19 ديسمبر، 2024 6:01 ص

إلى الإخوة في جميع المواقعربما يسرق بعض الناس أموالك أو ممتلكاتك لكنك تعذره لحاجته مثلاً لا سيما إن كان من أقاربك، أما أن يقوم شخص وهو أقرب الناس إليك بسرقة أفكارك فأعتقد أن هذه جريمة لم تغتغر.. لم تتعرض مقالاتي للسرقة منذ بدأت الكتابة إلا مرة واحدة من قبل أحد الناس وعندما راسلته اعترف بذلك مشكوراً وقام بإلغاء المقال الذي سرقه أو ألغي من قبل الموقع آنذاك وهذا في عام 2009 على ما أتذكر.. أما الآن فالمشكلة لي ابن اخت لجأ مؤخراً إلى السويد وفاتحني بأن لديه فكرة إنشاء مدونة أطلق عليها مدونة المعارف.. وسرعان ما وجدت بعضاً من مقالاتي قد كتبها باسمه وأبلغته بخطأه عسى أن يهديه الله تعالى ولكنه تمادى في الخطأ.. ولا يرغب برفع المقالات على الرغم من إنذاري له أكثر من مرة وقد قام بسرقة المقالات من مواقع.. إيلاف- مركز النور- صحيفة الفكر- عرب تايمز- كتابات- المثقف.. وربما مواقع أخرى لا أعلم عنها.. فأتمنى على جميع الإخوة في المواقع الانتباه إلى مثل هذه الظاهرة.
رابط مدونته.. مدونة المعارف
LOGSPOT.COMHTTP://KNOWLEDGE66.B/
الميثاق بين الحقيقة والتمثيل.. رابط المقال عندما نشرته في مركز النور
http://www.alnoor.se/article.asp?id=220867
مقالي المسروق
الميثاق بين الحقيقة والتمثيل
بقلم المدون علي المالكي
العهد الذي أخذه الله تعالى من الإنسان يقطع أمامه الحجة التي يتعلق بها للسير في طريق الضلال المؤدي به إلى ساعة الجدال التي يظن أنها الخلاص النهائي كما قال تعالى: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون) النحل 111. وهذا الجدال ذكر في مواضع متفرقة من القرآن الكريم كقوله تعالى: (والله ربنا ما كنا مشركين) الأنعام 23. وقوله: (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا) فصلت 29. وغير ذلك من الآيات، إلا أن هذا الجدال يتوقف عند ظهور الحجة البالغة التي تنقطع عندها الأعذار ويكون الإنسان شاهداً على نفسه مع جوارحه، كما قال تعالى: (قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) الأنعام 149. وهذه الآية الكريمة تتضمن دفع الاحتجاج والانكار الذي يبديه الإنسان للاعتراض على ما حصل منه خلال رحلته في هذه النشأة بسبب أن الحجة البالغة التي ذكرها الله تعالى غرضها إزالة الأعذار بواسطة ما ركب في الإنسان من عقل وقدرة، إضافة إلى الاختيار الذي يتحكم في الفطرة الإنسانية وما ألهمها الله تعالى من مقومات الفتنة التي من خلالها يتم التمييز، كما قال عز من قائل: (فألهمها فجورها وتقواها) الشمس 8.
لأن الله تعالى لا يحمل الإنسان على الإيمان قهراً وكرهاً فإن حصل ذلك كان خلاف الحكمة وخلاف التكريم الذي كرم به الإنسان علماً أنه قادر على هداية الناس جميعاً كما قال: (ولو شاء لهداكم أجمعين) النحل 9. ومن هنا يظهر أن الفطرة التي فطر الله الناس عليها والميثاق الذي أخذ على الإنسان تؤكده الشواهد والدلائل التي ركبها الله تعالى في الإنسان والتي تجعل الإنسان يعترف بربوبية الخالق “جل شأنه” أما إرسال الأنبياء ما هو إلا تذكير وتوجيه لمن ينحرف عن تلك الفطرة التي استودعها الله تعالى لدى الإنسان.
