ترشح المعطيات أن تشهد الأيام المقبلة تطورات مثيرة بين إيران والكيان الصهيوني، التي يبدو أنها دخلت مساراً جديداً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي عن أن إسرائيل أعدت مخططاً دقيقا لشن هجوم عسكري محتمل على إيران. في خطوة من شأنها إعادة ترتيب الأوراق من جديد كي يتفرغ هذا الكيان ومن ورائه للاستعداد للحرب ضد إيران، الذين بذلوا كل ما في وسعهم وجنّدوا كل ما يملكون وعلى كل المستويات وراهنوا على الانتصار بقوتهم المصطنعة (داعش) على سورية، وهذه المحاولة وفشلها يطرحان مجموعة من الأسئلة التي تستحق التوقف والمناقشة تبدأ بالسؤال: هل هناك حرب وشيكة على إيران؟
إن تدخّل إسرائيل ليس أمراً جديداً من نوعه في إيران والمنطقة بأكملها، إذ إنها تدخّلت في صراع اليمن وفي مجازر أيلول الأسود في الأردن، وفي الحرب الأهليّة في السودان وفي الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب، وفي الحروب الأهليّة في لبنان وفي تحرّك الأكراد شمال العراق وفي ليبيا ومصر وسورية واليوم تدخل في إيران، ولا شك أن إسرائيل هي من أكثر الأطراف رصداً لما يجري في المنطقة، وإن من مصلحتها تفكيك ايران وتدميرها لتحقيق أهداف إستراتيجية تتمثل بالحد من نفوذ حزب الله على الحدود الشمالية، ومنذ الحرب على سورية عام 2011 نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية، وأطلقت صواريخها وقذائفها على هذا البلد، مستهدفة قوات الجيش السوري وحلفاءه في محور المقاومة .
لذلك تستمر الحملات والمضايقات الإسرائيلية التي تستهدف إيران، حيث وجد محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، نفسه مضطراً إلى أن يكون أكثر حزماً وحسماً في حواره بقوله: ” إننا لو شاهدنا أدنى خطأ من الكيان الصهيوني ضد إيران فسنضرب القواعد الصاروخية التي قالوا أنهم أعدوها للهجوم على ايران وكذلك سنسوي حيفا وتل أبيب بالأرض في أقصر وقت ممكن”، وعلى خط مواز، وصف العميد أبو الفضل شكارجي التهديدات الأخيرة التي أطلقها رئيس الأركان الصهيونية ضد ايران، بأنها مجرد حرب نفسية ومجرد أوهام، مؤكداً أنهم لم يدركوا بعد قوة القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية واقتدارها. وتابع إن على الكيان الصهيوني أن لا يفكر بشيء أقل من زواله، ويجب أن لا يقول ما هي المخططات التي لديه للمستقبل.
في هذا السياق ستنجلي الأيام والأسابيع القادمة عن تداعيات هامة وكبيرة لهذه الحرب أهمها انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات تل أبيب، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كل هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلا تاريخيا يؤثر بصورة كبيرة على كل المخططات والسياسات الإسرائيلية- الغربية في المنطقة، وستدخل المنطقة في مرحلة تاريخية جديدة تهدد بقاء إسرائيل وقدرتها على الاستمرار في السيطرة على ثروات المنطقة، ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش الإيراني وحزب الله والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراتهم الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع طهران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.
مجملاً….إن الحرب القادمة بين إيران والكيان الصهيوني ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حروبها السابقة، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، فالجيش الإيراني لن يفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على مستوى العدة والعديد، لذلك فإن إسرائيل يجب أن تَخرج مهزومة من حربها على إيران وهذه الهزيمة ستصبح حقيقة واقعية، وفي حجم “الهزيمة التاريخية”، لذلك لا بد من التوحد خلف إستراتيجية واضحة وثابتة ودائمة لفضح الإحتلال وعزله ومواجهته بكل أشكال المقاومة سواء كانت عسكرية أو إعلامية أو قضائية إلى أن يزول عن كامل الأرض العربية والمقدسات الفلسطينية.
وأخيراً ربما أستطيع القول إنها معالم المعركة الكبرى وملامح رسم شرق أوسط جديد يصنعه مقاومو لبنان وإيران ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة. وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب إذاً، على إسرائيل العدوانية إعادة النظرة في الرهانات السياسية والعسكرية الخاطئة قبل فوات الأوان.