ليس الحديث اليوم عن دور السلطة القضائية في ترسيخ أحكام الدستور وحماية الأمن والنظام وسيادة القانون , بل الحديث عن التهديد والابتزاز ومحاولات حرفها عن أداء دورها في ترسيخ أحكام الدستور والأحكام الأخرى ومحاربة الإرهاب والجريمة والفساد المالي والإداري , وهذا التهديد يتمّثل بالتظاهرات التي دعا لها زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر الثلاثاء القادم أمام محكمة الساعة , ردّا على قرار المحكمة الاتحادية العليا بإبطال قرار إلغاء مناصب رئيس الجمهورية , فقد ناشد المتحدّث الرسمي باسم القضاء الأعلى السيد عبد الستار البيرقدار اليوم , السلطات والمنظمات والأحزاب وفئات الشعب العراقي كافة بالوقوف إلى جانب السلطة القضائية وعدم التأثير على قراراتها , وهذه المناشدة لم تأتي من فراغ , بل لاستشعار السلطة القضائية بالخطر الداهم والمحتمل من قيام بعض الغوغاء من اقتحام بناية المحكمة الاتحادية العليا انتقاما من قرارها بإبطال إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية .
وبالرغم من حراجة الموقف الذي يمرّ به البلد واستكمال كافة الاستعدادات العسكرية والنفسية لمعركة المصير مع داعش , معركة تحرير الموصل التي هي معركة الشعب العراقي بأسره مع الإرهاب بكل اشكاله وألوانه , إلا أنّ زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر أبى إلا ان يشّتت الجهود ويحوّل الأنظار إلى معركة أخرى , قد قال القضاء العراقي رأيه فيها , ويشغل وسائل الإعلام عن الحدث الأهم والأكبر , في الوقت الذي يتطلّب توحيد الجهود نحو الهدف الأسمى المتمّثل بالقضاء على الإرهاب واستئصاله وتحرير مدن العراق وقصباته من دنس الإرهاب وداعش , كما إنّ إشغال وسائل الإعلام عن القيام بدورها بإسناد المعركة مع داعش إعلاميا وإشغالها بأحداث ليس للعراقيين فيها سوى الفوضى , هو خدمة لأعداء العراق , ولهذا فإن حماية السلطة القضائية من محاولات التأثير على قراراتها وحماية استقلالها , واجب على الجميع , حكومة ومجلس نواب ومنظمات وأحزاب سياسية ومرجعيات وهيئات دينية , فليس من الحكمة ولا من المعقول أن يشغل البلد في هذا الظرف الحسّاس والدقيق وتشغل الأجهزة الأمنية بتظاهرات , هي تعبير عن رفض زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر لقرار المحكمة الاتحادية العليا الذي يرى فيه انتصارا لخصمه اللدود نوري المالكي , وليعلم الجميع إنّ تظاهرات الثلاثاء القادم لا علاقة لها بالإصلاح من قريب أو بعيد , ولا تخدم سوى داعش وأعداء العراق , في وقت ينتظر فيه العراقيون بين لحظة وأخرى , ساعة الصفر ليهبّوا لتحرير الموصل من الإرهاب وداعش المجرمة .