ولذلك أطلق القرآن على الإرسال مصطلح “البعث” والبعث يعني التنقيب عن الأشياء المفقودة بعد أن كانت حاضرة ولذلك قال تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين***أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) الأعراف 172-173. وقد استودع الله تعالى هذا الميثاق في الفطرة التي فطر الناس عليها وأجراه في الآيتين السابقتين على سبيل التمثيل والتخييل، وهذا يعني أن الله تعالى أظهر للإنسان مجموعة من الأدلة يمكن أن يصل من خلالها إلى إثبات الربوبية والوحدانية، وكأن العقول شاهدة والبصائر مقرة والجميع قالوا “بلى شهدنا” بالربوبية والوحدانية. والتمثيل من الأبواب الواسعة في القرآن الكريم كما ذكر تعالى ذلك في مواضع كثيرة كقوله: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين) فصلت 11. وكل هذا على سبيل التمثيل، فليس هناك قول أو عالم للذر كما يدعي الكثير من المفسرين وهذا “أقصد التمثيل” موجود في كلام العرب أيضاً كما قال أحدهم:
إذ قالت الأنساع للبطن إلحق******قالت له ريح الصبا قرقار
فليس ثمة قول ولا سائل ولا مجيب وإنما باب التمثيل من الأبواب الكبيرة في الأدب العربي ولا تخلو منه اللغات الأخرى حتى لا نبخس الناس أشياءهم. وقد ذهب الكثير من المفسرين إلى أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من صلبه كهيئة الذر وأشهد الملائكة عليهم ثم ركب فيهم العقل وهم في عالم الذر وقد
ذكروا في هذا المعنى الكثير من الروايات بعضها مرفوعة وبعضها موقوفة وقد نحتاج لسردها أكثر من مقال لذلك أعرضنا عنها.
وظاهر القرآن الكريم يشهد بخلاف هذه الروايات لأن الله تعالى قال: (وإذ أخذ ربك من بني آدم) ولم يقل من آدم كما في الرواية وقال: (من ظهورهم) ولم يقل من ظهره وقال: (من ذريتهم) ولم يقل من ذريته، إضافة إلى ما تقدم فإن القرآن الكريم يبين أن الميثاق الذي أخذ على بني آدم فيه تحذير من الغفلة ومن تقليد الآباء مما يدل على أن لهم آباء مشركون وهذا لا ينطبق على جميع الذرية المستخرجة من صلب آدم بما فيهم ذريته الخاصة فضلاً عن الآخرين فكل الذي ذكر لا ينطبق على عالم الذر الوهمي الذي تمسكوا به، ولو سلمنا جدلاً أن الميثاق على حقيقته فههنا يجب أن لا يخلو من أن الله تعالى قد أخذ الميثاق دون وجود العقل أو بوجوده فإن لم يجعلهم عقلاء فلا يصح منهم معرفة الربوبية أو الخطاب بكل تفاصيله وإن جعلهم عقلاء فيجب أن يتذكروا ذلك لأن أخذ الميثاق لا يمكن أن يكون حجة على المأخوذ عليه إلا أن يكون ذاكراً له فعلى هذا التقدير لا يمكن للإنسان أن يتذكر الميثاق في هذه النشأة علماً أن الإنسان يتذكر الكثير من التفاصيل التي مرت عليه في الدنيا وهو في النار، كما في قوله تعالى: (وقالوا ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار) ص 62.
وغيرها من الآيات التي تشهد بأن الإنسان يتذكر ما كان من أمره في هذه النشأة سواء كان في الجنة أو النار فلماذا لا نتذكر الآن ذلك العهد المسمى بعالم الذر، فإذا ثبت هذا لا يمكن حمل الآية إلا على التمثيل فليس هناك قول بل لسان حال الإنسان شاهد على ربوبية الله تعالى بما أودعه فيه من عقل وفطرة يستدل بها على وجود الصانع ومما يؤيد هذا التمثيل قوله تعالى عن الكفار: (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر) التوبة 17. علماً أن الكفار لا يمكنهم الاعتراف بألسنتهم لكن علامات الكفر ظاهرة عليهم فكأن حالهم حال من يعترف بالكفر، كما قال الشاعر:
وقالت له العينان سمعاً وطاعة******وحدرتا كالدر لما يثقب. ومنه قول أبو النجم العجلي:
قالت له الطير تقدم راشدا******إنك لا ترجع إلا حامدا وهذا من باب التمثيل والمجاز وهو باب واسع في كلام العرب، ومما مر يتبين أن العقل لا يمكن أن تتم به الحجة ولا يصح أن يؤخذ منه الميثاق في عالم الذر “إن وجد” لأن العقل يجب أن يمر بمراحل تجعله يميز بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح والنافع والضار ولو كان ما ذكروه صحيحاً لكلف الإنسان وهو في بطن أمه لأن الشعور قد يوجد لديه في مرحلة متقدمة من المراحل التي يمر بها ولمّا لم يكلف الإنسان في تلك المراحل علمنا قطعاً أن المراد من الآية هو ما ركب في الإنسان وأقره على نفسه بلسان حاله جراء ما يظهر له من دلائل ساطعة تجعله يعترف بربوبية ووحدانية الله تعالى وهذه الدلائل تكبر مع الحواس التي زود بها، حيث إن الإنسان يولد وهو لا يعلم شيئاً كما قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) النحل 78. وهذا يدل على أن الله تعالى خلق في الإنسان أدلة الوحدانية وجعلها في فطرته وجعل العقل دليلاً عليها ولكن الموبقات تحول بينه وبين تلك الأدلة ولا يمكن ازالتها إلا بالرجوع إلى الله تعالى ونبذ التقليد
الأعمى الذي ورثه الأبناء عن الآباء باعتبار أن الأعذار الناتجة عن هذا التقليد لا تجدي نفعاً وقد ذم القرآن الكريم الذين قالوا: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) الزخرف 23.
