رؤية في؛ كتاب الإنهيار ؛ ايما سكاي
كتاب يتخذ مسلك التوثيق والمذكرات في صياغة الأحداث ليعبر عن نشاط المؤلفة وتحركاتها وما صنعته من جُهود بمعية القوات الأمريكية،الرؤية الأخرى في الكتاب هِي الدلالة على إستراتيجية قوات الإحتلال في التعاطي مع الأحداث منذ إحتلال العراق والى فترة انسحابها،لم تكُن هناك نظرة عميقة وذات دلالات في التعاطي مع مختلف الأمور التي قد تصحب الإحتلال او التحرير على حد زعم الإدارة الأمريكية، ولم يكن هناك تخطيط لمواجهة العواقب وكَذَلك التخطيط لإنشاء دولة ذَات طابع مدروس. تقول ايما سكاي (( لاشيء مما حدث في العراق بعد ازاحة صدّام حسين عام ٢٠٠٣ يمكن وصفه بأنه خضع للإعداد والتخطيط المسبق)). لم تكن التجربة التي تقصها المؤلفة تجربة ذات طابع تخطيطي مدروس في بناء نظام ديمقراطي حقيقي،كما ان قوات الإحتلال لم يكونوا علَى بَصِيرَة من أمرهم في دراسة كافة المحددات لتلك التجربة،قوات الإحتلال كانت استراتيجيتها ذات الخطوة الأولى تتوقف على ازالة النّظام ومن بعده تشكيل الحكومة.والعقبة التي واجهتها في تشكيل الحكومة والتداخلات الكثيرة والإفرازات جعلت من الإدارة الأمريكية تغير جزَّء من خططها في التعامل مع الواقع ومتابعة ذَلِك التشكيل، بدأت تغير من طريقة تدخلها والآليات المتّبعة، كان مايعنيها بالدرجة الأساس سحب قواتها ومتابعة الأمور بشكل سطحي او أستشاري،وهل الى هذا الحد هذا تبرير كافي؟! لم تكن موفقة قوات الإحتلال لا في استراتيجيّتها ولافي اهدافها للمساهمة في خلق نظام ديموقراطي.حاولت ان تستمر لأن مابدأت به لايسمح بحل أخر سوى الاستمرار وهذا بحد ذاته استنزاف لطاقات الشعب مع الإبقاء على سياسة المصالح فعّالة، تقول سكاي (( كان لدي الكثير مما يمكن ان اتذكره عن ايام عملي في العراق، لكن ليس من بينها المساهمة في بناء الديمقراطيّة)) وسكاي كانت تعمل كمستشارة سياسية لأعلى الجنرالات الأمريكيين رتبة بالعراق. انها صياغة جديدة للتجربة الأمريكية لما بعد انسحاب قوات الإحتلال هذه الصياغة تبنت اسلوب الفشل بصيغة الإنهيار كما تعبر المؤلفة. كل تلك التجارب التي خاضتها السياسة الأمريكية بالعراق كانت تقابلها ردود فعل شعبيّة او دولية من قبل الدول المتخاصمة معها مما اثر سلبا على طَبِيعَة سير المرحلة بشكل ديموقراطي مع توفر عدم التخطيط،بالإضافة الى اللا جدية في صياغة الشروط الحقيقية لتأسيس ديمقراطيّة فاعلة.تحاول ايما سكاي ان تجد مبرر لسياسة قوات الإحتلال من انهم عملوا مابوسعهم وبذلوا الجهد الكافي كما ان الكتاب يحوي على الكثير من التوثيقات المهمّة. لكنها ما ان تسرد هذه الفعاليات التي كانت تجري وبشكل يومي حتى انها تصطدم بالنَتائِج لتقول (( لقد غادرت العراق بعد عمليات الموجة وانا اشعر بالبهجة،ولكن هذه المرة سأغادر وانا اشعر بالأسى والحزن والخوف على مستقبل العراق.لقد نكثت واشنطن تعهدها للعراقيين بأنها ستدافع عن العمليّة السياسيّة، ووجهت طعنة خِيانة لروح المبدأ الذي قاتلت من أجله القوات الأمريكية)).
كما انها تقول (( لقد تسبب تدخلنا بالكثير من الدمار والموت في العراق وعلينا ان نتعايش مع هذه الحقيقة مابقى لنا من العمر. لكننا نتمنى الأفضل للعراق وان يكون بمستقبل أحسن)).
وهل المستقبل بالتمني ام بالسياسات؟ وها أنتم تعترفون بحجم الإنهيار الذي حصَّل نتيجةً التطلّعات الأحادية الجانب وبسبب الصراع على ارض النار بينكم وبين الخصوم.
ثم كيف ستكون النتائج واستراتيجيتكم الجديدة قائمة على قلع الجذور لانها كانت غير مجدية واستبدالها بجذور بنفس المستوى؟!
كتاب الإنهيار كتاب توثيقي عن فشل تجربة وتَرَك ألشعب تحت جحيم المعاناة والتخبط.لم تكن ولادة ناجحة لهذه التجربة، وكما المعالجات لم تكُن رائدة في معالجة التشوّه الذي حصَّل.
وليس هناك من ثمن يتم دفعه لأي طرف فالكبار يقبضون لا يدفعون…. الشعوب هي فقط من تدفع الأثمان.