23 ديسمبر، 2024 2:20 ص

اتجاهات العراق بين الشراكة الوطنية والأغلبية السياسية.. ام التغيير والاصلاح؟

اتجاهات العراق بين الشراكة الوطنية والأغلبية السياسية.. ام التغيير والاصلاح؟

الشراكة الوطنية.. قاعدتها عقد اجتماعي وحقوق متساوية لكل الموطنين في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع والدولة بشكل فاعل.

ـ وتحقيق هذه الشراكة ونجاحها انما هو الشرط الموضوعي لنجاح المشروع الوطني.

ـ وما ينبغي أن يحصل عليه المواطن من مكاسب (ديمقراطية) ابتداء من حقه ب(الامن) الراسخ.. وانتهاءً بمطالب كثيرة مرتبطة بحقوقه الاخرى كمواطن وكانسان.

ـ ولعل الشراكة الوطنية نفسها من بين العديد من العوامل الاخرى المعيار الاكثر أهمية في اختيار النموذج المناسب للديمقراطية.

ـ فيما التطبيق الفعلي لمشروع الشراكة الوطنية في العراق.. خلال مسيرة السنوات الثمانية عشر سنة الماضية.. اتسمت بإخفاقات جسيمة وتباطؤ في بناء الدولة.. ليأخذ مفهوم المحاصصة.

ـ انعكست المحاصصة في عدم قدرة مواجهة الكثير من تركات الماضي الثقيلة.. ليضاف اليها تردي كبير في تقديم الخدمات العامة وتفشي الفساد.. وغياب الكفاءة للكثير من الصف الاول والثاني في قيادة الدولة.

ـ واتساع البطالة.. وتصاعد في مستويات الجريمة.. وضعف في تطبيق القانون.. كل ذلك عرقلة السير في انضاج المشروع الوطني وتعزيز بناء الدولة الاتحادية.

ـ وإذا كان اختيار النموذج الديمقراطي التوافقي .. الذي اعتمدته التجربة العراقية (العملية السياسية).. أدى الى تجريد العملية الديمقراطية من وظيفتين أساسيتين.. هما: (الرقابة والمساءلة) للأداء الحكومي.

ـ لتحل محلهما عمليات (الترضية والمجاملة) والصفقات غير المشروعة.

ـ فان ما نشهده اليوم من تحركات لإصلاح سياسي.. وظهور قوى اجتماعية جديدة.. ورفض شعبي لنظام المحاصصة.. والمطالبة الجادة والمستمرة للإصلاح الحقيقي.

ـ مقابل استمرار كتل سياسية كبيرة بموقفين متضادين ومتناقضين.. أضف الى ذلك التمسك بتلاليب الدستور.. ومحاولات محمومة من جميع الكتل السياسية لتحقيق مكاسب فئوية أو شخصية أو حزبية على حساب مصالح الشعب العليا.. وخرق دستوري وقانوني فاضح.

ـ وإفراغ بعض المبادئ الديمقراطية من مضامينها.. لنعيش أوضاعا قد تسير في طريق اعاقة المسيرة الديمقراطية.. والعودة الى الصراع وتكريس مفاهيم الهيمنة السياسية.. بدلا من المصالح العليا للوطن والشراكة الحقيقية.

ـ ان المشهد السياسي الحالي أخذ يبتعد شيئا فشيئا عن الطائفية وتداعياتها الإحباطية المعقدة.. لكننا في نفس الوقت نعيش أمام نخب سياسية تحاول لوي عنق الحقيقة بطروحات لا يمكن تفسيرها دستوريا ولا ديمقراطيا.

ـ ان الشراكة الحقيقية لا تعني أبدا مناصب ووزارات وتقسيم مغانم.. ولا فرض ارادات.. ولا اتفاقات بين كتل وشرعنتها من دون معرفة الشعب بمضامين تلك الاتفاقات.

ـ ان الشراكة الوطنية تعني مشاركة حقيقية لممثلي الشعب وفق الاستحقاق الانتخابي الحقيقي النزيه.. وليس انتخابات بقوانين توضع لخدمة قوى سياسية معينة.. اضف لذلك التزوير الفاضح لتلك الانتخابات!

ـ اما الاغلبية السياسية فلا تعني أرقاما مجردة أي (50 +1 ) و 49 %.. معارضة شكلية لا تقدم ولا تنتقد بموضوعية.. بل العمل على عرقلة العمل الحكومي والبرلماني.

