23 ديسمبر، 2024 8:48 ص

إيران على سواحل التسوية

إيران على سواحل التسوية

نشر موقع القدس العربي نقلاً عن وكالة تسنيم الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإيراني ، عن عزم الجمهورية الاسلامية في إيران، حذف الروايات الضعيفة التي تكفر أهل السنة، والروايات التي توجب سب الصحابة والتي يكون سندها التاريخي ضعيف، من أهم وأكبر الكتب التاريخية وإعادة طباعته من جديد وهو كتاب “بحار الأنوار” ، وتمت إعادة طباعة ستة أجزاء من أصل مائة وعشرة أجزاء من بعد الحذف والتحديث.
جاءت هذه الخطوة إن صح الخبر بعد أكثر من عقد من الزمن استغرقته المنطقة الإقليمية برمتها في حروب داخلية عقيمة، كان أحد أسبابها تلك الروايات، والتي أعطت الذرائع لاقتتال إسلامي داخلي، أبعد شبح الخطر عن إسرائيل وأعداء الإسلام، وقد حصدت أرواح الكثير من أبناء شعوب المنطقة، وفسحت المجال أمام مخطط صهيو أميركي لصناعة داعش وبناتها لتمزيق ماتبقى من كرامة لدى المسلمين وعاثت في البلاد والعباد فساداً منقطع النظير.
في ذات الوقت إنطلقت فضائيات مرئية ومسموعة انصبت جهودها على كشف المستور من الموروث التاريخي الذي يظهر ما اندثر من روايات جميع الأطراف، فاصبحنا أمام هجمات تكفيرية متبادلة فكان الشيعة والسنة والعلويين وبعض الصحابة والتابعين وغيرهم كفرة بأمتياز بموجب هذه الروايات وذلك الموروث، كما تم تسليط الأضواء على الروايات والقصص التي تظهر أزواج النبي صلى الله عليه وآله بأبشع الصور، وإن أساس تمويل هذه الفضائيات وتبعيتها غير معروفة، وإن أجندتها تكرست لشحذ همم المسلمين على الاقتتال فيما بينهم، وجاء ذلك على لسان رجال دين مزعومون من كل الأطراف والطوائف والمذاهب والفرق.
وفي الوقت الذي كانت فيه مرجعية النجف تصدح حناجرها بأن السنة أنفسنا، كانت الفضائيات مجهولة الهوية توغل في بث سمومها بيننا، وتخرج كل يوم بأمر جديد، فاشتعلت في المنطقة نار التهمت النسيج الاجتماعي في أوطاننا، وإحالته إلى تراث يذكر ولا يرى.
حتى أطلت علينا نظريات تقسيم المقسم التي اخلفت سايكس بيكو، ومفهوم الدول الصغرى التي تبنى على أساس ديني وطائفي وقومي كسبيل للحل الذي من المؤمل أن يرضى به الجميع للخلاص من الهلاك المحتوم، حتى أن البعض بدأ يطرح تحليلات حول تقسيم العاصمة العراقية بغداد وبحث إنضمام أجزاء منها إلى الأقاليم الأخرى في حال نشوءها، بل وقد يؤدي ذلك إلى تقسيمها وإزالتها من الوجود، وإن كل فئة من الشعب ستكون امتداد للدولة المجاورة التي تناسبها، وكاد أن ينتهي شيء إسمه العراق، وكانت صفحة كلاب الأرض “داعش” هي طلقة الرحمة التي أريد لها أن تطلق على جبين بلد نفذ بحقه حكم الإعدام إلا إنه لا زال يأن في أنفاسه الأخيرة، لو لا صدور فتوى الجهاد في لحظة تاريخية حاسمة، قلبت المعادلة وأعادت الموازين إلى نصابها، لأن المرجعية في النجف مدركة إن هذه النظريات هي بالأحرى طرق خبيثة لاذكاء فتن أعمق وأكبر وأشمل وأوسع وأطول من سابقتها، حيث ستهيء لصراعات مستقبلية قريبة حول الأراضي والحدود والثروات وما إلى ذلك من أسباب النزاعات المسلحة التي لو اندلعت فلن تنتهي أبداً.
وكان أبرز المشاريع السياسية التي رافقت الإنتصارات العسكرية بفضل الفتوى، والتي تعالج أوضاع مابعد الحرب على الإرهاب، مشروع التسوية الوطنية بضمانات دولية لإسقاط مشاريع التقسيم وحفظ وحدة البلاد ودماء العباد، وبروز تداعيات التسوية بين مؤيد ورافض.
واليوم إن كانت خطوة الجمهورية الإسلامية في إيران صحيحة في وقوعها فإنها بذلك تقضي على وقود حرب كادت أن تطيح بالمنطقة برمتها بل بالإسلام نفسه، لكن في المقابل يجب أن تكون خطوات إخوتنا في الدين مشابهة تماماً ويجب عليهم حذف جميع الموروث السني الذي يسيء إلى الشيعة ورموزهم ويرفعون جميع الروايات والقصص التاريخية التي تكفرهم، ويرافق ذلك تحريم التعامل مع الآخرين على أساس ذلك الموروث من جميع الأطراف، وعلى الحكومات وضع قوانين صارمة لمن يتناول هذه المسائل الحساسة تعاقب بعقوبات قاسية، لكي نخرج من حقبة التكفير الملعونة التي اغرقتنا بدماءنا، عسى أن تعيش المنطقة بسلام وأمان دائمين.