لعل الظاهرة الأخطر التي تلخص الوضع الحالي في العراق , اغتيال , واختطاف , وتهجير, وتهميش , وإذلال , وإغلاق جميع المؤسسات العلمية الصناعية والمعامل الحكومية والإنتاجية في العهد القديم … وتجهيل الأجيال العراقية التالية لعقود قادمة , كل هذا يحدث للعراق بينما دول الجوار ، وخاصة إيران ، تطور برنامجا نوويا طموحا ، وتستورد أجهزة طرد مركزي حديثة ستحول البلاد إلى قوة نووية في غضون عام مثلما وعد الرئيس الإيراني … وتجرب صواريخ بعيدة وقصيرة ألمدى ومن مختلف الأحجام … الرئيس الأمريكي الأسبق ( جورج بوش الابن ) انهزم في العراق هزيمة ساحقة ، ولكن هزيمته هذه يدفع ثمنها اليوم الشعب العراقي غاليا من دماء وعقول أجياله القديمة والحالية والقادمة ، ومن استقراره ، ولن يكون مفاجئا بالنسبة ألينا بعد انسحاب كذاب لجزء من القوات الأمريكية من العراق نهاية عام 2011 ، والاستعداد المماثل لحرب أخرى ضد إيران إرضاء لصديق الولايات المتحدة الأمريكية رئيس وزراء إسرائيل المدلل , اللوبي اليهودي هو الذي دفع أمريكا إلى الحرب في العراق ، وهو نفسه الآن يحرضها لخوض حرب أخرى ضد إيران ، تحت ذريعة تدمير برنامجها النووي ، وتهديد رئيسها بمسح إسرائيل من الخريطة الرئيس الأمريكي القديم والجديد ( اوباما ) يريد إن يحسن صورته ، على أمل أن يحظى بتقاعد أفضل من تقاعد صديقه الرئيس ( بوش الابن والأب ) , أي بدون إن يُطارد قانونيا كمجرم حرب بعد إحداث وصناعة الربيع العربي , في دول مناطق الشرق الأوسط , وراح ضحية هذا الربيع الملايين من العرب والمسلمين وها قد بدء سقوط أول ورقة من أوراق هذا الربيع الخرف بسقوط إمبراطورية مصر الجديدة وسقوط أول رئيس منتخب يمثل الدين السياسي , هو محمد مرسي ممثل الإخوان المسلمين بعد أشهر لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة , وهذا ما حدث وسيحدث في جميع دول ما تسمى الربيع الأسود لان أحزاب الإسلام السياسي اليوم … أصبح تجارة مزدهرة , لكن مع الأسف الشديد تجارها يحاولون الجلوس على كرسي الحكم لا يهمهم فقط غير مصالحهم الشخصية … ومصالح الدول الإقليمية إيران وتركيا وهذا ما شهده العراق الجديد طيلة السنوات (11) الماضية ، ولذلك يتحدث حاليا عن ضرورة إشراك العراق وإيران لتحقيق الاستقرار في سوريا كيف يمكن إشراك البلدين وكل منهما له أجندة خاصة تختلف بطريقة أو بأخرى مع أجندة الآخر، وما يجمعهما هو استخدام الملف العراقي إما لتحقيق مكاسب إقليمية مثلما هو حال إيران ، أو لإغراق أمريكا في مستنقع العراق الدموي حتى لا تتفرغ لإسقاط النظام مثلما هو حال سورية اليوم السؤال هو ما أذا كانت إيران وسورية ستفعلان أكثر مما فعلته القوات الأمريكية وحلفاؤها الأجانب والعراقيون , فهل إرسال العراق وإيران قوات إضافية سيحقق الأمن في سوريا ، ويوقف الحرب الأهلية الطائفية … ثم هل ستقدم العراق وإيران هذه الخدمات الخطرة والمكلفة مجانا ، ومن اجل زراق عيون الأمريكيين ، ودون إي مقابل يذكر لا نعتقد إن السوريين