ـ ولا تهدد من قبل الغالبية بكل الاشكال والصيغ العقابية وبفضح وكشف ملفات.. أو بتهميشها.. أو بتخوينها.

ـ بل ان الاغلبية السياسية أدارة للعملية السياسية بالتضامن والتفاعل مع المعارضة الحقيقية.. التي ارتضت بملأ ارادتها أن تشكل المعارضة لقناعتها ان برنامجها السياسي يحتوي مبادئ وفقرات لا يتضمنها برنامج الاغلبية السياسية.

ـ فقررت ان تكون في الصف المقابل لمتابعة تنفيذ برنامجها ومراقبة الاداء الحكومي ومساءلة الوزراء عن اعمالهم والتميز في العمل البرلماني ومتابعة حقوق المواطنين عموما وناخبيها ومؤيديها ثانيا.. مثلما قد تشكل حكومة ظل مستعدة لتسلم مسؤوليات الحكومة في حالة اخفاق حكومة الاغلبية واستقالتها.

ـ ان المصلحة الوطنية تفرض تشكيل حكومة قوية ودستورية ومن عناصر كفوءة ومشهود بنزاهتها.. وببرنامج وطني واضح وشفاف ومقبول من الجميع.. أو مقبول بأصوات الغالبية العظمى .

ـ واحترام رأي الاقلية بمحاولة الاخذ بآرائها.. وتعديل مشاريع القوانين بما تلبي كل الآراء الوطنية.. وبغير ذلك تكون حكومة الاغلبية السياسية حكومة تخويف وإلقاء قبض لمن يعارضها بشتى التهم.

انتفاضة تشرين.. الاصلاح والتغيير

وكانت انطلاقة تظاهرات تشرين 2019 تهدف في حقيقتها الى الاصلاح.. واذا كانت البداية مطلبية لتعبن البطالة.. فإنها في حقيقة الواقع العراقي ومتطلبات المرحلة.. تطورت واصبحت تمثل:

1ـ الرفض والتضاد والتناقض الشعب مع واقع ما بعد 2003.. حتى وصلت الأمور إلى الطريق المسدود

2ـ عدم شرعية ودستورية العملية السياسية.. التي انحرفت عن اقامة نظام برلماني اتحادي.. وفق الدستور.

3- لا السلطة الحالية وقواها قادرة على اجتياز واقع الفشل والفساد والتخريب المتعمد.. الذي جاء نتيجة تخلف مفاهيمها الوطنية عن ذلك..

4- عدم إمكانية فهم حركة المجتمع ومتطلبات الحكم الرشيد كواحد من أساليب الحكم الناجحة في تأمين الحقوق والواجبات.. ولا الشعب قادر على أن يمنح المزيد من الثقة والوقت لهذه السلطة وقواها وقد جرب كل أشكال التصبر.. ومحاولة فسح المجال للقوى المؤثرة عليها أن تفعل ما يمكن أن يكون أفق حل أو محاولة للتصحيح.

ـ من هنا وجد الشعب وخاصة الفئات الأكثر تضرراً من تحولات 2003 وما بعدها وهم الغالبية من أبنائه أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما:

ـ إما الصدام مع السلطة والمنظومة السياسية واسترجاع القرار السياسي والسلطوي منها لأنها لا تصلح لقيادة هكذا شعب وبهذه المقدرات والخبرات.
ـ أو الرضوخ التام لها مما يعني المزيد من الاستبداد والطغيان والفشل.. مع المزيد من الفساد والنهب.

ـ لقد حدّد الداعون والمنظمون لهذه التظاهرات ثم الاحتجاجات ثم الوصول إلى حالة الثورة وهم على معرفة تامة بأن الحل يكمن تغيير جذري للعملية السياسية الحالية المنحرفة.

ـ فهي عملية بتر وتطهير ومعالجة جذرية لسرطان أكل العراق جسداً وروحاً وقوة ومستقبلاً.

هذا هو خيار الثورة خيار التغيير الشامل والجذري والضروري كي يتخلص العراق من أزمته الطاحنة.

ـ هذه النقطة الأهم والأساسية في بناء روح الانتفاضة وهيكلها الخارجي.. إنها امتلكت مبرراتها وامتلكت أدوات العمل الثوري وإن كان غير منظم ظاهرياً.

أن الثورة شعارها وهدفها ورؤيتها باستكمال تام وحقيقي وجذري لعملية تغيير شاملة لكل أوجه وأسس ومنطلقات وأساليب العملية السياسية الراهنة وبناءها السياسي والفكري.