قد تبدو للبعض مفاجأة من العيار الثقيل تصريح وزير الخارجية العراقي زيباري حول الوضع السوري الراهن حينما شبه الأسد بالنظام الشمولي الطاغي على غرار نظام صدام حسين معربا من أن الحكومة العراقية مع الشعب السوري ! وقد يفهم البعض من هذا التصريح تحولا في الموقف العراقي تجاه سوريا وأن الدبلوماسية العراقية أخذت تسلك مسارا مختلفا ؟
تصريحات زيباري التي حمّلت النظام مسؤولية دكّ المدن وقتل الأبرياء وأثنت على تطلعات الشعب السوري جاءت مغايرة للخطاب العراقي الرسمي الذي أظهر دعماً للنظام منذ بداية الأزمة. دعم بدا جلياً في تصريحات مختلفة للساسة العراقية ، كان أبرزها دفاع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمام إدارة أوباما قبل أشهر عن نظيره السوري وفي الوقت نفسه أيضا خرج المالكي مصرحا ومشددا على اتخاذ بلاده موقفا محايدا تجاه سوريا ! ولا يفوتنا تصريح هادي العامري أمين عام منظمة بدر ذات قبل فتره حينما قال لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي حيال أي تهديد لسوريا ! تجاذبات سياسية وتناقضات وهل يا ترى تكون هذه المواقف عشوائية أم يوجد خلف الكواليس من يدبر لها ؟
الحكومة العراقية وعلى مرأى ومسمع وزارة الدفاع والداخلية التي يديرها المالكي سمحت لمقاتلين من جيش المهدي بالتسلسل إلى سوريا لمساندة الأسد حتى وقع البعض منهم تحت أسر المعارضة السورية . وعندما نضع نصب أعيننا وقوع الحكومة العراقية تحت وطأة النفوذ الإيراني والتي طالما تخشى إغضاب هذا الراعي العتيد صاحب الموقف الأكثر دعما لنظام بشار وعلى مختلف الأصعدة . السؤال الذي ينبثق هنا هو : أليس زيباري ممثلا رسميا لحكومة المالكي خارجيا ؟ هل تريد الحكومة العراقية المناورة الإعلامية في تحديد موقفها من الوضع السوري وفي صالح من ستصب تلك المناورة ؟ وهل بالإمكان أن تتخذ الحكومة العراقية موقفا مغايرا من موقف راعيها الإيراني العتيد ؟ وهل تجرأ الحكومة العراقية على هذه المغايرة ؟ كل المؤشرات تشير إلى أن الحكومة العراقية لا يمكن أن تخطي خطوة واحدة مخالفة للسياسة الإيرانية ولمصالحها في المنطقة . واليوم إيران تشهد موقفا متزامنا لا تحسد عليه بسبب برنامجها النووي وبسبب موقفها من النظام السوري الذي زاد الطين بلة . إيران تحاول بشتى الوسائل كسب الوقت وتمرير مشاريعها بالتي هي اضمن وبالتالي لا بد أن تدفع التحديات والمشاكل التي تقف في طريقها خصوصا وإنها تملك لاعبا مهما في المنطقة مثل العراق . وبعد الكم الهائل من المآزق سوقت بحنكة قوية عبر ( المايك العراقي ) موقفا يظهر منه تغيير الموقف العراقي تجاه سوريا لإشغال الآخرين وعلى جميع الرأي العام من دول أجنبية وعربية والشارع السوري الإنتباه إلى هذه الفبركة التي يراد منها مضيعة الوقت لصالح الكسب الإيراني وكما نجحت في إفتعال مشروع سحب الثقة عن المالكي وإشعال فتيل الأزمة بينه وبين خصومه وبعد إنتهاء لعبتها تركل من تشاء !