صورة ابن أختي السارق.. علي كاظم هندي المالكي
رابط المقال في إيلاف
http://elaph.com/Web/opinion/2014/1/866447.html
رابط المقال في مركز النور
http://alnoor.se/article.asp?id=32981
المقال المسروق مراحل الروح في القرآن
بقلم الكاتب علي المالكي
يذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الله تعالى أخفى حقيقة الروح وجعلها مبهمة ولا يمكن لأحد الوصول إلى تفاصيلها وفهم مصاديقها ودليلهم في ذلك قوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) الإسراء 85. وهذا الدليل لا يمكن نعته بالضعف فقط بل هو باطل وحجته غير ناهضة، وقبل الخوض في الحديث عن الروح أود أن أشير إلى أن في القرآن الكريم مبهمات كثيرة لا يمكن الوصول إلى معرفتها بخلاف الروح الواضحة لأن المسيرة البشرية مليئة بالحجب والإنسان يسير في غفلة غير متناهية ولا يمكن أن يكتشف تلك الغفلة إلا بالرجوع إلى الله تعالى والابتعاد عن الموبقات وفي هذه الحالة لا يستدل على وجود الخالق بالمخلوقات أو على قاعدة الأثر يدل على المسير بل يستدل بالخالق على وجود المخلوقات نفسها، من هنا نعلم أن الحجب التي ليس بإمكاننا كشفها كثيرة ومتعددة والسبب في ذلك يتعلق في الغفلة التي تلازم الإنسان كما أسلفت ولا يمكن أن تنتهي هذه الغفلة إلا بالموت الذي يكشف الحجب التي تستر الإنسان بسبب بعده عن المهمة التي خلق من أجلها لذلك يشير تعالى إلى هذا الموقف بقوله: (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد) ق 22. وهذه الغفلة التي قرع الإنسان على أثرها قد أشار إليها تعالى بقوله: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) الروم 7. وهذا أشد خفاءً من الروح فضلاً عن المغيبات التي إستأثر الله تعالى بعلمها كما أشار إلى بعض منها في قوله: (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت) لقمان 34.
وهذه المغيبات التي ذكرت في سورة لقمان لا يعني أن الاستئثار يتوقف عندها فقط كما يعتقد البعض وأنت خبير من أن إثبات الشيء لا ينفي ما عداه وإنما هذه المغيبات كانت رداً على سؤال وجه للنبي (صلى الله عليه وسلم) ومن أراد الاطلاع عليه فليراجع أسباب النزول لأن الفترة التي نزل فيها القرآن لا يمكن للباحث أن يغفلها وإلا فإن فهمه للقرآن يترتب عليه ألف دليل ودليل فلا بد إذن من دراسة تلك الفترة بعمق لمن أراد الخوض في تفسير القرآن الكريم. ولطالما تطرقنا إلى هذه المغيبات لا أريد أن أناقشها لأن هذا يجعلنا نحيد عن موضوع البحث ولكن أريد أن أشير فقط إلى الأمر الذي يشكل على البعض والذي يثير لديهم التساؤل المتمثل بالعلوم الحديثة التي استطاع الإنسان من خلالها أن يتوصل إلى معرفة نوع الجنين وبالتالي فإن آية من آيات القرآن الكريم قد ألغي مفعولها ولا يمكن العمل بها حسب اعتقادهم.
وفي هذه المناسبة لا يسعنا إلا أن نقول لهؤلاء إن الذي توصل لمعرفة نوع الجنين هو العلم الذي سخره الله تعالى لخدمة الإنسان وعندما يشاء الله رفعه فلا راد لحكمه كما يؤكد ذلك في قوله: (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس) يونس 24. وقوله تعالى: (ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام***إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) الشورى 32-33. من هنا يظهر أن ما حصل عليه الإنسان كان بتخويل منه تعالى فمرة يكون التخويل بالعلم التدريجي والاكتشافات البشرية ومرة يكون بنقل القدرة إلى الإنسان ليفعل ما يشاء ولكن ذلك الفعل يتوقف على الإذن منه تعالى كما حصل مع عيسى وأشار إليه تعالى بقوله: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرأً بإذني وتبريء الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني) المائدة 110.
