ليس هناك من حالة يمکن أن تشابه الحالة الايرانية في بسط النفوذ و الهيمنة على بلدان المنطقة و العالم، من حيث غرابة و خباثة نهجها و نمطها من أجل ذلك، وإن إجراء عملية مراجعة تأريخية تثبت لنا ذلك، إذ طالما واجهت حالات بسط النفوذ و الهيمنة من جانب دول على دول أخرى مقاومة وطنية قوية على الرغم من إن الاولى قامت بتجنيد مرتزقة و عملاء لها من الشعوب التي بسطت نفوذها و هيمنتها عليها، لکن ذلك لم يمنح القوة اللازمة من أجل تحقيقها للهدف المنشود، إلا الحالة الايرانية فإنها دخلت من باب جديد لم يسبق وإن تم إستغلاله بهذه الصورة على من قبل.
المرتزقة و العملاء الذين تقوم إيران بتجنيدهم لصالحها، يختلفون تماما لاختلاف عن بقية مرتزقة و عملاء العالم الآخرين(رغم إنهم في النهاية من نفس الصنف و ذات المعدن)، ذلك إنه قد تم إعدادهم و توجيههم على أساس ديني متطرف من خلال مجموعة أفکار و مبادئ ظاهرها للدين ولکنها في حقيقة أمرها لمشروع سياسي ـ فکري، واضح المعالم يهدف لبناء إمبراطورية مترامية الاطراف على حساب شعوب و بلدان العالمين العربي و الاسلامي، والوسيلة التي يتم إستغلالها من أجل تحقيق هذه الغاية هي الدين، والمميز جدا إن إيران قد دخلت على السنة و الشيعة على حد سواء ولکنها تعاملت مع کل طرف منهما باسلوب خاص به، مع ملاحظة إن إعتمادها الاساسي کان على الطائفة الشيعية التي قامت بإستغلالها من خلال الضرب على الوتر الطائفي و ماروجته و تروجه بشأن مظلومية الشيعة، لکن المثير للسخرية هو إن إيران التي تزعم بأنها تنقذ الشيعة من مظلوميتهم و تخلصهم من الخضوع و الانقياد لأنظمة و بلدان ظالمة، فإنها قامت بإستعبادهم بطريقة أخرى و جعلتهم وقودا لمشروعها.
النفوذ الايراني في العراق و لبنان و سوريا و اليمن، ليس يحافظ عليه الحرس الثوري أو الجيش الايراني وانما الاحزاب و الميليشيات التابعة لها في هذه الدول، والتي تقاتل عوضا عنها حتى مع شعوب هذه البلدان، أي إن إيران تقوم بمواجهتنا بأنفسنا، وهذا لعمري أخبث و أکثر الاساليب دناءة طوال التأريخ الانساني، خصوصا وإن هذا الاسلوب يرسخ مفاهيم و قيم الحقد و البغض و الکراهية، ومن الواضح إنه ليس هناك من حل عملي لهذه الحالة إلا بحدوث تغيير في مهد و بٶرة المتاجرة بالدين و إستغلاله أي طهران، فمن دون تغيير نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي يقوم عى أساس المبدأ المشبوه”ولاية الفقيه”، فإن هذه الحالة الشريرة ستبقى مهيمنة و طاغية و مستمرة، ولذلك فمن المهم جدا أن يصبح التغيير في إيران هدفا اساسيا لشعوب و دول المنطقة طالما کان الهدف الايراني هو إستهداف أمن و سيادة هذه الدول.
اليوم، والعالم کله يشهد، النجاح الکبير الذي حققته مريم رجوي، زعيمة المعارضة الايرانية، بجعل العالم ينتبه الى مجزرة صيف عام 1988 بحق 30 ألف سجين سياسي أعدمهم نظام ولاية الفقيه بدم بارد، ولاسيما بعد أن بادرت الامم المتحدة الى الاشارة الى هذه المجزرة في تقرير أمينها العام الخاص بحالة حقوق الانسان في إيران و الصادر في الرابع من أيلول الماضي، هناك مساع حثيثة من أجل أن يتم إدراج هذه المجزرة في مشروع القرار الذي سيتم إتخاذه في اللجة الثالثة للأمم المتحدة الخاصة بحقوق الانسان، وهذا مايفتح الطريق من أجل إستصدار قرارات لاحقة يتم من خلالها ملاحقة قادة و مسٶلي النظام الايراني الذين ساهموا في تلك المجزرة ومن بينهم المرشد الاعلى للنظام نفسه، و محاکمتهم على إرتکابهم تلك المجزرة، ويقينا فإن هذا يعني فيما يعني الشروع بتهديم الاساس و الرکيزة التي يقوم عليها هذا النظام، لکن هذا العمل ولکي يصبح أمرا واقعا بحاجة ماسة لبذل جهود من جانب دول المنطقة لکي يتم طي تلك المراحل و جعل هذا النظام يسير في الاتجاه الذي سيخدم ليس الشعب الايراني و شعوب المنطقة فقط وانما الانسانية برمتها، وهو إتجاه سقوطه!