كان أبو نجم منهمكا بمتابعة برنامج سياسي بعنوان المناورة, مع أن كل رواد المقهى متسمرين أمام شاشة ( LCD) لمتابعة أخبار كلاسيكيو اسبانيا, فقط كان أبو نجم مشدودا للتلفاز القديم الموجود في أقصى المقهى, فقررت ترك أصدقائي الرياضيين, لأنسى هموم مغادرة نيمار لفريقي البرشلوني, واتجهت لأبو نجم العجوز السياسي والمفكر العجيب, لأعرف أخر أخبار حكام الأرض.
بعد التحية والسلام جلست معه, اخذ يحدثني عن ما يشاهد, فقال:
– كنت أظن أن الساسة يملكون دهاء معاوية أو خبث أبو جهل, فتبين أنهم أناس تافهون لأبعد الحدود, وهذا البرنامج فضح احد أصنام الساحة السياسية العفنة.
أخذت رشفة من الشاي “بالهيل” فانا من عشاق الشاي, وكي يزيد تركيزي فالصخب البرشلوني يعم المكان, الحقيقة أن الساسة أو كما يطلق عليهم الشعب (اللصوص أو الدواعر أو السفهاء) يثيرون جدلا مستمر, كيف لمثل هذه الطبقة العفنة ان تستمر بالحكم؟ المهم حاولت ان افهم مغزى كلام العجوز الداهية أبو نجم فقلت له:
– أفصح يا رجل, كيف توصلت الى هذا الاستنتاج؟
– هل تصدق ان احد الساسة, وهو مغرور ويعتقد نفسه جهبذاً يقول ان حزب السلطة “يشور” في أي إنسان يتكلم عنه بسوء!
ضحكت وضحك معي العم أبو نجم حتى دمعت عيوننا, فقلت لأبو نجم:
– قد يقصد ان الذي يسيء الكلام بحق الحزب الحاكم, فانه سيعاقب أو يسجن, كما كان يفعل صدام مع كل من يسيء الكلام بحق حزب البعث.
– هذا وارد, لو صمت السياسي الجهبذ الى حدود الدنيا, لكنه انطلق الى عالم الآخرة, معتبرا ان كل من يتكلم بسوء عن الحزب الحاكم فان الله يعاقبه في الآخرة!
هنا ضحكت كثيرا ولم أتوقف الا مع صخب جمهور برشلونة بخبر نيمار الذي طغى على المقهى, التفتت الى أبو نجم, وهمست في أذنه:
– هل سندخل النار؟ ان نحن انتقدنا الحزب الحاكم أو أطلقنا كلمات قبيحة بحق قادته؟
– نعم يا بني, علينا ان نكفر عن ملايين الذنوب, بسبب السنوات السابقة التي شتمنا بها حزب السلطة!
ضحكنا معا طويلا, كان بحق دليل على سخافة من يحكم في العراق, وتدني مستواهم المعرفي, وكنا قد اتفقنا ان لا نسميهم ساسة بل حمير, وألان يتأكد الاسم على المسمى.