في عام 1995، زمن الحصار الإقتصادي على العراق، ظهر على شاشة تلفزيون العراق الرسمي قيادي في النظام السابق بمعية شخص أجنبي قائلاً بأن هذا الشخص جاء مبعوثاً من الفاتيكان و إنه يحمل رسالة تقول “إذا إعترفتوا بإسرائيل فكل مشاكلكم راح تنحل”، و أضاف “لكننا في القيادة رفضنا ذلك”. و إستمر الحصار حتى إحتلال العراق في عام 2003 و تم تنصيب قيادة جديدة من السياسيين الذين كانوا يعيشون في كنف الدول التي أطاحت بالنظام السابق المعارض للإعتراف بإسرائيل.
عند دخول داعش للعراق في حزيران عام 2014، أصدرت المرجعية الدينية في النجف فتواها للجهاد الكفائي لمحاربة داعش. أغلب المتطوعين من الشيعة و السنة كانوا من الفقراء فالفقراء دائماً في المقدمة للدفاع عن الوطن فعلى العموم فإن الأغنياء و المتمكنين مادياً لا يسلكون مثل هذا المسلك فأموالهم وطنهم.
على لسان منتسبين في الحشد الشعبي خلال الحرب على داعش بأن القوات الأمريكية كانت تساعد داعش بشكلٍ و بآخر على طول خطوط المواجهة، و هذا ليس غريباً حيث أن داعش هي إمتداد للقاعدة التي أنشأتها أمريكا لمحاربة الإتحاد السوفييتي و أخذت تستغلها فيما بعد لتمرير مصالحها، و هذا يعني بأن إنتصار فقراء العراق على داعش قد أزعج أمريكا. و الحقيقة فإن أمريكا لم تصرف مليارات الدولارات و تضحي بحياة الآلاف من جنودها لتحتل العراق من أجل سواد عيون العراقيين، بل لأجل مصالحها و مصالح الصهيونية التي تتحكم بالسياسة الأمريكية، و منها إنشاء إسرائيل من النيل للفرات. و عليه فإن أمريكا ستنتقم من فقراء العراق لهزيمة داعش بطرقها الخاصة.
كشف وزير المالية في ندوة اقتصادية بتاريخ 3 تشرين الأول 2020 على قاعة دار الضيافة لرئاسة مجلس الوزراء بأن الفساد الإداري أضاع على العراق أكثر من 250 مليار دولار، و أيضاً قال في هذه الندوة إن صرف هذه الأموال كان إستفادة مالية لبعض الجهات مما أدى إلى تراجع قدرات الدولة. الوزير بكلامه هذا فإنه يعرف هذه الجهات و لكنه لم يتخذ أي إجراء ضدها لإسترداد هذه الأموال لإعادة قدرات الدولة التي يتباكى عليها، و في الحقيقة فإن هذا التصريح هو تهديد مبطن لهذه الجهات التي تمسك بزمام السلطة لإجبارها على قبول تخفيض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الذي يطالب به صندوق النقد الدولي (اليد المالية الضاربة لأمريكا) أو أن يكون مصيرها مثل مصير النظام السابق. فالوزير . و أمام هذا الخيار قررت هذه الجهات التي تمسك بزمام السلطة أن تضرب مصلحة فقراء العراق عرض الحائط و أن تقبل بتخفيض قيمة الدينار أمام الدولار، و بهذا القبول حققت أمريكا هدفها بالإنتقام من فقراء الشعب العراقي بتجويعهم، و هذا ما تحقق حيث زاد عدد الفقراء و شكوى الفقراء من إزدياد العوز المادي.
أزاء تخلي الأحزاب الحاكمة عن معاناة الفقراء، قامت قوة عسكرية، متهمة بأنها تتبع إيران، تسمى ربع اللّـــه بإستعراض عسكري بتاريخ 25/3/2021، طالبت بإقرار الموازنة في أسرع وقت و إعادة سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي كما كان عليه سابقاً و عدم تسليم حكومة كردستان العراق حصتها في الموازنة دون دفع مستحقات النفط و المعابر. و بهذا تكون إيران قد أظهرت نفسها بأنها المدافع عن مصلحة فقراء العراق بعد أن تخلت عنهم الأحزاب الحاكمة العراقية لأمريكا.