18 ديسمبر، 2024 7:17 م

إيران من الصّبر الإستراتيجي الى التراجع التكتيكي..!!

إيران من الصّبر الإستراتيجي الى التراجع التكتيكي..!!

يبدو أن إتساع رقعة الحرب في غزة ،أصبحت واقعاً،بعد إغتيال السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله،وتوغل الجيش الصهيوني الى عمق الاراضي اللبنانية،وتأتي عملية الإغتيال ،لتضع حداً فاصلاً بين زمنين،فلايمكن لأحد أن يتكهّن ماذا سيحصل في المنطقة، بعد اغتيال السيد نصرالله،والجميع ذاهب الى حرب كبرى في الشرق الأوسط،أطرافها واضحة، إسرائيل وأمريكا وحلفاؤهما، وإيران وفصائلها في العراق واليمن ولبنان وسوريا،وساحاتها لبنان والعراق وسوريا،وسط صمت دولي وعربي مخجل ، بل متفرّج،وسط تغول إسرائيل وإصرارها على تنفيذ برنامجها ومشروعها (من النيل الى الفرات)، فبعد أن قتلت أهم قائدين خصمين لها ، هما إسماعيل هنية وحسن نصرالله، أصبح الطريق لها سالكاً للتوسع والإنتشار، بدعم عسكري وإعلامي غير مسبوق لها ،من ادارة بايدن والاتحاد الاوروبي،فإيران التي تعرّضت لعمليات إغتيالات لقادة داخل أراضها ،مثل إغتيال العالم النووي جعفر قطب زادة واسماعيل هنية وغيرهما،وتفجير قنصليتها في دمشق ،وإغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وابو مهدي المهندس في بغداد،وقصف شبه يومي إسرائيلي لمعسكرات ،فصائلها وحرسها الثوري في سوريا والعراق، كانت تتحجج بالصبر الاستراتيجي، الملفوف (بالحكمة والتعقل)،وتتذرع بأكثر من سبب وتخوف من توسعة الحرب ،وفشل مشروعها الكوني الديني في المنطقة،اليوم انتهى الصبر الاستراتيجي،بعد عملية اغتيال نصرالله، واصبحت وجها لوجه مع حرب التوسعة مع اسرائيل، وتهديد فصائلها بارسال 100 الف مقاتل الى مواجهة اسرائيل في لبنان والجولان،فلا عذر لها بعد الآن من اعلان المواجهة،مع اسرائيل وامريكا،واصبحت في وضع لاتحسد عليه، فإما الحرب وإما الحرب، لاطريق لها سوى المواجهة ، وإلاّ خسرت فصائلها في عموم المنطقة ،فهل تجازف بمفاعلاتها النووية ، وتذهب الى الحرب، أم تناور وتدفع فصائلها وأذرعها للحرب بالأنابة،وتبقى هي لهم (سنداً لهم)، تزودهم بالصواريخ والمسيرات والعتاد والاسلحة الاخرى، وتحافظ على برنامجها النووي ،وتمنع وصول النار الى أراضيها،وتصريحات المرشد الأعلى،التي تناقض تصريحات الرئيس مسعود بزكشيان، في التهدئة وفتح حوارات حول البرنامج النووي،وإعلان الأمريكان(إخوة لنا)، في تصريحات إستخذائية وتخدير الشارع السياسي، الى تهديدات بمحو إسرائيل من الخارطة، للحرس الثوري والمرشد الاعلى المتشددة ضد اسرائيل، وتوجيه ودفع لفصائل نحو التصعيد ،ودخول المعركة بأي ثمن،(إن مصير منطقة الشرق الاوسط تحدده قوى المقاومة وعلى رأسها حزب الله )، ( وأن لبنان سيجعل اسرائيل تندم)،فيما أكد جواد ظريف نائب الرئيس برسالة الى حكومة لبنان( وقوف إيران مع لبنان ومحور المقاومة )،فيما قال نائب الرئيس لشؤون الدولة (أن طهران يمكنها ارسال قوات الى لبنان كمتطوعين)،بمعنى إرسال الفصائل التي تهددّ بالذهاب للبنان، وتم بالفعل إعلان إرسال فصائل باعداد كبيرة ،الى حدود الجولان  ولبنان الضاحية ،لتقاتل مع حزب الله ،إذن وكما ذكرنا أن طهران لاتشارك ،ولا تدخل حرباً مباشرة مع إسرائيل، وتنأى بنفسها عن الدخول بحرب جيش، يواجه جيشاً ،وإنما (ترسل ) فصائلها ومتطوعيها الى لبنان والجولان فقط، وتصريحات قادة طهران والمرشد تقول(أن طهران لاتشارك بأية حرب خارج حدودها البرية)،وتبقى داعمة بقوة بكل ماتملك من أسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة وغيرها، للفصائل وحزب الله والحوثيين ، وهذا أقصى ما تقوم به بمواجهة اسرائيل وأمريكا،إذن هناك (تراجع تكتيكي )، لطهران، من إنتهاء الصبر الإستراتيجي الى التراجع التكتيكي، التي تتحجّج به، وتدفع فصائلها للقتال نيابة عنها،بمعنى تورّط وتدفع آخرين ،ليقاتلوا نيابة