علق محدثي عن قيادي المنصب الاول في الدولة قائلا لا يجوز ان يكون شاغل المنصب القيادي في الدولة من اصحاب المهن الشعبية وانما يجب ان يكون من المتعلمين المتقدمين لان متطلبات ممارسة المهنة الشعبية لاتتؤام مع رسلة ورؤية شاغل المنصب القبادي الاول. قد يكون في هذا التعليق شيء من الصحة اذا اخذنا في الاعتبار دول عريقة في نظامها السياسي كبريطانيا مثلا. ولكن الواقع اثبت لنا حالات غير هذه كذلك في دول اخرى في كوكبنا هذا. مما بعني ان النجاح لايتوقف فقط على طبيعة العمل بل كذلك على ذكاء الانسان وقدرته على التكف.
قبل انتخابه رئيسا للبرازيل مارس الرئس البرايزيلي الاسبق لولا دا سيلفا Lula da Silva كثيرا من الاعمال في مجتمعه لسد رمقه وكان من بينها ملمع احذية ( Shoeshiner) وبائع متجول وغيرها من المهن ولكن عندما انتخب وصعد الى قمة السلم الوظيفي الاجتماعي حدد بوضوح تام رؤيته ومهته كرئيس للدولة اي انه عرف كيف يلبي متطلبات وظيفة المنصب الجديد وراى ان اسس الاعمال السابقة لايمكن نقلها كلها كاملة الى وضعه الجديد بل تحويرها ان لزم الامر وتكيفها لتحقيق الاهداف المرسومة.
من متطلبات الصعود الى اعلى مراتب السلم الوظيفي في المجتمع التكيف والاندماج بالوضع الجديد والعمل الجاد من اجل تحقيق ما رسم من اهداف خلال المرحلة التميهدية للصعود وقبل تبوء المناصب المصيرية من اجل تغيير ايجابي لاوضاع المجتمع في بداية الصعود والعمل الجاد والصدوق طوال المدة المحددة للواجب الاجتماعي الوطني.
احيانا يفشل المرء في تلبية متطلبات الوضع الجديد الذي اختير لتبوءه لفترة محددة قد تكون قابلة للتجديد. من اسباب هذا الفشل هو عدم توازن اهتمامات المرء المختارلوظيفة المنصب. فنراه في كثير من الاحيان يهتم بالامور السطحية للوظيفة ويهمل بشكل كامل كل ما يتعلق بجوهر الوظيفة لصعوبة ازالة الترسبات التي ورثها من وظيفته او وظائفه سابقة. في هذا الامر بالذات نرى له انصار ومؤيدون كثار. وقد يسأل سائل من هؤلاء الانصار؟ وكيف ظهروا في هذه اللحظة. ومن يؤيدوهم من المقربين من الشخص المختار؟
الاجابة على هذه الاسئلة وغيرها سهلة من يؤيد هذا الشخص المختار هم غالبية من الاشخاص المناهضين للمؤسسية (Anti-establishment people ) او الاشخاص من ذوي النزعة العنصرية او المذهبية( or Sectarians Racialists) وظهرت هذه المجموعات بعد هيمنة طويلة الامد على السلطة من طرف عرق معين او طائفة معينة وفجاءة صعد الى اعلى السلم الوظيفي الاجتماعي شخص من الفئة الاخرى مما اشعر هذه الجموع بالغبن المفترض واشعرهم بالحاجة الى بطل ينقذهم من هذا الوضع وارجاع هيمنتهم. وصادفت الاقدار وتم اختيار شخص من فئتهم فالتفت حوله هذه الجموع واغرته فاهمل متطلبات وظيفة المنصب والاهتمام بزكرشته ولذاته دون وظائفه. فحصل اختلال في اهتماماته المعتادة. فظل يؤدي وظائف اعتاد عليها في منصبه او مناصبه السابقة دون الاهتمام بالراهن والمستجد.
بطبيعة الحال هؤلاء الانصار والمؤيدين يلقون دعما وتأييدا من اشخاص في سلطات الدولة من الذين كانوا ينتظرون الفرصة لاظهار ميولهم العنصرية او الطائفية وجاءت هذه الفرصة بصعود هذا الشخص المختار الى قمة السلطة. كما يؤيد هذه الجموع بعض الوصولين من السياسيين وكبار المتنفذين في المجتمع والشخصيات العامة المعروفة بانحياز مواقفها. فترى الشخص المختار تهمين عليه نجاحات في وظائف المناصب السابقة ويبدأ بالتلذذ بمنصبه دون الاهتمام بالواجبات المطلوبة لتحقيق رسالته الحالية ورؤيته مما يحدث انقسام في المجتمع وارباك في الحباة العامة وقد يؤدي الامر الى الفوضى والعصيان كما نشهده الان في احدى الدول العظمى خلال الادارة الحالية المنتهية ولايتها الاولى والاخيرة -الولايات المتحدة.
وختاما بمكن اجمال ذلك بالاتي: ادارة الدولة ليست ادارة مصارعة حرة يقوم المنظم برفع حزام البطولة وعرضه على المتفرجين بحضور المتصارعين اي الا يقوم رئيس الدولة باعطاء الافضلية لتوقيع الاوامر التنفيذية على شاشة التلفزة بحضور الفاعلين وبعض المسؤولين والمقربين ومن ثم تدويرها وعرضها على الملأ وكأننا في حلبة مصارعة حرة وهذا يثبت ان القائد لايستطيع تجاوز حدود وظائف مناصبه السابق. عمل الرئاسة او القيادة لايشبه تمام عمل تلفزيون الواقع ولا عمل تنظيم مسابقات الجمال وانما يتطلب فوق كل شيء تحديد الرؤية والرسالة تحديدا واضحا وضوح الشمس والعمل على تحقيق الاهداف وحساب المخرجات.