وأيضاً حصل لإبراهيم ما يشابه ذلك. من هنا يتحصل أن كل هذا الذي تقدم أشد خفاءً من الروح التي نالت نصيباً من البيان أكثر من أي شيء آخر وقد سلط القرآن الضوء عليها وبمختلف الطرق والإتجاهات ولكن جهل بعض أهل العلم للغة القرآن الكريم يجعلهم يظنون أن قوله تعالى: “قل الروح من أمر ربي” هو الجواب الشافي دون تحليل وتمحيص لما يجب أن يستخلص من المعنى المتمم لمسألة الروح فقوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) الإسراء 85. لو تأملناه بدقة وعرضناه على متفرقات القرآن الكريم لكانت النتيجة أن الأمر في منتهى الوضوح وعند استعراضنا لمراحل الروح نجد أن لها مصاديقاً كثيرة فمنها ما يرافق الملائكة كما في قوله تعالى: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر) القدر 4.
وكذلك قوله: (ينزل الملائكة بالروح من أمره) النحل 2. وأيضاً قوله: (يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً) النبأ 38. ولذلك وصف به جبريل توسعاً في قوله: (نزل به الروح الأمين) الشعراء 193. وهناك الروح الذي نزل لمريم (عليها السلام) كما في قوله : (فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً) مريم 17. وقوله: (فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) الأنبياء 91. وقوله: (ومريم إبنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) التحريم 12. وهناك الروح الذي أيد به عيسى (عليه السلام) كما في قوله: (وأيدناه بروح القدس) البقرة 87. وقريب منه البقرة 253. والمائدة 110.
وهناك الروح الذي يرافق المؤمنين كما في قوله: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) المجادلة 22. وأيضاً الروح الذي أوحي به إلى النبي في قوله: (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) الشورى 52. ولو تأملت المراحل التي ذكرت الروح تجد الغالب فيها أن الروح من سنخ الأمر الذي مر عليك بيانه وعند استمرارنا في البحث نحصل على معنىً آخر للأمر يظهر من خلال الآيات التي أشارت إلى تعريفه كما في قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) يس 82. وهذا الأمر الذي تجسد بكلمة (كن) يبين أنها هي الكلمة التي أفاضها الله تعالى على الوجود ليتم من خلالها حصول الإرادة الإلهية دفعة واحدة دون توسط الأسباب الطبيعية ويؤكد هذا قوله: (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) القمر 50. وهذا الأمر بطبيعته لا يحتاج إلى العد أو لمح البصر وإنما يخاطبنا تعالى باللغة التي أنشأنا كلامنا فيها، وهذا يدل على نفي التدريج والحصول على مايشاء تعالى بكلمة كن على ما في تعبيرنا.
أما الخلق الذي تتوسط به الأسباب الطبيعية يمكن أن يكون حصوله في زمان ومكان معينين ومن هنا لا بد من التفريق بين الخلق الذي توسطت به الأسباب الطبيعية والأمر الذي هو خلق أيضاً لكن دون توسط تلك الأسباب وقد جمعهما الله تعالى بقوله: (إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) الأعراف 54.
من هنا يظهر أن الأمر لا يحتاج إلى الوسائط فهو بمنزلة المشرف على كلمة كن كما قال تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) آل عمران 59. فالمرحلة التالية
لخلقه من تراب هي كلمة كن أي دخول الروح المجردة عن التدريج وقد أشرف عليها الأمر وقد مر عليك قوله: “إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون” وهذا الإشراف هو الذي أوجد لنا الخلق السريع أي بالدفعة التي انتصب بفعلها الكائن الحي وقد أخذ بالدخول الفعلي إلى الحياة فظهر بكل ما تقدم أن الروح هي من الأمر الذي أشرف على إيجاد الخلق كما قال تعالى: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) الحجر 29- ص 72. وهذا يدل على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما سئل عن الروح كان الجواب الذي نزلت به الآية قل “الروح من أمر ربي” أي إنه الإيجاد بالدفعة لا بتدخل الوسائط كما مر عليك في المراحل التي أشرنا إليها والتي بينت معنى الروح.
[email protected]..
 [email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات