23 ديسمبر، 2024 1:33 ص

ابعد خراب البصرة!؟

ابعد خراب البصرة!؟

ربما علقت غالبية العراقيين على اعتذار السيد هادي العامري، بالتعبير الأثير
 ( عكب ما .. .لمت عبايتها)!
فبعد خمسة عشر عاما، من الخراب المنظم؛ وجد العامري المعروف بزلاقة اللسان، وروح النكتة، انه يتعين في نهاية اعمال مقاولة التهديم،برعاية احزاب الاحتلال من شتى المذاهب والطوائف والقوميات،والفرق والملل والنحل، اعلان براءة الذمة، بإنجاز “التفليش” دون ان تترك حجرا على حجر. وباتت الطريق سالكة امام ظهور المنتظر.
ولم يترك “ابو حسن” مجالا للشك لدى الأعداء والاصدقاء، بان الاعتذار يهدف الى تجديد البيعة للأحزاب الحاكمة باعتبار، ان مبدأ الاعتراف بالخطأ؛ فضيلة وان العراق مقبل على جولة جديدة من التراخيص لعمل الاحزاب الحاكمة وبنفس طريقة تراخيص عقود شركات النفط الأجنبية
التي ، تقصدت بتر الايدي العاملة العراقية المعروفة بالكفاءة والاخلاص والحرص على ثروة العراق.
ثروة تصب في خزائن الشركات ذهبا لم يقبض منه أهل العراق،غير  القار والغبار والتلوث وملوحة المياه والجوع والفاقة والموت البطيء.
ولعل “ابو حسن” طرب كثيرا للتصفيق الحاد في قاعة احتفى بها الحاضرون بذكرى رجل، لم يحصل من الدنيا الفانية الا على كفن ابيض، كان يرتديه حيّا ويعظ أنصاره، بان الدهر يوم لك ويوم عليك ولم يتوقع حينها ان يوم العراقيين الطويل سيكون عليهم فقط؛بسبب من يتغطون بعبائته ويرفعون صوره ويعلنون الانتماء لشريعته.
لقد انجزت احزاب العامري، المهمة بمنهجية؛لم يحلم بها منظر “نهاية
التاريخ “الفيلسوف الامريكي من أصل ياباني فرنسيس فوكاياما الذي اوحى للمحافظين الجدد، كيف يتم القضاء على دول العالم القديم بدءا من اثارها الشامخة، مرورا بمدنها العامرة، وصولا الى إنسانها الملتبس بموروث ثقافي.
وقرر ان موروث الدول العريقة يحول دون دخولها القرن الامريكي الجديد.
نحن لا نتهم “ابو حسن “بانه مقراء صاحب معدة يستوعب البعد الفلسفي لطروحات فوكاياما، تماما مثلما لا نتهم السيد ابراهيم الجعفري بانه يعرف ما يهرف.
لكن ما جرى في العراق على يد الاحزاب العامرية لا يمكن ان (يلبس عليه هدم) كما يقول اهلنا.
بل ان الأجهزة الغربية التي كانت تترقب انحطاط العراق؛ لم تتصور ان العملية ستتم بسرعة قياسية لن تقدر عليها الا جوائح من نوع تسونامي، حتى ان الشركات العالمية، تحار كيف ستعيد بناء بلد نهب حكامه على مدى عقد ونصف اكثر من ترليون دولار.
جولة التراخيص الجديدة للاحزاب،تنطلق في وقت يعثر رئيس الحكومة، في خزينة الدولة ثلاثة مليارات دولار، تخصص لمعالجة ازمة البصريين ويعلن عن توفير فرص عمل بالألوف هكذا فجاة!
ولم يوضح المهندس الكهربائي صاحب أطروحة ،الاستفادة القصوى من إلية المصاعد التي دافع عنها في كولج بريطاني كيف سيتم الإنفاق، وكيف سينضم عاطلو البصرة من الشباب الذكي والمبدع الى فرق العمل في شركات النفط مغلقة الأبواب بحماية “بلاك ووتر” وشقيقاتها ، وبجندرمة قوات سوات وسراكيل بعض شيوخ العشائر.
وحتى وزير النفط التكنوقراط السيد جبار لعيبي المشاع عنه ان تصدى لجولة التراخيص، حقبة المالكي ووزيره الصادق الصدوق شهرستاني؛ فاستبعد وعين مستشارا لا يهش ولا ينش. لم يعين رئيسا لخلية الازمة المكلفة بمعالجة البطالة وانعدام الخدمات في المدن الثائرة .
وكان لعيبي تنازل عن التكنوقراطية لصالح الحزبية ؛ ليستلم وفق نظام التحاصص، باسم مجلس الحكيم على حقيبة وزارة النفط.
ومع تنامي الاحتجاجات وصولا الى المناطق الغربية، تتصاعد الاتهامات للمتظاهرين بالتخريب، ويندس مزيد من خدن الاحزاب الحاكمة في صفوف الغاضبين لإدارة عمليات الحرق والنهب.
وفيما يعلن هادي العامري انتهاء مقاولة التفليش،ويعتذر؛ يحشد رفاق “ابو حسن” في الفصائل الرديفة، لمهرجانات شعارها (التصدي للمتظاهرين عملاء السعودية وإسرائيل(!!). وينددون بمن يسعى لحرف العراق عن حلف الممانعة(!!).
المعروف ان الاحتلال، وقبله الحصار وقبل ذلك الحروب ؛اخرجت العراق من طوق المواجهة والتصدي. وبعد النجاح الباهر لمقاولة التفليش لم يعد العراق يحتل موقعا في الخارطة الالكترونية للعدو الصهيوني باعتباره سلكا مكهربا، وسط معلومات متواترة عن تغلغل اسرائيلي في مفاصل ما كان العراق.
ولعل “ابو حسن “التقى “صدفة” بوكلاء الأجهزة الامريكية ومعاونيها، خلال عمليات تطهير المدن من داعش، تماما مثلما كان يلتقي قادة احزاب المعارضة قبل الاحتلال بضباط “سي اي ايه” و”الموساد” و “إمأي 6 “في قبو فندق “هيلتون ميتروبوليتان” بلندن.
نحن لا نتهم “ابو حسن” بالتخابر مع الأجانب لكن الدنيا فلك دوار!
ولأنها فلك فإنها حتما ستدور على البواغي والطواغيت.