يَكذب أيّ مسؤول حكومي يقول، أنه قدم الوطن والشعب على نفسه وحزبه ومقربيه؟! ومخدوع كل مَنْ صَدقْ أن بعضهم أراد العمل، ومنعته جهات آخرى؟!
أكثر كذباً من هؤولاء من علل فشله؛ بأسباب سياسية ومادية وطبيعية، في بلد وافر الخيرات والأيادي العاملة والأرض المنبسطة.
ينتابك الألم حينما تضع قدمك في أول متر بعد حدود الوطن، وتشعر بخيبة الأمل حينما تعود الى بلد خُرب عمداً، وأمواله تكفي لبناء حاضر إنتظرناه للتباهى بين الأمم، ولا تسنتج من الحديث عن الحضارة السالفة وحمورابي والمعارك؛ إلاّ ترياق على عقول أمة أريد لها أن تمتهن؟! ولن تتحدث أحجار مدفونة عن صناعة مستقبل، ضاع بين تسابق الأمم؟!
يجد أيّ عاقل عند مراجعة الفرصة التاريخية؛ التي حصلها العراق من 2003م- 2014م، أن البلد لم ينال مثلها منذ نزول آدم عليه السلام، وما وفرة الخيرات وزيادة تصدير النفط؛ إلاّ نعمة حولها ساسة الى نقمة، ولم يتعلموا من أقرب الدول جواراً وعلاقات دبلوماسية، التي تشابهة مع العراق في ظروف حروب وحصار، وأكثر قسوة بيئية وجغرافية، صنعت برجالها تاريخ من الحاضر، ومستقبل لأجيال قادمة.
زرت في الأيام الماضية العاصمة طهران، ومنها تعلمت أن سُلم الرُقيّ والتطور؛ تصله الشعوب؛ بإختيار رجال يقدسون الوطن ويخدمون المواطن، وشاهدت بلد بإستطاعته تصدير الكهرباء فائضة، بعد تزين الشوارع والأشجار وطوال آلاف الكيلومترات، وتُنتجه من النفايات بنسبة 70%، وهنا لم يكذب من قال أن العراق يستطيع تصدير الكهرباء، بل يسد حاجة عشرة دول مجاورة؛ إذا إستفاد النفايات، التي تكاد الدخول الى المنازل؟!
فكر أمين العاصمة طهران، أن يستحدث شارعاً لمرور باصات نقل الركاب للتخلص من الإزدحامات، وتسهيل حركة المواطنين بأسعار رمزية، وعند طلبه من رئيس الجمهورية أموال لبناء مشروعه؛ إعتذر الرئيس لأسباب مادية من الحصار المفروض على ايران، ولكنه لم يتوقف حتى طرح مشروع بيع هواء طهران، الذي يعتمد على البيع بالأمتار، بعد إحتساب الطابق الأول للآباء، والثاني للأبناء، وبعدها ملك الدولة، يُباع حسب المنطقة، فجلب مليارات، إستطاع منها مَدّ طريق حافلات طوله 35 كيلو متر بظرف 48 ساعة، بعد جلبه 10 شركات وقسم العمل بينها في سقف زمني.
أمين طهران وسائر المسؤولين هناك، إستطاعوا تطويع الجغرافية القاسية الى بلد جميل؛ يضاهي الدول المتقدمة، ويتفوق في مجالات آخرى.
طهران وسيمة بأمينها ونفايتها تشكل 70% من إنتاج الطاقة، وفي العراق نفايات سياسية تجلب بفسادها الإرهاب والخراب، وإذا كان يحلو لسكان طهران تسمية أمينهم ” ابو الهوى”، ففي العراق أيضاً مسؤولين يسمي العراقيون كل واحد منهم ” ابو الهوه”، ككاذب يردّون على حديثة ” كافي أبو الهوه”، وفرق بين ابو الهواء الذي باعه لبناء وطنه، وبين من كان حديثه كالهواء، لا يُرى ولا يمسك منه شيء؟! وما هو إلا قاذورة في تاريخ وطن؟!