كتبت قبل أيام قلبلة عن مخاطر التدخل الايراني بالشأن العراق وأنكشاف هذا التدخل بعد وصول جثث القتلى الايرانيين في العراق لدفنهم في ايران ، وأمس كشف السيد هاشمي رفسنجاني رئيس مصلحة تشخيص الدستور في أيران عن أبعاد هذا التدخل والذي تم بالاتفاق مع الولايات المتحدة ، ويمكن تلخيص أهم ما قاله السيد رفسنجاني : أن العملية السياسية في العراق تمت بالاتفاق بين الولايات المتحدة وايران ، وأن البلدين أي واشنطن وطهران ساعدتا في تدوين الدستور العراقي ( علما بأن هذا الدستور كما وصفه البعض في حينه كالجبنة السويسرية ، كله عيوب وثقوب وأما كان ليمرر لولا تكالب بعض الاحزاب السنية على بعض المناصب وبالاخص الحزب الاسلامي المشبوه ولمنافع آنية لا تخدم العراق والعراقيين ، حيث كرس أساسا لخدمة مصالح الاخرين وبالاخص الكرد والاحزاب الشيعية والذي جاء كمعول هدم لكيان الدولة العراقية الواحدة الموحدة ) . وتحدث رفسنجاني عن داعش فقال أنها نتاج بعثي وكرر عبارة ” داعش البعثية ؟” وبالمناسبة هذه ليست المرة الاولى التي يتحدث فيها السيد رفسنجاني عن التفاهمات الايرانية الامريكية ، فالرجل صريح ولا يخفي شيئا ن فقد سبق أن تحدث عن مساعدة أيران للولايات المتحدة لاحتلال افغانستان ثم كرر الاعلان عن هذه المساعدة للاحتلال العارق عام 2003 . وأعلن نفس الشيء السيد أبطحي عن أحتلال العراق .
حديث السيد رفسنجاني يقودنا لتقليب بعض صفحات الازدواجية السياسية واللعب على عقول البعض التي تشترك فيها طهران مع حلفائها في بغداد الذين تحدث عن فشلهم مما ادى أن تكتسح داعش قواتهم في العراق ، وعن وحلفائها ايضا في دمشق الذين فتحوا له ولنظامه أبواب دمشق العروبة وابواب لبنان يوم كانت لبنان تحت وصاية دمشق وبتوافق أيضا ولكن هذه المرة أمريكي سعودي والضحية لبنان البلد المستقل ” يوم كانت العلاقة بين الرياض ودمشق في عهد الاسد الاب ” دهن ودبس ” ، بمنطق رفسنجاني والقادة الايرانيين دمشق البعثية شريفة ومناظلة ضد الهيمنة الامريكية والاسرائيلية وتقود المقاومة ؟ والبعثية العراقية داعشية ؟ سبحان الله ، هل هذا البعث غير ذاك البعث ، نعم في لغة المصالح الايرانية والحكومات الطائفية ( التي تحظى بالرعاية الايرانية في بغداد ودمشق ) نعم ، وأذا كانت داعش بعثية كما يقول رفسنجاني فلماذا جميع قادة القاعدة يمرون بايران وتعيش عوائلهم في ايران ، وداعش وداعش كما هو معلوم وليدة القاعدة هل من أحد يشك في ذلك ؟ بل يجزم الكثيرون أن تسليح وتمويل القاعدة أيرانيا وأن ايران كانت مدخلهم الى العراق يوم لم يكن في العراق قاعديا واحدا وما دخولهم الى العراق بعد أحتلاله عام 2003 ألا بتشجيع وتسهيل من السلطات الايرانية . ألواقع أن حقيقة ما تحدث به رفسنجاني ( التقرير الذي جاء في كتابات ) من خطر داعش وغيرها ما هو الا الخوف على حلفاء ايران في المنطقة الخضراء من ثورة العراقيين ضد نظام طائفي عمل على تهميش وأضططهاد أبناء السنة بقوانين جائرة وضع لبناتها المحتل الامريكي ، ثم أنتقل بعد أن أطمئن الى تأييد واشنطن وطهران له الى الاشتباك مع الكرد وبعدها الانقلاب على حلفائه في التحالف الوطني وحتى على بعض أعضاء حزبه الذين جاءوا به الى السلطة
واقامة دكتاتورية ، دكتاتورية الزعيم الاوحد الذي جمع في يديه جميع المناصب القيادية العسكرية والامنية والتي ظهر فشله في الانسحاب المذل لاركان وقادة جيشه من الموصل ؟
قلنا سابقا ونقول أن الذي يحكم أيران عقول سياسية براغماتية وليس عقول ملالي أو رجال دين ، عقول تلعب السياسة صح وتسعى الى تحقيق أهداف أستراتيجية أيرانية ليست بالجديدة ، والاهداف الايرانية واضحة وهي أن تكون اللاعب الاساسي في المنطقة ليست منطقة الخليج فقط بل المنطقة العربية برمتها وليس أستخدام الدين أو التشيع الا وسيلة للوصول لهذا الهدف وقد نجحت من خلال برنامجها النووي في جر أطراف دزلية عديدة والغرب بشكل خاص للحوار معها على هذا الاساس وما أتفاقها الاخير مع الولايات المتحدة الا مثالا على هذا النجاح ، أما في المنطقة العربية فبسبب أنتهازية وطائفية النظام السوري وبسبيل مكاسب مادية معروفة فقد فتحت الابواب أما طهران للوصول الى المتوسط وبسط نفوذها في لبنان من خلال حزب الله ، ثم حاولت ولا زالت تحاول الامتداد الى مصر وشمال افريقيا . وما يشجع ايران على المضي في تنفيذ هذه الاهداف أولا فساد الانظمة العربية جميعا وبعدها عن نبض شعوبها وتطلعاتهم بالحرية والعدالة الاجتماعية وتخلف أساليب الحكم فيها وأستئثار مجموعات قبلية وعائلية بالحكم ، وثانيا ما تبذله طهران من الاموال التي تصرفها في هذا الشأن وخاصة في البلدان التي تعاني من الفقر والتخلف في أسيا وأفريقيا .