عنها وأخذ ثأر قاسم سليماني واسماعيل هنية وجعفر قطب زادة العالم النووي ،وتفجير قنصليتها في دمشق وغيرها،هذه هي البراغماتية الايرانية منذ أمد طويل،ولكن هل إنتهت المسألة الى هنا، وتحاشت طهران بدخول الحرب، والتخلّي عن مصالحها ومشروعها الإستراتيجي،الكوني الديني ،في إقامة إمبراطورية فارس،وهل بتراجعها التكتيكي هذا ،ودفع فصائلها الى أتون حرب واسعة ومفتوحة في المنطقة، ينجي برنامجها النووي ومصالحها من التدمير، ويمنع تفكيك وتفتيت إيران الى دويلات حسب مشروع برنارد لويس، الذي يطلّ برأسه الآن في المنطقة، بعد الخراب والدمار الذي حلّ بها بعد غزو العراق وتدميره، وإخراج جيشه من المعادلة العسكرية،كل الإحتمالات واردة في وصول الحرب على اعتاب طهران، ولو كره قادة طهران، إذا ما تخلّت طهران عن  برنامجها النووي ،فالحرب تدق طبولها هناك وبقوة الآن، بعد تخاذل طهران عن مواجهة إسرائيل وامريكا في لبنان، وترك حزب الله وفصائلها تقاتل وحدها في الساحة،بعد إغتيال نصرالله،وقتل قادة الحزب ،والعسكريين وبعض قادة فيلق القدس في لبنان في حادثة الاغتيال،إن تخلّي طهران عن أذرعها وفصائلها ،هو فتح الباب لاسرائيل بالتغوّل والاستفراد بها، واحدة بعد الاخرى، وقد بدأت بحزب الله وقائده نصرالله،وستنتقل كما أعلن نتنياهو بنفسه ،((أن إسرائيل ماضية بمواجهة أذرع إيران في اليمن وسوريا والعراق،بعد الإنتهاء من القضاء على حزب الله وإنهياره))،وتشير المعلومات أن أمريكا دخلت على الخط ،وأبلغت سوريا بضرورة إخراج جميع الفصائل،من الاراضي السورية ،وتسليم أسلحتها الثقيلة للجيش السوري ، وإلاّ ستكون سورية وجيشها ،معرضان للقصف الأمريكي والاسرائيلي،نعم السيناريو الأمريكي – الإسرائيلي واضح في المنطقة، والتغيير الجيوسياسي قادم لامحالة،وبكل الأحوال، والمؤشرات تدلّل على ذلك ،بعد إغتيال حسن نصرالله،وتخلي طهران وتراجعها عن الدخول في الحرب، وحماية مصالحها ونفوذها في لبنان والعراق وسوريا واليمن، فهي بعملها هذا تكتب على مشروعها الموت،توسّع الحرب نحو توسيع نفوذ امريكا واسرائيل في المنطقة، واضح وملموس، ولكن إصرار حزب الله على القتال في الوقت الضائع، وإصرار الفصائل الولائية في العراق واليمن، سيؤخرفقط توسعة الحرب ،ووصولها الى خارج لبنان،ولكن التفوّق التكنولوجي العسكري الهائل ، والتفوّق الجوي والصاروخي الخارق ، والحرب السيبرانية الكبيرة، تجعل مواجهة الثور الهائج بقرون من وحل عملية إنتحار لا أكثر،نعم المعركة غير متكافئة، بسبب هذا التفوق العسكري، ثم بسبب تحالف اوروبا وامريكا ودعمها لإسرائيل ،ووقوفها ضد حزب الله والفصائل الولائية المسلحة ، وهذا التحالف يشبه الى حد بعيد ، تحالف ال(32)، دولة وغزو العراق، السيناريو سيتكرر أكيد، والنتيجة معروفة، ومن يشك ويركب رأسه، ويدفنه في الرمال، فلينظر الى ما حلّ بالعراق والمنطقة، بعد غزو العراق،الأوضاع خطيرة وتتسارع،والحماقة كبرى،والإصرار على الهزيمة سيضع المنطقة كلها ،تحت نفوذ أمريكا وإسرائيل لقرون طويلة،وتفكيك الشرق الأوسط بمشروع برنارد لويس،نعم الصبر الإستراتيجي الإيراني نفد، وحلَّ محله التراجع التكتيكي ،نحو الداخل للحفاظ على مايمكن الحفاظ عليه، فهل يتحقق لطهران الخلاص بجلدها ،من قوة النار القادمة الى المنطقة ،والتي كانت إيران أحد أسباب قدوم وإشعال هذه النار،لتحقيق مشروعها الديني الكوني، وقد فشل المشروع بعنجهية حكام طهران، وقصر نظرهم، ووهم القوة الغاشمة، وقوة الوهم التي ركبت عمامة طهران، بالحرب بالإنابة ، التي تخلّت عنهم بلحظة تأريخية ، كما ديدنها عبر العصور، إيران واهمة بعنادها، أنها ستركّع أعداءها وخصومها في المنطقة،ونفاذ صبرها الإستراتيجي في الثأر لقادتها الذي (مسّ شرفها)، لايسمح لها بتراجعها التكتيكي، والتخلّي عن أذرعها وفصائلها المسلحة في المنطقة ،بعد أن ورطتّهم في مواجهة أمريكا وإسرائيل….!!!