-1-
من المعروف عند عامة الناس في العراق الجديد ، أنّ ( معاملة التقاعد ) هي من أعقد المعاملات، وهي تستغرق في الغالب وقتا طويلاً ومراجعات عديدة مُتْعِبة ….
والسرّ في ذلك :
انها تخضع لتدقيق شديد ، وتمحيص كبير، للمُدد والمستندات وكل ما يتصل بالموضوع من قريب أو بعيد …
والنتيجة الطبيعية لكلّ ذلك، هي أنَّ الحصول على الراتب التقاعدي، يبقى محصوراً في دائرة المستحِقِين له دون غيرهم …
-2-
واليوم ، قرأتُ في بعض الصحف ، خبراً مثيراً للغاية يقول :
ان د. ماجدة التميمي – وهي عضو اللجنة المالية النيابية – كشفت عن وجود متقاعدين فضائيين يتقاضون أكثر من (23) راتباً في الشهر الواحد ..!!
كيف ؟
ان ذلك يتم ببطاقات ذكية متعددة …!!!
-3-
ومعنى ذلك أنّ التزوير امتدّ الى البطاقات الذكية (كي كارد) ، وامتدادُه الى البطاقات الذكية مؤشر على اكتمال حلقات الفرهود، بنحو كارثي يُورث الكآبة والحزن الشديد …
-4-
انّ السيدة التميمي طالبت ( بكشف ملفات الفساد التي أثقلت الموازنة الاتحادية العامة للبلد ، واصفة الحملة التي بدأتْها الحكومة برئاسة رئيس الوزراء ( حيدر العبادي ) لكشف المفسدين بالخطوة الايجابية) .
-5-
انني على اطمئنان أنّ ما يقع في العراق اليوم، لا يقع في اي بلد آخر في العالم على الاطلاق ،
فمن الذي يتقاضى 23 راتباً في الشهر في الصومال أو السودان ، فضلاً عن غيرهما من البلدان ؟!!
انّه التدني الأخلاقي الفظيع ،
وانّها حالة العقوق والتمرد على الهوية الوطنية العراقية ،
وانها العبودية للمال على نحو يُشعر بانطفاء كلّ القيم الروحية والدينية والعقائدية …
وانّه التآمر على البائسين والمستضعفين والفقراء من الايتام والأرامل والمعوقين وابناء الشهداء ، وامتصاص دمائهم بلا هوادة .
وانها اللامبالاة بكل ما يُحدثه هذا النهب المنظم للمال العام من تداعيات ، تعيق التنمية والبناء والاعمار وتُشيع البؤس في الديار ..!!
-6-
وقد تجلّى الآن :
ان (الفضائيين) ليسوا محصورين في المؤسسة العسكرية والأمنية فقط ، بل هم موجودون في مختلف الأجهزة والمؤسسات الحكومية …
ومن هنا :
وجب التمشيط في أجهوة الدولة ومؤسساتها ، لاسيما في ظلّ هذا الوضع المتذبذب لأسعار النفط واستمرار انخفاض أسعاره ، وما يعنيه ذلك من
تأثيرات حقيقية على الايرادات النفطية العراقية التي تشكل العمود الفقري للموازنة .
-7-
انني أكتب هذه السطور قد انتابَتْني سوَرْة من القلق على أبنائنا جميعاً خشية انتقال عدوى المرض اليهم ، بعد ان تلوثت الأجواء ، وغاب النقاء…!!
-8-
ان غالب الناس يتناسون ما لهم في ذمم الآخرين متى ما كانوا في حالة مرضية لا يعانون فيها من شحة السيولة النقدية .
أما اذا اجتاحتهم الأزمات المالية، فانهم سرعان ما يرجعون الى حساباتهم القديمة ويبدأون مشوار المطالبة بما لهم في ذمم الآخرين …
وفي ظل الأوضاع المالية الصعبة التي يمرّ بها العراق اليوم ، لامناص من الرجوع الى الحسابات الدقيقة، واسترجاع ما نهب من المال العام من قبل اللصوص الفاسدين المفسدين …
ان المنهوبات تكفي لمحو العجز عن الموازنة لعام 2015 ، واعوام اخرى …!!!
-9-
المطلوب تحديداً :
الفاعلية في الملاحقة ،
وابتكار الوسائل الكفيلة بالوصول الى تلك المنهوبات ، سواء كانت باقية على حالتها النقدية أم تم تحويلها الى عقارات ومشاريع …
ان العالم كله ، على أتمّ الاستعداد للتعاون مع الحكومة العراقية في هذا المضمار، إنْ لم يكن حبّا في مساعدة العراق فمن باب تخفيض
المسؤولية عنهم ازاء الوضع الانساني الخطير فيه، فضلا عن مخاطر ( داعش) على الامن والسلم الدولييْن …
-10-
لا مكان للخجل أو المجاملات بعد اليوم
لقد دعا أحد النواب الى إحالة (المسؤول التنفيذي المباشر) السابق، الى المحاكم بتهم الخيانة العظمى، ولا حصانة لأحد اذا كان مسؤولاً عن اغراق البلاد بالبلاء والفساد …