18 ديسمبر، 2024 7:45 م

إيران واسرائيل وثالثتهما أربيل

إيران واسرائيل وثالثتهما أربيل

التقى المدعوون إلى مؤتمر أربيل الإسرائيلي على غير موعد فلم يسبق لمعظمهم أن تعارفوا ، وقد تمت دعوتهم قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر عبر اتصالات هاتفية قام بها القنصل الأميركي في أربيل و بتنسيق تام مع مسرور البارزاني رئيس وزراء الأكراد و الذي يمسك بذات الوقت بالملف الأمني لشمال العراق ؛ وبلا شك فإن أطرافاً حكومية في اسرائيل كانت على الخط منذ أن كان المؤتمر فكرة وحتى لحظة ختامه ، وكان المجتمعون كلهم على علم مسبق بالأهداف التطبيعية لمؤتمرهم و قد أبلغوا بتفاصيل جدول أعماله ومن بينها أن شخصيات اسرائيلية ستتحدث إليهم عبر شاشة عملاقة انتصبت في صدر القاعة ، وكان من تلك الشخصيات حيمي بيريز رجل الأعمال الذي يصل نشاطه التجاري حتى دولة الإمارات وهو أيضاً ابن رئيس دولة اسرائيل الأسبق شيمون بيريز مجرم الحرب الذي طالت مجازره مدناً عربية في فلسطين وسوريا ولبنان ، وكانت كلمة بيريز في المؤتمر تكراراً للإسطوانة التي يديرها كل اسرائيلي عندما يخاطب جمهوراً عربياً ، لكن مستمعيه في مؤتمر أربيل تنبهوا عندما قطع كلمته الرتيبة ليوجه تحية إلى من دعاه بالشريك الطيب السيد ” تحسين ” فيقف رجل كان جالساً في الصف الخلفي ليرد التحية بأحسن منها ، و عقب انتهاء المؤتمر التف بعض حاضريه حول ذلك المحظوظ الذي فاز بالتحية الإسرائيلية ليتبين لهم أن ” السيد تحسين ” هذا هو تحسين ابراهيم الشكرجي الذي يعمل تاجراً وهو إيراني الأصل كانت عائلته قد أُبعدت عن العراق في ثمانينات القرن الماضي مع من تم تسفيرهم من حملة التبعية الإيرانية إلا أن مرسوماً صدرعن مجلس قيادة الثورة أعادهم إلى العراق ومنحهم الجنسية العراقية لكون ابنهم الأكبر الدكتور خليل من بين العاملين في هيئة الطاقة الذرية فضلاً عن أن زوج ابنتهم كان مترجم الرئيس صدام حسين – رحمه الله – للغة الفارسية .
ويقيم ” السيد تحسين ” في أربيل وقد اتخذ منها مقراً للفرع العراقي لشركته التي تتاجر في سلع متنوعة ما بين العراق و إيران و اسرائيل وقد اعتمد ميناء جبل علي بمدينة دبيّ مركزا للتبادل السلعي بين هذه المناشيء الثلاثة بإشراف شقيقه محمد حسن ، كما يشرف على الفرع الإيراني لشركته أحد أبنائه الذي يقيم في طهران حيث تزوج سيدة إيرانية .
إن التساؤل الذي يفرض نفسه هو إذا كان نفر من المشاركين في مؤتمر أربيل و بجلسة عابرة قد حصلوا على هكذا معلومة وبالتالي فإنه من المستبعد أن تكون الأجهزة الإيرانية بآذانها الطويلة بعيدة عن ” السيد تحسين ” وغيره من الإيرانيين الذين يقيمون علاقة عمل مع اسرائيل ، ثم أن هذه المعلومة تتكامل مع حقيقة أن الصراع الإيراني – الإسرائيلي يدور بين خصمين وليس بين عدوين ، وهو في جوهره صراع حول الهيمنة على الشرق الأوسط ولا يتعلق بالدين ولا بفلسطين بدلالة أن هذا الصراع يدور خافتاً عبر وكلاء للطرفين دون أن يجازف أحدهما بالضرب تحت الحزام أو باختراق الخطوط الحمراء ، وهو صراع محكوم بحرص شديد من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تستهدف ضمان أمن اسرائيل و ترسيخ دور أساسي لها في معادلة الشرق الأوسط مقابل إبعاد إيران عنه ومنحها بالمقابل الدور الرئيس في الخليج العربي وأسيا الوسطى