23 ديسمبر، 2024 9:13 ص

إنَّ السياسيين جميعاً قد سبقونا بـ(تخلفهم)

إنَّ السياسيين جميعاً قد سبقونا بـ(تخلفهم)

إنّ النضج العقلي ، لم يكن بالضرورة مقترناً بالتعلم والقراءة ، إنما يمتد الى حصيلة تجارب ، وبلورةٍ لمفاهيم فكرية ، قد تتدفق وتجتاز الجانب السطحي للوعي ، لتصل الى فيضٍ من المدارك التي ترتكز على المعارف الحياتية ، وأنماطها الفلسفية ، ولذلك فان الصدمات الفكرية لاتخلو من الآثار الايجابية ، حينما تجعلنا نُعيد النظر بمجريات حركتنا ، فنحصل حينئذ بسببها ، على نقلة نوعية ، تزداد ثراءاً كلما كانت الصدمات قاسية ، فتزدانُ تطلعاتناعنفواناً وتسمو أهدافنا رفعةً وشموخاً ، وقد تُغّير مسار حياتنا كلياً ، فتجعلها تأبى الرضوخ الى صغائر الامور ، لتنظر الى الأفق البعيد الذي قد يعجز الاخرون من إستيعاب أبعاده.
إن بلدنا العراق سيبقى هكذا بل يسوءُ أكثر إذا لم نُعالج بعض الظواهر (المتخلفة) ونقتلع بعض السلبيات ونعيد النظر في بعض القناعات لأنها هي التي تُعتبر موانع من التحرك الى الامام ، والأخطر من ذلك كلهُ أن جهاتاً متنفذة بواجهاتٍ سياسية ودينية واجتماعية هي التي تُحاول الإبقاء على تلك الظواهر والسلبيات والقناعات وتستقتل في تكريس مفاهيمها وترسيخ مضامينها تحقيقاً لمطامعها ومنها إستغلال تلك الحالات (المتخلفة) للوصول الى غاياتهم في إعتلاء المناصب الرفيعة والتغني بالإمتيازات الهائلة والخيالية.
وكانت لنا تجارب في الانتخابات جميعها حينما عزف الذين يمتلكون قدراً من الوعي من المواطنين عن المشاركة فيها ورفعوا شعار (مقاطعون) لعدم إكتمال مقومات العملية الانتخابية وعدم نضوج أركانها ولإدراكهم أن هذه الانتخابات هي لعبة وفصلاً من فصول الضحك والتآمر على المجتمع المغلوب على أمره والتي يجب أن لاتنطلي علينا وأن جميع المرشحين من الأحزاب والكتل والتيارات الذين يتسابقون للفوز بها لايهمّهم غير الحظوة بما طاب لهم من المنافع والمصالح وأنهم لم يفكرو لحظة واحدة بمصلحة الوطن والمواطن ولم يمتلكوا مؤهلات المواطنة السليمة والحرص والإخلاص لإنقاذ العراق وأهله على الرغم من أن بعضهم رفع شعارات واهمة يقول فيها نحن سائرون نحو (وطن حرُ وشعب سعيد)!
وهنا برزت نقطة ثانية وهي وجوب إجتثاث هذه الجهات التي تحاول تكريس وترسيخ الواقع السيء من خلال تحييدنا لدورها الخبيث وسلوكها الانتهازي وكشف حقيقتها وفضح سلوكياتها وطبيعة عقليتها وسطحية تفكيرها لذا يقتضي العمل بمنظور علمي للانقضاض على ترّهاتهم وانتشال المجتمع المغلوب على أمره.
وكلنا يعلم أن السياسة التي أطبقت بظلالها وكاهلها وثقلها علينا هي نتاج لتلك العقليات المُهيمنة وماتبثه من سموم في أذهان الرعية ، فان إنطلقت ذهنية المجتمع المُقيد بالجهالات والخرافات والبدع والاساطير وتحررت من الأراجيف حينها ستجد السياسة نفسها مُلزَمة للرجوع الى الطريق الصحيح وسلوك المسار الصائب فتصحح إتجاهاتها وتمضي نحو الاهداف السليمة من أجل أن يكون هنالك حِراكاً واعياً وهادفاً لتحريك الماء الراكد في عقولنا وضمائرنا ومشاعرنا وإلهاب جذوة الحس الانساني والوطني عند الجميع تبعث فينا يقظة للاسراع في إنتشال المجتمع مما إعتراه من حيفٍ وتقصير وإنقاذ المنظومة الأخلاقية والقيمية مما أصابها من إهمال وتخلف.