والإيرانيين علي هذه الدرجة من السذاجة ، مثلما انه غير معروف عنهما تقديم خدمات مجانية لأحد في الماضي حتى لأقرب أصدقائهما ، حتى يقدموها دون مقابل للأمريكيين ورئيسهم الذي يعتبر الدولتين ضلعي محور الشر الأساسيين … سورية أرادت سابقا انسحابا كاملا من الجولان ومعظم الأراضي العربية المحتلة ، ودورا إقليميا فاعلا ، وعودة نفوذها وربما قواتها مجددا إلى لبنان , إما إيران فتريد اعترافا أمريكيا بكونها قوة إقليمية نووية عظمي في المنطقة ، ورفع كافة أنواع الحصار والمقاطعة ضدها ، ووضع العراق الجديد تحت أجنحتها , فهل تقبل الإدارة الأمريكية بهذه المطالب السورية والإيرانية في البحث عن مخارج من الأزمة في سورية حاليا القوة والنفوذ لإقناع اوباما بأفكاره هذه … الجواب بالنفي ، لان كل هذه المطالب الإيرانية ـ السورية لا يمكن إن تتحقق إلا بقبول إسرائيلي طوعي ، أو بالإكراه ، ولا نعتقد أن إسرائيل ستتطوع بالانسحاب من الأراضي المحتلة وفق الشروط العربية ، ولا نري أن هناك احتمالا ولو ( واحد في المليون ) بإقدام البيت الأبيض على إجبارها للتجاوب مع هذه الشروط بالقوة … فالرئيس اوباما يبدو هذه الأيام في قمة ضعفه بسب انهيار برنامج الربيع العربي الجديد ، وإمامه تحديات صعبة لا يستطيع مواجهة إي منها وهو الذي خسر مجلس الكونغرس , فهناك تحدي كوريا الشمالية النووي ، والنزيف الدموي والمالي في العراق وأفغانستان ، والبرنامج النووي الإيراني الذي يحقق انجازات سريعة تحرق مراحل إنتاج أسلحة نووية … وفوق هذا وذاك انخفاض شعبيته في أوساط الأمريكيين إلى ادنى مستوياتها , إسرائيل قلقة من دعوات الحوار مع إيران وسورية ، التي يطلقها توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق , ويروج لها تقرير لجنة جيمس بيكر وزير الخارجية الأسبق وفريقه حول سيناريوهات الخروج من العراق ، لان إي تسوية ستأتي على حسابها ، ولهذا نجح رئيس وزراء إسرائيل في إقناع اوباما بإدارة ظهره لهذه الدعوات … العراق بات مقتل الإدارة الأمريكية الجديدة والسابقة ، وربما الإدارة المقبلة أيضا ، فالهزيمة الأمريكية فيه تبدو أسوأ بكثير من نظيرتها الفيتنامية ، لان الرئيس بوش الابن والأب لن يجد مخرجا مشرفا من هذا المأزق ، وحتى لو خرج ستظل لعنة العراق تطارد إل بوش و تطارد بلاده … ففي فيتنام وجد الأمريكيون جهة يفاوضونها ويوقعون معها اتفاق سلام يمهد لانسحابهم ، ولكنهم حتى هذه اللحظة لا يعرفون مع من يتفاوضون ، فلا توجد جهة موضع إجماع العراقيين جميعا أو غالبيتهم ،اللهم إلا أذا أعاد الأمريكيون الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل غزوهم واحتلالهم ، وهذا غير مطروح في الوقت الراهن على الأقل … السيناريو الأخطر الذي يتبلور حاليا بشكل متسارع الحرب على إيران ، وفي هذه الحالة سنري حربا عالمية ثالثة غير مسبوقة ، ونهاية أمريكا كدولة عظمي ، مثلما أنهت الحرب العالمية الثانية الرايخ الثالث بشكل مهين , وربما تكون نهاية إسرائيل أيضا …