23 ديسمبر، 2024 2:51 ص

احذر هؤلاء في طريق الاحرار

احذر هؤلاء في طريق الاحرار

عندما تنظر الى جسدك حين تسير وتتأمل بحركة قدميك، تفكر كيف لتلك القدم ان تنتقل خطوة بعد خطوة، فتقول في نفسك ان حركتها تتم بفعل العظام ومجموعة الاعصاب والاوعية الدموية المصممة على هيئة شبكة تتصل بالدماغ البشري فتتلقى الاوامر والايعازات فتتولد الحركة الارادية للقدم، ثم تتعمق اكثر فيما تفكر وتقول كيف تتولد الايعازات العصبية الصادرة من المخ والدماغ، بعدها ستقف عند نقطة يصعب اجتيازها وهي من يعطي هذه الايعازات؟ ومن هو ذلك الأنا المتحكم فيّي وفي تصرفاتي الارادية ومجموعة الاوامر العصبية، ربما كانت رغبة الخالق في خبايا الروح المبهمة هي امور يعجز العقل البشري عن ادراكها بقوله (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)، دلالة لعظمة خالق هذا الكون ومدى جبروته وقدرته في خلقنا وخلق العالم اجمع.

ان الجسد بدون الروح يتحول الى كتلة من اللحم والعظام، كقطعة خردة بالية، والروح كذلك بغير الجسد تكون خارج نطاق العالم الحقيقي او ذات صلة ودلالة في العالم الافتراضي، ذلك العالم الذي لم ندركه بعد فلم نسافر في معالمه، ولم نتحدث مع من ذهب الى ذلك المكان، وجميع ما احطنا به علما هو احاديث الرسول والائمة الاطهار عليهم افضل الصلاة والسلام عن العالم الاخر، اذن الروح والجسد هما شيئان ينتفي وجود احدهما بانتفاء الاخر، كذلك الدين والعقيدة، كلامها ملازم لبعض، الدين بلا عقيدة مجموعة من الفرائض كالصلاة والصيام والى ماغير ذلك تكون غير محصنة ومحد للطعن والتشكيك، لكن عندما يمتزج الدين بالعقيدة يتولد الجسد المتكامل والسليم لدين الفرد.

نعيش هذه الايام ذكرى احياء زيارة الاربعين للامام الحسين عليه السلام، نرى عموم الشيعة من كافة الدول ، يسيرون مشيا على الاقدام، وكل فرد منهم يقطع عشرات الكيلوا مترات، قاصدا كربلاء الحسين، من طرق مختلفة، يقيم الموالين من شيعة العراق مواكب ومحطات استراحة خدمة لزائرين وطلبا لمرضاة الله بخدمة سيد الشهداء، تلتقي اصناف البشر في هذه المواكب، كل فرد فيهم يدين بدين الاسلام، ولكن تختلف رؤياهم في مدى التعمق بالعقيدة، فمنهم من حصن نفسه ومنهم من كان عرضة للخرافات.

ان خطورة مرض السرطان تكون ولادة من بين خلايا الجسم، فهي خلايا سليمة ثم تصاب، كذلك البدع والخرافات المشتقة من الاسس الدينية، تصيب بعض الذين ضعفت لديهم عقيدة الايمان ودينهم وليد الفطرة، هناك بين الحشود المتوجه للكربلاء الحسين، يتصيد بعض المشعوذين البسطاء من الناس، ناشرين سموم افكارهم، ومتحايلين على الناس بطريقة مبتكرة وحديثة، حين يجالسون بسطاء القوم تراهم يتحدثون عن امور تخص ممالك الجن والعالم الاخر بمباركة من الله ونعمة من عنده مَنّ بها على هؤلاء الدجالة.

جلست ذات مرة في احد المواكب الحسينية، فسألني احد الزائرين كان يجلس بقربي، هل انت سعيد في حياتك؟ اجبت باستغراب من يقف موقف البحر من امامه والعدو من خلفه انى له السعادة ولكن الحمدلله على كل حال، فقال انت تعاني من مس من الجن، اطلت النظر في وجهه دون كلام، فاكمل يقول ان ارى الان الجن الغير صالح يقف ورائك وهو غير راضي عنك، قلت في نفسي مالهذا الرجل، ثم اجبت وبعد ماذا ترى؟ فقال ارى ان اعمال غير صالحة ( عمل شيطاني يستخدمه بعض الناس لاثارة المشاكل في الاسرة ) وضعها بعض المبغضين في دارك وهي ماجعلت منك انسان غير سعيد، وبعد حديث يطول ذكره بيني وبينه، علمت من ذلك المشعوذ انه يستغفل ضعفاء العقيدة والسطحيون بدينهم، يتلاعب بمشاعرهم ويعزف على اوتار معاناتهم، فيقيم النصب والاحتيال.

ان المسوقين لبضاعة السحر والشعوذة باتوا يتخذون من طريق الحسين عليه السلام، سوق لبضاعتهم الكادحة، فيوهمون الناس ان لهم القدرة على اخراج السحر والتحكم في عالم الجن، وان اعمالهم هذه هي طلب لمرضاة الله وتقربا من الحسين باصلاح ذات البين في المنازل والبيوت التي يسودها بعضها المشاكل والتناحرات، نحن قد نؤمن بوجود السحر والجن فهي امور ورد ذكرها في القران، ولكن بعض الايات والصور القرانية كفيلة بدفع شر تلك الاشياء، كصورة الاخلاص والفلق واية الكرسي، وان من يتعمد السير في مضمار الشعوذة والسحرة لايجد لنفسه سوى التخبط بجدران القلقل وقاذورات السحرة، فيكون لقمة صائخة وسهلة المنال من قبل اصحاب الجن كما يدعون انفسهم.