أمس إنفجرت سيارات عديدة في بغداد، وربما في محافظات أخرى..وكان من الطبيعي أن يسقط عدد من الضحايا الأبرياء. وأمس الأول إنفجرت أيضاً سيارات أخرى، فسقط عدد من الضحايا الأبرياء كذلك.. وقبل يومين حدث الشيء نفسه في بعض مناطق بغداد.. إنها لعبة القدر الأسود تجاه روعة الحياة.. سيارات وإنفجارات وضحايا أبرياء يسقطون كل يوم .. وقد حدث الأمر ذاته طيلة أيام الأسبوع الماضي، وطيلة أيام الشهر الماضي، وكل أسابيع السنة السابقة، والسنة اللاحقة، وربما بعد سنتين كذلك .. وفيلم السيارات والعبوات والأرواح البريئة التي تزهق بلا ذنب يعرض بنجاح ساحق..
والمشكلة ليست في نجاح عرض هذا الفيلم، ولا في هذه السيارات المجنونة التي تنفجر، أو في عدد الضحايا التي تذهب ارواحها ظلماً، ولا في البنية التحتية التي تتهدم بقسوة، ولا في الأموال التي تهدر (بلا وجع قلب)، ولا في الحياة التي تتعطل أمام أعيننا. نعم فليست هنا المشكلة – رغم كارثية ما يحصل – لأني مؤمن تماماً بأن للحرب مع الإرهاب ثمناً تدفعه الشعوب الحية، والجسورة،، فالعراقيون ليسوا مثل القطريين، أو مثل غيرهم من الذين يدفعون (الأتاوة) للقاعدة، ولخنازير داعش مقابل سلامتهم، وأمان عاصمتهم..!!
أقول ليست هنا المشكلة التي دفعتني للكتابة. إنما المشكلة التي حفزتني بصدق لأن أخصص لها مقالي اليوم تكمن في هذه النفوس الخشنة العكرة التي لاتعرف المعنى الإنساني.. وفي هذه العقلية (الزمال لوغية) الداعشية المتعفنة!! إذ ليس من المعقول أن تخطأ، وتظل مصراً على هذا الخطأ.. وتكرره الف مرة!!
فمن يقوم بعمل دموي خطير، ينتظر نتيجة منه حتماً، وإلاَّ لماذا يقوم بمثل هذا العمل..؟ وإذا لم يحصل على مثل هذه النتيجة في اليوم الأول، فله الحق في أن يكرر عمله هذا لمرتين، وثلاث، بل ولعشر أيضاً.. ثم (يآخذ بعدها بريك)، ليتفحص الأمر، ويتأكد من نتائج عمله للأيام العشرة.. فإذا وجد أن التفجيرات التي قام بها (الداعشي الغبي) قد أثمرت، وتحقق الهدف منها، وإن العدد الكبير من الضحايا التي سقطت قد أعطت نتائجها المطلوبة، وحصل على طموحه، فهذا أمرٌ حسن، وما عليه إلاَّ أن يستمر عليه.. أما إذا كان العكس قد حصل، بمعنى أن تفجيراته، ومفخخاته، وأعداد الضحايا التي تسقط كل يوم لم تنفع، ولن تفيد، بحيث لم تحرك شعرة واحدة من شعر أي مواطن عراقي حتى لو كان طفلاً، فهذا يعني أن عمل ( الغبي الداعشي) غير صحيح، وأن الشعب الذي يفجر فيه، هو شعب عنيد، وصلب، وقوي، وإن يده قوية وعصية على الكسر، أو اللي.. وهنا يتوجب على ( صاحبنا الداعشي الغبي) أن يغير مشروعه، وخططه، بل أن يهدها من الأساس، لأنه يقتل في شعب لا ينتهي عدده، ويضرب فأسه العمياء في شجرة من فولاذ لا تنثلم، وينفخ في قربة مثقوبة من كل الجهات!!
ربما يقول القارئ: وما هو مشروع وهدف هذا الداعشي الذي يريد له أن يتحقق، ولم يتحقق؟
فأقول: أن المعروض علينا من مشروع داعش الكلي، ومن أهدافه المظلمة، هو إرغام الشعب العراقي على الرضوخ لمشروعه الظلامي الأسود لا غير.. ذلك المشروع الذي كتبه المجرمون الإرهابيون بسخرية سوداء، مغمساً بحبر التخلف، والعودة الى زمن الكهوف، والمرسوم بفرشاة الدم .. وليس غير الدم!!
المشكلة في الداعشيين أيها الأخوة تكمن في إنهم أغبياء بإمتياز.. وهم لا يتعظون من (طيحان حظهم)، ولا يتعلمون من تجاربهم الدموية التي تتكرر كل يوم في مدينة الصدر والكاظمية وبغداد الجديدة والبياع والشعلة والكرادة وغيرها من مدن بغداد، ولا يتعلمون من فشلهم في كربلاء والبصرة والنجف والعمارة وبابل وباقي محافظات العراق، ولا من أخطائهم الإنسانية، والأخلاقية التي يرتكبونها كل ساعة بحق اجمل مخلوقات الله .. بحيث لم يسأل أحدهم نفسه، فيقول: وماذا بعد هذه التفجيرات اليومية.. ماذا إستفدنا منها، وماذا حققنا من فعلها.. هل تراجع العراقيون، أم على العكس.. هل رضخ العراقيون أم على العكس.. هل وصلنا الى واحد بالمائة من هدفنا أم العكس؟!
يقولون إنهم بناة دين عظيم، فإذا بمفخخاتهم تفجر أساسات هذا الدين، ويقولون إنهم دعاة رسالة سامية، فإذا بأفعالهم تمسح سطور هذه الرسالة، ويقولون بأنهم على حق فإذا بالحق منهم يتبرأ.. ولعل الأسوأ من كل ذلك، أنهم رسموا للإسلام صورة قبيحة للأسف، ليس في إذهان العالم الأول والثاني، إنما في أذهان العالم الثالث والتاسع أيضاً !!
وللحق، فإن هؤلاء الداعشيين الأغبياء قتلوا كل بذرة رحمة في قلوبنا تجاههم.. وذبحوا كل أمل إنساني لنا بإعادة بعضهم الى جادة الحق – وأقصد العراقيين الجدد منهم – فبتنا نكرههم، وننظر اليهم بعين الحقد والبغض، وها أنا أعترف لكم، وأقول، بأن قلبي اليوم خال من الرحمة تماماً تجاه هؤلاء. وإذا ما وقع أحدهم بيدي، فوالله والله لأمزقنه بأسناني وأظافري!
ختاماً أقول للداعشيين: فجروا ما شئتم، وفخخوا ماشئتم، فلن تكسروا إرادتنا، ولن تركعوا صمودنا، أو تزحزحون – حتى لو في الأحلام – طابوقة واحدة من حجر هذا البناء الحسيني الجميل الذي شُيد في نفوسنا منذ فجر كربلاء الجرح، وطف الحرية الأعظم ..
بقي شيء واحد لم أقله: أيها الداعشيون.. طز فيكم!!