ماكنت آمل أنْ أتخذ ما أتخذته اليوم من قرار خلال اجتماع عاجلٍ مع نفسي.
أنا شخص لم أعمل في السياسة (تنظيما) مطلقا وليست لي انشطة قديمة أو جديدة فيها ، لدي وَهْمٌ أصر عليه ” أن المتعلم يمكن ان يساهم من خلال خبرته في التاثير وصناعة القرار داخل المجتمع والسياسة ايضا، دون دخول معترك العمل السياسي المباشر ، وقفت ضد نظام صدام ليس لاني متضرر شخصيا أو سياسي منافس أو عميل لدى جهات معادية ، بل ببساطة ، لاني مواطن (طبيعي) أحلم ببلد( طبيعي) تديره كفاءات ويحميه مواطنوه ويحافظ نهجُ الحكمِ فيه على كرامَةِ شعبه ، وفي مقدمة الكرامة التي اعنيها حماية حدوده بعدم ارتكاب حماقات عسكرية انتحارية دون تخطيط محترف وتوفير الحد اللائق من سبل العيش والصحة والتعليم والامن واحترام الحريات والعقائد والاعراق في اطار العلاقات الاجتماعية التي لاتسيء الى أحد ، ولاني أؤمن بأن جميع البشر راحلون وأن الحياة رحلة مؤقتة ، لم ولن أحسد كائنا على شيء يملكه، طالما انه سيترك كل شيء ويواجه مصيره بلا أبناء ولامال ولا انتاج معرفي ولاسلطة ، لابقاء لحاكم ولابقاء لنهج مهما طال وأن على الناس دائما ان تستعد للتغيير اذا لم تكن هي التي تصنعه اساسا.
حصل ماحصل ، وكنت شخصيا آمل أنْ ينال شعب العراق حظه ولو مرة في تاريخه، واندفعت لذلك اندفاعا طفوليا خارج كهنوت الشعر والكتابة والقراءة الجادتين اللتين عشت حياتي كلّها في محرابهما، فخرجت الى الاعلام المرئي الذي لم يكن تخصصي أحاور الجميع واحث الجميع واستثمر كل ماوفرته لي المؤسسة التي عملت فيها من حرية ونهج في الاصلاح والارشاد وحماية التجربة الديمقراطية المفترضة في العراق،ومع سيل الاحباطات والأسف ورؤيتي من خانوا وطنهم ودينهم وضميرهم ، بقيت مستجيرا بالأمل الشعبي البسيط ، اننا كسبنا (الدستور ) و(التعددية) و( التبادل السلمي للسطة ) و(فصل السلطات ) و(اجهزة رقابية) و(برلمانا يمثل الجميع) ، لكن هذه الكوكبة من المكاسب ، اطفأها منتهكوها من السياسيين الشرهين الفاسدين والارهابيين ووكلاء الله المزورين ، وبقينا نحتفظ باشكال تلك المكاسب الضائعة مثل ثياب ميت تذكّر ذويه بحياته.
ولذلك كنا ننتخب وننتخب ، ونتباهى باصابعنا الملونة أملاً في صناعة الحياة ، وحتى أمس قبل اجتماعي العاجل مع نفسي ، كنت مصرا على ان هذه الثياب ممكن ان تعيد لنا الجسد الفقيد يوما، (أن ننتخب) ، وأنْ نبحث عن ضوء أو بصيص أمل وسط الضباع، ولا جهة بعد خمسة عشر عاما يمكن ان تثق بها سوى المدنيين والديمقراطيين الذي خرجوا من مهرجان الفساد بايادٍ بيض ، وقد تشرفتُ بدعوتي الى أنْ اكون عضوا في لجنة دعم التيار المدني الديمقراطي في الانتخابات التي تجري بعد أيام ،متصديا لجميع الاعتراضات على المشاركة ، لاننا مع المقاطعة سنرمي اسلحتنا بحجة نفاد عتادها ، ونخسر حتى ثوب القتيل الذي يذكّرنا بحياته.
ومع قراءة حرة لكل ماجرى وآليات التحكّم في مجرى الانتخابات واستهزاء الكتل النافذة بجميع النداءات التي وُجهت لهم ، ومراجعة خارطة نصب الكمائن للمرشحين الجدد سواء داخل القوائم النافذة او في القوائم المدنية ، جَرَفَ الخوف نفسي ، الخوف على المخلصين والكفاءات والشباب والاعلاميين والمدنيين الاحرار الذين سيكونون طعما سهلا ، ونماذج مُحرَجةً وسط البغاء السياسي والالتفاف على الديمقراطية في آخر انتخابات تجرى في العراق . نعم آخر انتخابات يدخل بعدها العراق في عصر الديكتاتوريات الصغيرة المتحالفة لاختطاف البلاد. فاتخذتُ القرارَ المؤسف الصعْب (أن اقاطع الانتخابات) ، مع أمنيتي أنْ لا أجدَ من أحبهم من المرشحين في البرلمان المقبل !،,احتفظ باصبعي نظيفا غير مشارك في لعبةٍ مخطط لنتائجها سلفا أنا مقاطع ، معتذرا لزملائي في لجنة دعم التيار الديمقراطي الذين أكن لهم كلّ الحب وهم وطنيون مخلصون ، وأنضم الى رفاقهم الذين لايرون موقف تيارهم في المكان الصحيح . ولأول مرة اتمنى أنْ يخيب ظني وان تكون نتائج اجتماعي مع نفسي باطلة مع تغيير حقيقي ، التغيير المستحيل بهذه الطريقة .ربما يرى بعض اصدقائي ذلك متأخرا ، لكنّ أن تصل متأخرا خيرٌ من أن لاتصلَ أبدا، و”أن فعل الخير لايفوت أوانه”.