23 ديسمبر، 2024 4:23 ص

اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي ماذا والي اين

اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي ماذا والي اين

اعلن الرئيس الامريكي، ترامب يوم الخميس، 13من الشهر الجاري؛ عن اتفاق الاماراتي الاسرائيلي على تطبيع العلاقة بينهما، بشكل معلن ورسمي وواضح، وبينَ ان التوقيع على هذا الاتفاق سوف يتم في الاسابيع القليلة المقبلة في البيت الابيض. ان هذا الاتفاق لم يكن مفاجئا بل هو كان متوقعا من خلال مسار الاحداث في السنوات الاخيرة. قبل الخوض في هذا الاتفاق، وعلاقته ببقية دول المنطقة العربية، والسلطة الفلسطينية؛ من المهم هنا العودة الى السنوات السابقة، وما جرى فيها، من عمليات التطبيع الواضح ولكنه غير معلن بصورة رسمية. ليس صدفة ان تتم تسريبات اسرائيلية، على صفحات الصحف العبرية التي احالتها الى مسؤولين اسرائيليين رفيعي المستوى، قبل ما يقارب من اربع سنوات؛ هذه التسريبات نلخصها في الاتي: مد سكك حديد من ميناء حيفا الى الدمام، عبورا لجزيرتي تيران وصنافير الى البحر الاحمر عبر جسر تتكفل السعودية بدفع اكلاف بناءه، وصولا الى دول الخليج العربي. كي تكون الموانىء الاسرائيلية، منفذا لها على البحر الابيض المتوسط. هذه السكك تهدف الى ربط اسرائيل بدول المنطقة العربية، وبلغة اخرى هي بداية ليس للتطبيع فقط بل جعل الاسرائيل، مركز علمي واقتصادي وتجاري وصناعي في المنطقة العربية. عندما ظهرت تلك التسريبات في وقتها، لم يكذبها اي مسؤول سواء خليجي او اي مسؤول مصري، مما يعني انها صحيحة لناحية الاتفاقات في الغرف المظلمة. الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي وبرعاية امريكا ترامب لم يكن وليد ساعته بل هو طبخة أُعد لها قبل سنوات، وقد استوت ونضجت الأن، لذا، اُعلن عنها. الامارات وعلى لسان ولي عهد ابو ظبي، الذي وصف هذا الاعلان؛ بانه سوف يفتح الباب، لاستقرار المنطقة العربية وتطورها، ويجعلها تنعم بالسلام. موضحا بأن السلام مع اسرائيل؛ يفتح الطريق الى اقامة دولة فلسطين، كما انه يمنع الضم الاسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية، بالاتفاق مع اسرائيل. مع كل عملية تطبيع او اتفاق سلام مع اسرائيل، يجري الحديث عن ضمان حق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة؛ سواء باتفاقية كامب ديفيد او في اتفاقات اوسلو او في اتفاق وادي عربة، بينما ما قامت ولم تزل تقوم به، على العكس تماما، بل واصلت عملية بناء المستوطنات والقضم المستمر لأراضي الضفة الغربية، والتي يسميها الاسرائيليون يهودا والسامرة، والقدس ومحيطها وتهجير سكان القرى فيها. نتنياهو بعد ساعة من اعلان ترامب عن الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي، اُوضح؛ من انه لم يتخلَ عن عملية ضم اجزاء من الضفة الغربية، بل تأجيلها موقتا وبالتشاور مع الولايات المتحدة الامريكية. من المؤكد، بالاستناد على ما جرى قبل سنوات ولم يزل يجري، من عمليات تطبيع خفية في احيان قليلة ومعلنة في اكثر الاحيان؛ ان ما قامت به الامارات لم يكن من دون التشاور مع السعودية وغيرها من دول المنطقة العربية، مصر مثلا. عليه، فان عملية السلام بين الامارات واسرائيل، سيتبعها وفي الوقت المناسب اي حين يكون الظرف الاقليمي والدولي مناسبا، اتفاق البحرين وسلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية مع اسرائيل في توقيع اتفاق سلام معها. ان اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي والذي وكما بينا سوف يتبعه في الوقت المقبل، اتفاقيات سلام اخرى.. له علاقة بنوية مع صفقة القرن سيئة النية والصيت والهدف. الامارات لعبت وتلعب دورا خطيرا في المنطقة العربية، وهي اداة امريكية واسرائيلية في تنفيذ اهداف الدولتين في سوريا وليبيا ولبنان والعراق واليمن، وفي الدولة الاخيرة لعبت دورا هداما فيها، اسست فيه، المنطلق لتقسيم اليمن الى دولتين، ومن الطبيعي بمشاركة السعودية، وفي السلطة الفلسطينية، السيد محمد دحلان الذي يتخذ من الامارات مقرا له، ورقة اماراتية، سوف تلعبها في الوقت المناسب، ضد سلطة محمود عباس الذي بلغ من العمر ما بلغ.. ان ما جرى ويجري الى الآن، في الدول العربية؛ سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان، يرتبط استراتيجيا بصفقة القرن، واتفاقيات السلام مع اسرائيل، سواء التي اعلن عنها مع الامارات او التي سوف تتم في المقبل من الوقت الذي ليس هو ببعيد من الآن. وهذا هو ما يفسر لنا وبصورة واضحة لا لبس فيها، كيف تم حرف الربيع العربي عن مساره الحقيقي، والذي في خط شروعه؛ ينحصر في رفع الظلم ( ظلم الحاكم العربي) عن الشعب ومنحه الحرية والحياة الافضل في تأمين الامن وحرية الرأي والكلمة وفرص العمل، وفرص التطور وتنمية الموارد التي تتكفل في تأمين العيش الكريم للناس. لكن الذي جرى هو تغير هذا الطريق بطريق اخر غيره في الضد من إرادة الشعب، في حفر خنادق الفتن بزج المأجورين، على طول طريق الشعب في انتزاع حقه في الحياة الكريمة من غاصبيها من رؤوس النظام الرسمي العربي، مما جعل ماكنة التغير؛ تدور على الشعب لسحقه، لتنتج الفوضى والدمار والخراب، وبالنهاية دول فاشلة، وبهويات متعددة، وتشظي مجتمعي. هذا الواقع هو من منح المطبعين، فرص التطبيع وعقد اتفاقيات سلام مع اسرائيل. ان هذا يقودنا الى ان نُبيَن ان ما جرى وما زال يجري الى الآن في الدول العربية سابقة التنويه لها في هذه السطور المتواضعة، كان بقصدية استراتيجية للوصول الى هذا الواقع، الذي وفر للدول المُطبَعة او التي تريد عقد سلام مع اسرائيل، التي تمارس وعلى مدار الساعة، الظلم ومصادرة حقوق الفلسطينيين. عليه فان اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي، ما هو إلا حلقة من مجموعة من الحلقات، تشكل سلسلة يربطها خيط واحد؛ هو تصفية القضية الفلسطينية على طاولة صفقة القرن، لكن عُقَد هذا الخيط؛ هو تحويل الدول العربية التي سبق الاشارة لها، الى دول فاشلة او دول تمزقها الحروب.. بمال واذرع عربية..