7 أبريل، 2024 9:41 ص
Search
Close this search box.

اثارة الازمات حاجة سياسية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ سقوط النظام البائد وحتى يومنا هذا ، ظلت الازمات المصنوعة تتتابع وتفعل فعلها وتحقق ما يصبوا اليه السياسيون منها . ولكن، في البداية كانت تلك الازمات قليلة ويمكن تناسيها بعد حين او احتوائها عندما تهدد الشركاء في تقاسم الغنيمة بضياع مصالحهم .
في السنة الماضية والحالية تزايد عديد الازمات كماً ونوعا ، وباتت في معظمها غير قابلة للحل او الاحتواء وخرج بعضها عن السيطرة ايضا، واذا ما اردنا ان نتذكر اول الازمات الاخيرة ( منذ ستة شهور) فإن قضية طارق الهاشمي وعملية تهريبه من بغداد الى كردستان كانت فاتحة لأزمات اخرى . فالمعروف ان الحكومة هربته ، او غضت النظر عن سفره من بغداد الى كردستان ، وكانت الحكومة تقصد من ذلك حرق ورقته من دون ان تتحمل وزر اعتقالة ! وما ان وصل الهاشمي حتى احتضنه البارزاني ، وجعل منه ضيفا على الاكراد وليس عليه وحدة واعتبر بقاءه هناك التزاما بالقيم العشائرية الكردية . والمفارقة هنا هي ان البارزاني كان في حقيقة الامر لا يطيق الهاشمي ولا طروحاته ، وكان يكرهه في حقيقة الامر ، لكن مصلحته في ابتزاز المالكي حرضته على الاهتمام بالهاشمي لحين قبول المالكي التسليم للبارزاني بما وقع عليه من اتفاقية اربيل التي تبوأ الاخيررئاسة الحكومة على اثرها !
تلك الازمة كانت فاتحة لأزمات اخرى تساقطت على الواقع السياسي كزخات المطر . ولما كان البارزاني قد توقع ان يخضع المالكي لما اتفقا عليه سابقا ، فانه صدم، اي البارزاني ، حين لم يستجب له خصمه العنيد ، فبادره الى اثارة ازمة اخرى وهي طلب استجواب المالكي ومن ثم  سحب الثقة من حكومته. وكانت مفاجأة للأخير ، مفاجئة صادمة ، حين ذهب حليفه اللدود السيد مقتدى الصدر الى اربيل ليحاور خصومه ( البارزاني وعلاوي ) . والحوار ذلك قد انتهى الى تحالف ادى الى اصطفاف السيد الصدر مع الخصوم لإسقاط حكومة دولة القانون ، غير ان هذه الازمة ما تزال تراوح في مكانها ، مع ان السيد الصدر قد انسحب من حلفائه الجدد وتركهم هائمون بين جبال كردستان ووديانها ، وحتى الطالباني انسحب بعد ذلك مدعيا المرض ليترك غيره يقلع شوكة بيده !
بعد الأزمة الثانية . جاء دور ( المالكيون ) لأثارة أزمة او أزمات مقابلة فاقترحوا ، بل وجمعوا اصوات اكثر كم 25 نائبا لأستجواب البارزاني امام مجلس النواب .. والتهمة الموجهة اليه حقيقية ، ولكنها مضحكة بنفس الوقت . التهمة تقول ان البارزاني يهرب النفط ويبيعه في الخارج بأقل من سعره ولا يودع المردود المالي في ميزانية الدولة كما ينص الدستور على ذلك ! قلنا انها قضية حقيقية ، اما الجانب الساخر فيها فهو ان البارزاني كان يمارس ذلك منذ ثلاث سنوات او اكثر، حسب بيانات الحكومة ، فلماذا سكتت عليه اذا كان يهرب النفط لصالحه طوال هذه المدة؟
ومع ان هذه الأزمة قد اربكت البارزاني ، الا ان تفريخ الأزمات عادة معروفة لدى الحزب الحاكم، فلم يمر وقت طويل إلا واطلقت الجماعات المناصرة للحكومة ازمة اخرى وهي ان البارزاني قد باع النفط الى تركيا علناً. والدستور يستفيدون من نصوصه عند الحاجة ويهملونها في حال انتفت الحاجة !
