إيران وإسرائيل: من المنتصر في حرب الصواريخ؟

إيران وإسرائيل: من المنتصر في حرب الصواريخ؟

في مشهد دراماتيكي يعكس تحولات في موازين القوة في الشرق الأوسط، اندلعت حرب صاروخية خاطفة بين إسرائيل وإيران، بدأت بهجوم إسرائيلي مباغت على أراضٍ إيرانية،وصفه الايرانيون بأنه غير مبرر وينتهك سيادة ايران والمواثيق والاعراف الدولية.

فيما تذرعت اسرائيل بما سمّته تطوير ايران أسلحة نووية تهدد أمنها والمنطقة، وهو ما لم يقم دليل عليه حتى بعد استهداف بعض المنشآت النووية الايرانية.

لكن إسرائيل اضافت الى مبررات هجومها على ايران مبررات اخرى حين صرحت بأن غايات الهجوم تتمثل فيإسقاط النظام وتدمير القدرات الصاروخية التي راكمتها طهران عبر عقود، بالإضافة الى تدمير البرنامج النووي الايراني.

وقد نجحت بالفعل في اغتيال عدد من العلماء النوويين والقادة العسكريين البارزين، وألحقت أضرارًا ببعض منشآت البرنامج النووي.

لكن ما لم يتحقق – كما تشير الشواهد – هو تدمير البرنامج الصاروخي الإيراني. فلم يُقدَّم أي دليل ملموس على إصابة منصات الصواريخ أو تفكيك شبكة الردع الإيرانية.

وقد أثبت البرنامج الصاروخي الإيراني فاعليته حتى اللحظات الأخيرة من الحرب قبل سريان وقف اطلاق النار، حيث شنت طهران ضربات صاروخية قوية على أهداف إسرائيلية، أبرزها الهجوم المدمر على عسقلان، فضلًا عن استهداف قاعدة العديد الأميركية في قطر، ما يكشف عن بقاء قدرات الردع الإيرانية في حالة جيدة.

توقفت الحرب دون أن يسقط النظام الإيراني، أو يتعرض برنامجه الصاروخي لانهيار، ودون أن ترضخ طهران للتخلي عن برنامجها النووي، ما يطرح سؤالًا جوهريًا: من خرج منتصرًا من هذه المواجهة؟

هناك مؤشرات قوية أن الولايات المتحدة وإسرائيل فوجئتا بقوة الرد الإيراني. إذ يبدو أن الرهان على إمكانية إسقاط النظام الإيراني أو شل قدراته الصاروخية والنووية، كان مبنيًا على حسابات خاطئة.

وبدا ذلك واضحا في تخبط  لافت في التصريحات الامريكية والاسرائيلية، لاسيما بعد أن اثبتت إيران أنها ليست فقط قادرة على الدفاع عن نفسها، بل قادرة على إحراج خصومها والرد على مستوى عالٍ من الدقة والجرأة.

لهذا بدت إيران أكثر قوة وثقة من ذي قبل، ولم تتنازل عن ثوابتها. لم تستجب لمطالب ترامب ونتنياهو بالتخلي عن برامجها وخرجت من “نفق المفاوضات” الذي كانت تُهدَّد فيه بالقوة. اليوم، تبدو طهران أكثر تحررًا في تخصيب اليورانيوم، وبلا ضغوط حقيقية، بعدما أثبتت أن الحرب لم تكسرها، بل كشفت عجز خصومها عن فرض الإرادة بالقوة.

النتيجة الأبرز لهذه الحرب الصاروخية القصيرة أن التهديد العسكري لم يعد ورقة فعالة بيد واشنطن وتل أبيب ضد إيران.

لقد خاضت طهران الحرب، وخرجت منها “ندًّا” قوياً، بل وربما في موقع متقدم. ولأول مرة منذ سنوات، يبدو أن الطرف الذي يحتاج لإعادة حساباته ليس إيران، بل خصومها.

وبما أن إسرائيل بدأت الحرب لتحقيق أهداف محددة، لكنها خرجت منها دون أن تنجزها، وتكبدت في المقابل دمارًا واسعًا داخل مدنها، فإن المنطق العسكري والسياسي يُحتّم وصفها بالخاسر في هذه المواجهة.

أما أبرز الرسائل التي حملتها هذه المواجهة، فهي أن إيران أثبتت استعدادها التام للدفاع عن نفسها، والرد على أي عدوان بالمثل، مهما بلغت قوة الطرف المقابل.

وقد جاء استهدافها لقاعدة العديد في قطر بمثابة رسالة مباشرة إلى دول الخليج الحليفة للولايات المتحدة، مفادها أن طهران ليست غافلة عمّا يُحاك ضدها، وأن هذه الدول قد تتحول إلى أهداف مشروعة لصواريخها إذا ما واصلت التآمر أو الانخراط في مخططات تهديدها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات