22 ديسمبر، 2024 10:18 م

ابو هيا “المبخوت” وهيبة الدولة

ابو هيا “المبخوت” وهيبة الدولة

كحال الكثير من العراقيين استغربت ظهور بعض الوزراء في حكومتنا “الرشيدة” خلال جلسة وزارية يتغزلون فيها برئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وكأن جميع المشاكل والازمات التي تعاني منها الوزارات “المتخمة” بالفساد قد انتهت، ولَم يتبقّ غير “امتداح” الكاظمي بكلمات تذكرنا بالحاشية التي تصنع الطواغيت وتجمل اخطائهم وتجعلها عين الصواب، ليكون حافزاً لاستكمال “الهفوات” بدلا مِن معالجتها، كما كان يصف عزة الدوري في حديثه لصدام حسين “انا لا شك ابداً بانك يوحى اليك”، فهي لا تفرق عن وصف وزير النقل للكاظمي بانه “مبخوت”، مع الفرق طبعا بين هذا وذاك.

قد يكون الكاظمي “مبخوتا”.. نعم لكن ليس لنجاحه في ادارة الحكومة..ابدا، انما في ارتكابه للاخطاء مِن دون محاسبة، مثلا حينما تعمد رئيس الوزراء تاخير الرواتب صمت الجميع ولَم نسمع الاصوات المليونية التي كانت تطالب بمنحه الفرصة للاصلاح، على العكس ظهر البعض بموقف النادم، حينما كان ينتقد احتجاجات تشرين ويصفهم باعداء الدولة، واصبح يترحم على ايام “صمودهم” لاجبار الحكومة على تحقيق مطالبهم، فعلا الكاظمي “مبخوت” حينما رفع سعر صرف الدولار ووجه ضربة قاضية للدينار وخسر بسبب هذه “الحركة الاصلاحية” كل موظف 20 بالمئة مِن راتبه وارتفعت اسعار المواد الغذائية والادوية، لم نسمع اصوات الرافضين لسياسة الكاظمي الاقتصادية “الفاشلة”، وعندما اضافت الحكومة في موازنة العام 2021، ضريبة على الرواتب على الرغم من انخفاض قيمتها بسبب اسعار صرف الدولار، اصاب القوى السياسة الخرس ولَم نرى الموظفون يعلنون الاضراب عن الدوام، لتكتمل صفة المبخوت، بارسال الاموال للسلطة في اقليم كردستان على الرغم من عدم ارسالها واردات المنافذ والنفط، وقطعها الرواتب عن مواطنين الاقليم.

فعلا.. دولة رئيس الوزراء “مبخوت”، حينما يترك الفصائل المسلحة “تسخر” مِن هيبة الدولة، وتستعرض في الشوراع باسلحتها وسياراتها وتهدده عصائب اهل الحق بالاستعداد للمواجهة ويكتفي بالرد عليها بجولة ليلية بعيداً عن اماكن استعراضها في شارع فلسطين الذي يقع، شرقي بغداد، بينما جولته كانت في شمالي وغربي العاصمة، وحينما “يسخر” منه مستشار كتائب حزب الله، ابو علي العسكري ويهدده بقص صيوان اذنيه كما تقص صيوان الماعز، ويتجاهل في وقتها “هيبة الدولة” التي اهانها العسكري، ويثأر مِن ناشط في التظاهرات كتب على جداريته في موقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) كلمات انتقد خلالها تردي الخدمات في مدينته، بالاعتقال بتهمة “إهانة الدولة” فهل هناك “بخت” اكثر مِن هذا.

لكن جلسة الحكومة لم تنتهي عند “المبخوت” ليخرج علينا وزير الثقافة ليبلغنا باننا “محظوظون بوجود الكاظمي”، لا ادري معالي الوزير عن اي حظوظ يتحدث ومنازل الناشطين في مدينة الناصرية تتعرض يوميا للتفجير بالعبوات الناسفة، وحملات الاعتقال مستمرة للمتظاهرين في المحافظات الجنوبية، هل يقصد الوزير بان “عباد الله” محظوظون لدرجة ان الناشط سجاد العراقي لايزال مصيره مجهولا حتى الان رغم مرور اكثر من ثلاثة اشهر على اختطافه، او قد يقصد دماء اكثر من 700 متظاهر لم يحاكم قاتلهم حتى الان، كيف لا نكون محظوظين ونحن نستمع يوميا “لمشهد كوميدي” تؤديه الحكومة بعنوان “هيبة الدولة” في وقت يتصرف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر وكأنه القائد العام للقوات المسلحة حين ما يدعو لاعلان حالة الطوارئ في العاصمة بغداد ويشكل اللجان لمحاسبة من يخالفه الرأي بحجة الاصلاح، متجاهلا مؤسسات الدولة التي اصبحت عاجزة عن حماية نفسها والقيام بدورها الحقيقي بسبب ضعف رئيس الوزراء وعجزه عن مواجهة زعماء المال والسلاح.

الخلاصة… ان فريق الكاظمي ومكتبه كان بامكانهم حذف “حفلة المديح” التي اقامها معالي الوزراء قبل نشرها بهذه الطريقة، لكن يبدو ان هناك تعمدا باظهارها، لاعتقادهم بانها سترفع من شأن الكاظمي وتلمع حكومته، وكالعادة القرار كان خاطئا وكشف عن حجم الحكومة الحقيقي الذي اجبرهم على رفع مقاطع الفيديو من جميع المواقع الالكترونية لرئاسة الوزراء بخطوة متاخرة، ليضاف فشل جديد في قائمة “الاخفاقات” التي يدعي مستشارو رئيس الوزراء انها ستنتهي مع “المرحلة” الجديدة…. اخيرا… السؤال الذي لابد منه…. متى نغادر صفحة “التملق الحكومي” ونستعيد هيبة الدولة؟.