:05 ص

احيانا وبلا معنى

احيانا وبلا معنى

جلست وهي متوترة واطلقت العنان لافكارها التي تسارعت محرّضة اياها على الانتحار ، وفي خضم جموح هذه الافكار نست انها حامل وغاب عن ذهنها الرجل الذي رمم الماضي مثلما غاب الطفل الذي نما في احشائها .لم يكن الجنون تعبيرا لرؤيتها للاشياء مادامت قادرة على اعطاء دلالات تعبيرية لمواقفها في الحياة فهي لم تستوعب فكرة الزواج مادام باستطاعتها تلمس القلق الذي ينسج السواد على افكارها ، لم يستطع ان يفهمها وتحدثا سوية عن معاناتهما والقت باللائمة عليه لانه تزوجها .

اوغلت في الظلمة لكي لايراها واستخدم حواسّه كلها في ان يستدل عليها فقد اعتاد رائحتها التي تشتعل مثل الجمر ، وحينما نظرت الى الى السماء وقالت خذيني لم يكن يعرف ماذا يقول ووقف كالغريب وصارت الظلمة سمائه فهو تغير ولم يعد يثق بالصمت .

عرف انها تناولت كمية من الحبوب المخدرة فاطلق آهة تفرغ ألمه وحزنه لانه لم يصدق هذا الشعور المتخاذل الغبي وقال :كيف ضاقت بك الخطى وغاب الضوء عن عينيك ؟

وبكت بحرقة اضاعت ملامحها : عندما اكون حاملا اكون مجنونة

سمع كلامها وانطلق يعدو في زحام الحياة فقد ظن انه يعرفها ولم يعد يكشف عن لحظات العاصفة التي تروح وتغدو ، احاطها رغم ذلك بموسم الدفء وقال: انتظري الشمس لانها ستاتي.

لكنها شعرت بالعزلة مما اثقل قلبه فكيف سيقول لها ستجدين عندي ماتريدين ؟ ساحبك بقوة واصنع لك مخيلة ساحرة تنسجم معك فابعدي الحزن عن عينيك ، وارسلت نظرة تائهة تظهر مدى انفعالها المتهور وقالت : لاتغضب مني ، انني كئيبة .

ظن الرجل ان كآبتها متاتية من افكارها المريضة التي تجعلها تشعر بالضعف والانهيار فتلجا الى مثل هذه التصرفات الشاذة والغريبة التي اشاعت الفوضى في حياته حتى فكر في انهاء هذا الارتباط السخيف ، فكر في التراجع الى اقصى الحدود وتناولته الشكوك فالظلمة التي اوجدتها موحشة وحالكة السواد ، هل كان لزاما عليه ان يغفر لها حماقاتها ؟

حدّثته عن الموت والرب وتناولت فنجان القهوة وقرات تفاصيل البن في الفنجان ثم اقسمت انها رأت كل شيء وارته فنجانا متسخا وصدقها وهو ينفث دخان سيكارته التي لاتفارق شفاهه وقال :انسي كل شيء.

ولم تنسى شيئا واضمرت على ان يحيط ظلامها بالينابيع التي ارادت تجفيفها وانكر الرجل ذلك وتساءل عن كثبان الرمل التي زحفت على مناطق شاسعة من مشاعرها واحاديثها

وانكرت حياتها ايضا وقالت :محضّ خرافة تعلقت بها ، وتعب الرجل ولم يعد يصدق أي شيء وسال نفسه اية روح مظلمة تسكن جسدها ، انها تلاحق الخراب دون توقف ، أي حياة هذي التي اعيشها معها واي فراغ ، قال لها : نحن ، وصرخت من اعماقها : انا قال: انني اتكلم بلغة شائعة، وقاطعته : سانجب الطفل ، ليس من اجل انجاب الاطفال قال ، لكنها لم تصغي مرة اخرى واصبحت المسافة شاسعة فمن الضروري ان تفهم الفرق ، ان تفهم مااعنيه بالضبط ولم تكن تصغي لاي شيء فهي تؤمن بانها يجب ان تعيش على معنى واحد ، قال الرجل بغضب : الا تفهمين ان الالم والخوف والمرض نتاج للتعاسة ، وادرك بعمق ان مايختلج في داخله هو لحظة من لحظات الرؤى العظيمة فالحب كلمة لامعنى لها اذا وضعت خارج نطاق استعمالها ، فكّر ايضا في كلامها عن الخسارات وبدت له كلمة الخسارات مثيرة وتطابقت مع شبح المراة ، لقد اصيب بذهول مفاجىء وبدأ في عدّ خساراته ثم شعر بانه يتحدث عن الاخطاء ، لماذا ينساق الان مع رغباتها ؟ شيء غريب فعلا ان تستهلك نفسك في عد الحماقات قال الرجل اخيرا ثم اردف : دعها ترحل مادامت هذه رغبتها وابحث لك عن حياة ممكنة .

[email protected]