وقد واجه زعيم كردستان تهمة بيع النفط الى تركيا بتحد اخر وهو اثارة ازمة  ضد الحكومة متهما اياها بأنها هي الاخرى تهرب النفط الى الخارج وتبيعه الى دول الجوار وحتى الى اسرائيل عن طريق الاردن !
وهنا بادر النشامى في الحزب الحاكم الى اطلاق ازمة مقابل ازمة البارزاني الاخيرة ألا وهو اتهامه بشراء السلاح من دول اجنبية خلافا للدستور!فرد عليهم زعيم كردستان بمنع الجيش العراقي في دخول منطقة زمار في ناحية ربيعه وهي في المناطق المتنازع عليها ، وهنا ثارت ثائرة المالكيون وعدوا الاجراء البارزاني خرقا فاضحا ، تصوروا .. فاضحا ، للدستور ايضا ، مع انهم- اي المالكيون- يعملون بأن دخول الجيش العراقي الى المناطق المتنازع عليها ممنوع، ممنوع ، منذ 2003 وحتى يومنا هذا !
بعد هذا الموجز لتولي الأزمات التي يصنعها هذا الطرف او ذاك ، لابد ان يبرز سؤال من بين كثير من الاسئلة ، وهو : لماذا تتولى الأزمات في هذا الوقت بالذات .. ومن المستفيد منها ؟
والجواب بسيط ويكاد يكون معروفا من قبل معظم العراقيين ، وهو ان البارزاني يعاني من مشكلة تهدد نفوذه في الاقليم ، إذ ان شعبيته قد انحسرت الى ادنى حدودها وان الاحزاب المعارضة ( الاتحاد الاسلامي ، الجماعة الاسلامية والتغيير ) باتت تهدد هيمنته، وكما اسقطت نفوذ الطالباني في السليمانية ، فان انتخابات مجالس المحافظات المقبلة ( بداية العام القادم ) ستكون مناسبة للأنقضاض على ما تبقى للبارزاني من سلطة ! ولهذا يلجأ الاخير الى التمرد على الحكومة والتلويح بأعلان استقلال اقليم كردستان لتضليل الناخب وجعله يقتنع بأن اية قوة سياسية بإستثنائه غير قادرة على التصدي لحكومة بغداد ، وغير جدية في جعل الحلم الكردي في الاستقلال امراً واقعاً على الارض !
اما المالكيون ، فمشكلتهم تنتهي هي الاخرى بانتخابات مجالس المحافظات المقبلة ايضا . والشعب العراقي خارج الاقليم لم تعد لديه قناعة بكفاءة واداء هذه الحكومة بعد تجربة عمرها اكثر من ست سنوات . وتحوطا من اسقاط كتلة دولة القانون في انتخابات مجالس المحافظات العام القابل ، فأن ( المالكيون ) ارادوا من وراء اثارة الأزمات هذه اقناع العراقيين بأنهم وحدهم من يستطيع ان يبقي العراق موحدا ويحول دون عودة الأرهاب التكفيري مرة ثانية . وأنهم – المالكيون – لا غيرهم، من يملك الاهلية للجم مطامع البارزاني في ثروات العراق وسيادة البلد وما الى ذلك من شعارات براقة !
وهناك من يعتقد ان الامريكين والايرانيين ، متى ما وجدوا ان الازمات ، او أزمة واحدة منها ، ستهدد نفوذهما ، فأنهما من غير اتفاق ، قادرون على اعادة المتنازعين الى ( العقل ) ، فمن ذا الذي يستطيع ان يعصي امرا للسيدين (الجليلين ) ؟
على اية حال ، فإن ما نراه ونسمعه انما هو لأشغالنا عن المطالبة بحقوقنا ، عربا كنا او كردا .. وقد وجدت قبل ايام في كاريكاتير نشرته احدى الصحف العراقية الرصينة على صفحتها الاولى ما يلخص مئات الصفحات من الدراسات والتحليلات والتوقعات المستقبلية ! ففكرة الكاريكاتير بسيطة ولكنها عميقة فقد أظهر الرسم الرسم الكاركتيري  كلا من  البارزاني والمالكي ممسكا احدهم بيد الاخر على خشبة المسرح وهما جذلان، بينما وقف الكثير من المشاهدين وهم فاغروا الافواه تعجبا !! 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب