التظاهر حق قانوني وشرعي كفله الدستور وفق القوانين بصورة حضارية ومنضبطة للتعبير عن حقوق الشعب المغتصبة بشكل مدني وبصورة سلمية . وهذا ما لوحظ في تظاهرات التيار الصدري منذ سنوات التي تمثلت باحترام القانون والسلمية التامة رغم الاعتداءات المتكررة التي تعرضت اليها من قبل بعض الجهات الامنية والسياسية .انطلاقا من مبدأ المحافظة على الأمن والممتلكات العامة والنظام .
ان محاولة التطاول على القانون والتمرد والعصيان على الدولة، او القيام بممارسات غير قانونية واعمال شغب والتجاوز على الممتلكات العامة من غير وجه حق ، يعد أمرا مرفوضا من الناحية الاخلاقية والقانونية والشرعية ويجب التعامل معه بحزم وبقوة وفق القانون فلا صوت يعلو فوق القانون وهو فوق الجميع افراد وجماعات وولاءات وتخندقات واحزاب وعلى الجميع احترام الأنظمة والقوانين .
تدور في العراق مشاهد سلبية كثيرة من اعمال ارهابية و لصوصية وميليشيوية وعشائرية ومظاهر مسلحة تقوض من ارادة سلطة القانون واضعاف الدولة ، تعود إلى زمن الفوضى وسقوط هيبة الدولة بعد ان انهارت الدولة ومؤسساتها عام 2003 وسيطرت واستوليت تلك الجماعات وبسطت نفوذها العسكري والامني والسياسي كما حدث قبل فترة قصيرة ابان احداث الموصل وخرج من من بعض القيادات والشخصيات الكردية تصرفات وأفعال واطماع توسعية وانقلاب على وحدة البلاد والدستور بضم مدينة كركوك الى الاقليم ، كنا نظن أنها لا يمكن أن تصدر عن قيادة وعن شعب عرف تاريخياً عن تماسكه ووطنيته ونضاله ووحدته للعمق العراقي وشعبه.
وعندما اعلنت الدولة العراقية وشعبها بكل مكوناته ونخبه السياسية ركزت فيها بشدة كل الأطراف الوطنية في العراق بكل مرجعياته الدينية والسياسية والشعبية على استعادة «هيبة الدولة» وفرض دولة القانون. وقد كانت الرغبة فى استعادة هيبة الدولة العراقية وفرض القانون فى مقدمة الأسباب التى دفعت الجيش والقوات الامنية والحشد الشعبي فى تلبية الدعوة الوطنية الصادرة من قبل الحكومة ومنحه تفويضاً باسم الشعب بفرض القانون والقضاء على التمرد والعصيان وبسط قوة وسيطرة الدولة على كافة مناطق العراق بكل قوة وعزيمة واقتدار. ومحاربة الإرهاب والتصدي للعنف المتوقع، وتحرير اخر شبر من العراق الحبيب من دنس الدواعش والمتمردين على سلطة الدولة والقانون .فالشعب العراقي ، ومن خلال خبراته التاريخية وتجربته الحديثة بعد احداث الطائفية واحداث الموصل ، كان يعلم تماماً أن غياب هيبة الدولة يعنى ببساطة الخروج عليها من جماعات وحركات ومنظمات، يعنى انتشار الفوضى فى البلاد، وانتشار ظاهرة المجموعات المسلحة التى تفرض سيطرتها على مناطق من البلاد، تسرق، تسلب، تنهب، وتخطف، بل تعتدى على مؤسسات الدولة ورجالها. غياب دولة القانون يعنى أن كل من يقدر على فعل ما يقوم به، فلا مؤسسات تحاسب، ولا هيئات تراقب، ولا سلطة تنفيذية قادرة على فرض القانون والانضباط فى البلاد. وغياب هيبة الدولة مع تراجع دولة القانون يضع البلاد على أول طريق التقسيم الواقعى قبل القانونى، حيث يجرى تغييب سيادة الدولة على أجزاء من أراضيها، كما حدث بالنسبة لمدن غرب العراق ويمهد الطريق أمام تحول البلد إلى ساحة أو ملعب للقوى الدولية والإقليمية كبيرها وصغيرها، وتتحول البلاد الى فريسة سهلة للسقوط في مستنقع الدم و الحروب والصراعات الداخلية الدموية كما يحدث اليوم في سوريا . فالواجب الشرعي والقانوني والوطني يتحتم على الدولة ان تبسط نفوذها وقوانينها الصارمة وتفرض هيبة الدولة وفق المنظور الأخلاقي، والوطني، والشرعي . وان لا تساوم على دماء وارض الشعب ومقدراته وثرواته بعد ان تعرضت للكثير من الانكسارات والمؤامرات والفتن . وان ضمان وبقاء دولة موحدة قوية ضمان في وحدة شعب متماسك وقوي قادر على مواجهة تحديات المرحلة الراهنة .
فالمواطن العراقي بمقدوره التعايش مع ظلم الدولة حتى ينجلي، أفضل من العيش فى ظلال دولة بلا هيبة ولا تطبيق للقانون على أراضيها. ومن هنا نحذر من مخاطر تراجع هيبة الدولة بفعل بقايا عناصر زمن الفوضى وغياب القانون، ونطالب بعودة هيبة الدولة العراقية على كافة أراضيها، بما فيها اقليم كردستان وكل مناطق العراق وان يكون السلاح حصرا بيد الدولة العراقية، وأن تكون دولة عدل ومؤسسات لا دولة أفراد وجماعات، دولة مؤسسات تقوم بدورها الدستوري، ودولة قانون لا تفرط فى حقوقها ولا تتراجع أمام بلطجة وعنف، ولكنها تراعى حقوق مواطنيها، لا سيما الفئات الضعيفة منها التى تحتاج إلى حماية اجتماعية واقتصادية تحصل عليها كحقوق مواطنة لا كهبة ولا منحة خيرية .