22 ديسمبر، 2024 4:04 ص

من يعطيك نصيحة ليس بالضرورة أن يكون محبا لك أو كارها , بل النصيحة فرض واجب حسب ما جاء بالسنة النبوية , حتى أن الشريعة الإسلامية وسعت دائرتها عندما إختزل الدين كله فيها , جاء في الحديث الشريف  : الدين النصيحة .
بودي قبل أن أدخل  بنصيحتي أروي لك تلك الحادثة السياسية لعل فيها مختصرا لفهم  أوسع  , عندما إنتصرت الثورة البلشفية عام 1917 كان أمام قائدها لينين أكبر تحدي هو كيفية إختزال الزمن لبناء الدولة ( وليس لتفكيكها ونهبها كما صار على يدكم الكريمة ) فجمع الخبراء والعارفين والمخلصيين لعملية النهوض وهو بالمناسبة لم يكن معه مثل  الحشد الكبير من المستشارين الذين عينتهم حبا بهم ولسواد عيونم , كان معه ثلاثة فقط واحد للإعمار وآخر للإقتصاد والثالث لقضايا المجتمع , وعرض عليهم فكرة النهوض وبناء الدولة , وطمعا منهم أن يكونوا عند حسن قبوله لهم كي يحظوا
 بمناصب الإستشارية  بدؤا بالمدح والتطبيل والإفتخار به . بعد أن إنتهوا من ذلك سألهم عن أي لينين تتحدثون هل هناك لينين آخر يمسك بدفة الدولة !؟ لو كنت أملك كل تلك المواصفات ما جئت بكم هنا للإستشارة نحن ليس بمعرض المدح والثناء  .
يا رجل عندما ضَحك لك القدر على غير موعد وجاء بك رئيسا للعراق ثمان سنوات لم تُقصر بكل مرافقه ,  دمرته سياسيا وإجتماعيا وووطنيا ولأنه ما زال واقفا أردت أن تنهيه بالضربة القاضية لأ ربع سنوات أخرى لكن القدر لم يقف معك هذه المرة والحمد لله . فكان المناسب وفق العرف الدولي لتبادل المناصب أن تستريح وتعيد التفكير بنفسك من منظار العقل وتستعيد  ما جرى وتقارن بين عملك وعمل خلفك لعلك تستحي مما سيظهر على السطح  من فساد وخراب , كانت يدك أول المباركين له . إسمع ردود فعل الشعب… إسمع ما تقول وكالات الأنباء … أنظر للعراق الجريح نتيجة إحتوائك للمناصب
 وكأن لا يوجد أحد في البلد ممكن أن يتولاها غيرك … تمعن بتصرفك وأنت على وشك أن تغادر السلطة وتهب ملك الشعب للذين أسقطوك بمديحهم. ومن يدري لعل حبل المشنقة يلتف على رقبتك,  هذا الحبل الذي خنقت به ثلاثين مليون عراقي من أجل هوس وطمع وتصور خاطيء .
أنت ليس الأول من يغادر المنصب ولن تكون الأخير أمامك نتائج إلانتخابات التونسية وكيف فرسا رهان الانتخابات تصرفا بعد ظهور النتائج . اليوم المرزوقي يهنيء السبسي والرجلان كل يقود تحالف متباين وأنت والعبادي من تحالف واحد  وقائمة إنتخالبية واحده ,  لماذا هذا الحقد على الرجال لماذا تفكر بعدوانية تجاههه !؟.
تُرى لو كان من قائمة أخرى ومن تحالف آخر أو حزب أخر , كيف تكون ردود أفعالك !؟ إنظر لرجل من عالم أمريكا الجنوبية  لم يقدم نفسه واعظا ولا رجل دين ولا ولي عصر ولا وكيل إمام ولا إبن حوزة ومرجعية  ولا تقدم  ممثلا لطائفة . رجل لم  يشعر أحد ما في داخله من معتقد ولا حتى دين , لم يسكن قصور الدولة ولم يستحوذ أراضيها بل قاسمها راتبه وزاد على  ذلك حين إحتفظ بعشرة بالمائة من الراتب والمتبقي للفقراء .
 منظمة الشفافية العالمية تفتخر به إنموذجا  , وصحف العالم تتحدث عنه بما يشبه الخيال , وهو يفسر ذلك بقوله : ليس الفقير ذلك الشخص الذي لايجد مالا , وإنما الشخص الذي لا  يكفيه ما يحصل عليه من أموال ويطلب الكثير . لهذا إعتبروه أحد الزعماء  المميزين .  وللمعلومات كان الرجل مكافحا ومناضلا في الأحراش , وليس لاجئا سياسيا , متنقلا من عاصمة بجوازات سفر دبلوماسية ,  بل  ضمن منظمة يسارية , إسمها توبماروس , وبسبب نضاليته وحماسه حكم عليه 14 عاما عاش منها  10 سنوات بسجن انفرادي . يوميا يلقى ببئر عميق إمعانا في تعذيبه , ومع هذا لم يشرع لنفسه ولغيره قانون خدمة جهادية .