تدعيم الإجراءات الوقائية في معالجة حالات الطوارئ المختلفة التي تشمل عمليات الأخلاء والإنقاذ ومكافحة الحرائق وما يتصل بها في محطات إنتاج الطاقة الكهربائية كان وراء تشكيل فريق عمل متخصص في هذه الجوانب تم الحاقه بالهيكل التنظيمي للمحطات ووضع له توصيف وظيفي محدد لمهماته ويعتمد عديده على نوع هذه المحطات وسعتها، عادة ما يحمل هذا الفريق عنواناً يدل على الواجبات المسندة اليه مثال على هذا (شعبة السلامة والإطفاء) أو (قسم السلامة والدفاع المدني)، تولي الادارات العليا هذه الفرق اهتماماً خاصاً وتحظى بدعم كبير لإمكانياتها الفنية والتنفيذية كما تمنح للعاملين فيها مخصصات خطورة مجزية، ومن أجل الحفاظ على فعالية الأفراد في مثل هذه التشكيلات وتطوير مهاراتهم وتحقيق سرعة الاستجابة في مجابهة الحالات الطارئة يلجأ المعنيون المشرفين على عملها الى تنظيم ممارسات افتراضية تحاكي الواقع حيث يعد ذلك ضمن برامج التطوير والتدريب المستمر، يجري ذلك بوساطة إحداث حرائق مفتعلة (تحت السيطرة) وأداء منتسبي فرق الإطفاء بأدوارهم في إخمادها، يتبعها إجراء تقييم لمستوى إدائهم وتحديد النقص في توافر الوسائل المطلوبة، إن وجدت.
عراك الماس
ذهب موظف معروف بقدرته الوظيفية، كان مسؤولًا عن شعبة الإطفاء في محطتي توليد كهرباء دبس (الحرارية والغازية)، وكان مقر عملي في إدارة كهرباء المنطقة الشمالية يحتل مبنى الادارة المخصص لهاتين المحطتين، حيث نفذت إحدى الممارسات الافتراضية (الدورية) في إطفاء الحرائق والتي كانت تحت إشراف هذا الموظف المقتدر الذي اختار ساحة قريبة من موقع المحطة الحرارية ليضرم النار في إحدى زواياها البعيدة باستخدام كمية محددة من مخلفات الوقود والزيوت التالفة وذلك بتفريغها في حفرة جرى تهيئتها مسبقاً، كان هذا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي وأثناء احتدام معارك الحرب العراقية – الايرانية… هنا كانت المفاجأة عندما امتدت ألسنة اللهب باتجاه المخازن الرئيسة نتيجة لتسرب كمية من الوقود المعد لأحراقه (تحت السيطرة) الى مسار ساقية يمر قرب موقع هذه المخازن والتي تحتوي على مواد تخصصية مهمة لعمل الوحدات التوليدية في المحطتين.
هكذا تحولت الممارسة الافتراضية (الوهمية) هذه الى تهديد حقيقي وما تبعه من إجراءات تنفيذية على الميدان في إخماد النيران وإبعادها عن مخازن ومرافق المحطتين حيث كتب للمشتركين فيها من العاملين النجاح في إبعاد الضرر والدمار عنها، (هذا ما تضمنه التقرير الأولي الذي عرضته لجنة فنية أمام إدارة كهرباء المنطقة في حينها)، تبع هذا التقرير معلومات مؤكدة (من الجهة الأمنية التي تولت التحقيق في معرفة مسببات امتداد الحريق) تشير الى قيام أحد ضعاف النفوس من الذين قبلوا العمالة لصالح إيران بإحداث حريق قريب من موقع المخازن مستثمراً انشغال فريق الإطفاء بتنفيذ الممارسة الافتراضية وللتغطية على فعله اللاوطني المشين هذا الذي نال ما كان من جزاء.
بالرغم من عدم اعتراف مسؤول شعبة الإطفاء أن ما حصل كان خارج المخطط له في تنفيذ الممارسة إلا أنه والعاملين معه تلقوا مكافأة تشجيعية تقديراً لجهودهم في درء ما لا يحمد عقباه.
إن توفير عوامل المواجهة أمام عواقب الحوادث غير المتوقعة تعد من مستلزمات الأداء الآمن في عمل المؤسسات المختلفة وهو امتداد للخطط السليمة المحكمة المتضمنة وصفاً لوسائل التعامل مع الاحتمالات كافة، فهذا النوع من الخطط يمنع ما يؤدي الى حدوث الانحرافات التي تبعد هذه المؤسسات عن مساراتها في الوصول الى أهدافها أو الإضرار بها.